الأربعاء - 18 ديسمبر 2024
الأربعاء - 18 ديسمبر 2024

الأزمة في أوكرانيا وحرب العملات (1-2)

هل كانت مصادفة أم أنه سيناريو كان مقصوداً والنية مبيتة له؟ ولماذا في هذه الظروف تحديداً؟ فالعالم لا يزال مشغولاً في حربه ومعركته ضد فيروس كورونا المستجد ولم ينتهِ من هذه المعركة بعد، حتى تشتعل معركة أخرى، ولكنها معركة مزدوجة الخفي والباطن فيها ربما يكون هو الأشرس. الحرب في أوكرانيا هي الجانب العسكري في المعركة الاقتصادية الأقوى وهي «حرب العملات«.

التلويح والتهديد الروسي باستبدال الروبل بالدولار ليس بداية لمعركة أو حرب تكسير عظام وسيطرة بين الدولار من جانب والروبل واليوان الصيني من جانب آخر، وإنما هو استمرار لجولاتها المشتعلة منذ اجتماع شنغهاي في أبريل من عام 2020، للدول الأعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون التي تأسست عام 2001، من ثماني دول هي الصين وروسيا والهند وباكستان وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان.

في هذا الاجتماع اتخذت الدول الثماني الأعضاء في منظمة شنغهاي، قراراً باعتماد العملات المحلية والوطنية في التبادل التجاري والاستثمار الثنائي وإصدار سندات، بدلاً من الدولار الأمريكي، بما يعني إنهاء عقود طويلة من الهيمنة الأمريكية على العالم في التجارة والذهب والتعاملات النفطية، وهذا يعني أن الصين الدولة الأكبر والمنافس الحقيقي للاقتصاد الأمريكي قد تقرر التعامل رسمياً والربط باليوان الصيني بدلاً من الدولار، وإلغاء رابط الدولار في تعاملات البورصة، وهو ما يراه الخبراء خطوة جريئة ومهمة في تاريخ الصين الاقتصادي في حال تطبيق القرار سواء في المدى القريب أو البعيد.

هي حرب اقتصادية تقود إلى حرب مدمرة إذا ما تصرفت أمريكا بغير العقل والحكمة

ببساطة، الدولار قد يصبح لا وجود له في تعاملات الأسواق الصينية، وسيهبط بقوة أمام اليوان الصيني وربما سيؤثر عليه في الأسواق العالمية. الذهول من القرار والصدمة الجديدة مع استمرار صدمة كورونا أصابت جميع الأسواق العالمية!

وحتى نعي طبيعة الحرب الجديدة وأطرافها، يكفي أن ننظر إلى أعضاء منظمة شنغهاي وهم الأعداء التقليديون لواشنطن مثل الصين وروسيا وإيران وكازاخستان وبيلاروسيا. القرار كان تاريخياً وجريئاً وخطيراً، في الوقت ذاته.. وبالتأكيد سيعيد خلط أوراق اللعبة السياسية والاقتصادية في العالم وكما توقع خبراء عديدون بأن العالم قبل كورونا ليس هو العالم بعده، فما الحال أيضاً وحرب جديدة قد ارتفعت راياتها ودقت طبولها.

الصين على أبواب قيادة العالم الجديد وهذا حلمها القديم، وما خططت لتحقيقه قبل 20 عاماً أو أكثر، تدرك جيداً أن هذا القرار سوف يثير حفيظة الولايات المتحدة وربما غضبها الشديد. إنها حرب اقتصادية قد تقود العالم إلى حرب مدمرة لا تحمد عقباها إذا ما تصرفت أمريكا بغير العقل والحكمة أمام هذا القرار.

المعركة الآن تبدو أكثر وضوحاً مع دخول روسيا على الخط في «حرب العملات».. لكن كيف ذلك؟