رغم ارتفاع الأسعار وموجة التضخم العاتية التي تجتاح العالم ودعوات الحكومات إلى ضرورة الترشيد في النفقات وفي استهلاك المواد الغذائية، إلا أن شهر رمضان بالنسبة للشعوب العربية هو الاستثناء الذي يصبح القاعدة دوماً كل عام ولا يعترف فيه بالأسعار أو التضخم أو بأي أزمة اقتصادية ويتجاوز نداءات الحكومات بالتقشف والترشيد.
الأرقام هي التي تؤكد هذا الكلام والإحصائيات تكشف حجم النهم والإنفاق للشعوب العربية وبخاصة الشعب المصري -بصفته الأكثر عدداً- على الطعام في شهر رمضان.
أعرف أن هناك شغفاً لحجم الإنفاق على الطعام في شهر رمضان لدى الشعوب العربية.. لكن هناك رقماً آخر أكثر دهشة من رقم الإنفاق وإشارة إلى ضخامته. فإحصاءات دولية وإقليمية تشير إلى أن الفرد الواحد في منطقتنا الحبيبة يهدر حوالي 250 كيلوجراماً من الطعام سنويا ويزداد هذا المعدل بشكل واضح في شهر رمضان...!
هل يكفي ذكر هذا الرقم المثير للاستغراب حتى نعرف حجم وضخامة الإنفاق على الطعام وخاصة في رمضان... ومع ذلك الشكوى لا تتوقف من ارتفاع الأسعار. وهي الحالة التي ينطبق عليها المثل الشعبي المصري: «أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب»
تعالوا على سبيل المثال وليس الحصر نتعرف على آخر الأرقام والإحصاءات في قضية الإنفاق والهدر لدى بعض الشعوب العربية وبشكل خاص في شهر رمضان. فإذا بدأنا من مصر- الدولة العربية الأكثر كثافة بالسكان- فحسب إحصائية العام المضي فالأسر المصرية تنفق على الطعام سنوياً حوالي 200 مليار جنيه منها 15% في رمضان وحده، ومع ذلك حجم الإهدار في الطعام خلال هذا الشهر الكريم يبلغ حوالي 60%.
المفارقة أنه رغم الأوضاع الاقتصادية الصعبة في العالم ومصر، فالبرامج المتخصصة في الطبخ تنتشر بصورة مذهلة في كافة القنوات الفضائية دون مبالاة بالأوضاع المعيشية
إحصاءات أخرى متفرقة من بعض الدول العربية تشير إلى أن حجم كمية الطعام المهدرة في مملكة البحرين تتجاوز 400 طن يومياً وفي دبي ما يقارب حوالي 1850 طناً من الطعام يومياً.
وبحسب بيانات وزارة الزراعة السعودية، فإن السعودية الأولى عالمياً من حيث الهدر الغذائي، حيث تصل قيمة الغذاء المهدر فيها سنويا إلى 13 ملياراً و300 مليون دولار. وهذا الرقم أكثر من الناتج المحلي الإجمالي لدول الصومال وجيبوتي وموريتانيا مجتمعة.
الإمارات تصل قيمة الأغذية المهدرة فيها سنوياً إلى 4 مليارات دولار. وفي الكويت يتم إهدار مليون طن من الأغذية سنوياً، وقطر مليون و400 ألف طن، أما في تونس فتبلغ قيمة الغذاء الملقى في النفايات نحو 9 مليارات دولار.