رفع الفيدرالي الأمريكي نسبة الفائدة على الدولار 25 نقطة أساس في اجتماعه الأخير الأسبوع الماضي، لتتوالى بعدها مباشرة تحركات كثير من البنوك المركزية عالمياً، وفي دول الخليج خاصة برفع أسعار الفائدة عندها بالتوازي. يتكرر السؤال ذاته: لماذا تقوم هذه الدول بالرفع المماثل عند كل رفع من الفيدرالي؟ وهل هو قانون دولي أم أنها ضرورة؟
بداية يجب أن نفهم ومن خلال مدخل ربط العملات بالدولار الأمريكي وأسبابه، حتى تتسنى لنا الإجابة.
تقوم الدول عادة بربط عملتها بالدولار الأمريكي بهدف أساسي وهو المحافظة على استقرار اقتصادها من عدة نواحٍ مثل؛ ثقة الاستثمارات الخارجية وعدم حاجتها لأدوات تأمين عند الاستثمار في دولة تعتمد تعويم على العملة، وهنا ندخل في جزئية فرعية، وهي منع المضاربات على عملة البلد وأثرها السلبي عند التعويم، أضف لما سبق المحافظة على نسب التضخم على الواردات في حال انخفاض عملة البلد مقابل الدولار، ومن جهة أخرى المحافظة على التنافسية في الصادرات.
لماذا الدولار تحديداً؟ ببساطة لأنها عملة البلد الأكبر اقتصاداً والأكثر استهلاكاً، كما أن الدولار هو الأكثر استحواذاً على المعاملات التجارية الدولية مما منحه القوة والاستقرار المناسبين.
تقوم الدول عادة بربط عملتها بالدولار الأمريكي بهدف أساسي وهو المحافظة على استقرار اقتصادها
من المناسب مثلا لدولة تعتمد على كثير من الديون الخارجية أن تربط عملتها بالدولار لتجنب ارتفاع تكاليف التسديد عليها في حال تراجعت قيمة عملتها، وينطبق الأمر أيضاً على الدول المصدرة للنفط والمسعر أساساً بالدولار حسب اتفاقية البترودولار، فهي في غنى عن تقلبات العملة، فهل الربط مجرد قرار؟
لكي تتمكن دولة من أخذ قرار الربط يجب أن يتوفر لديها احتياطي دولاري مرتفع لمنع تشكل سوق سوداء، كما يجب أن تتواجد في السوق بشكل مستمر للمحافظة على سعر صرف ثابت من خلال شراء المعروض عند زيادته عن حد معين في السوق أو ضخ كمية مناسبة عند حدوث العكس.
بالعودة لسؤال المقال الأساسي وبعد ما سبق شرحه، لنرى ماذا سيحدث في حال لم ترفع البنوك المركزية فائدتها أسوة بالفيدرالي رغم انخفاض مستوى التضخم لديها مقارنة بالتضخم الأمريكي!
بالدرجة الأولى سيرتفع مستوى تقلب الاقتصادات في هذه الدول، وتبدأ الاستثمارات خاصة ما يسمى الأموال الساخنة بالخروج والتوجه للاستثمار في دول تمنح عوائد أعلى، فمثلاً سينخفض مستوى الطلب على السندات الدولارية في هذه الدول والتي أصبحت تعطي عوائد أقل.
كما سترتفع تكلفة كل من الواردات والديون إضافة للضغط على أسعار النفط، ومن جهة أخرى ورغم ارتفاع ربحية البنوك كنتيجة، إلا أن جاذبية الاقتراض والرهونات نفسها ستقل، مما يعني تباطؤاً في النمو وبطالة أعلى.
بناء على ما سبق يعتبر الموضوع ضرورة بعد عمل موازنة بين إيجابيات وسلبيات الرفع من عدمه.