يروى عن مدربة كرة السلة الأمريكية الأسطورة «بات ساميت» قولها: «البقاء في القمة أصعب من الصعود، واظب دوماً في بحثك عن أهداف جديدة».
لعل المقولة تحفيزية للبعض، إلا أنها واقع ملموس في خدمات دبي الحكومية، عشنا أدق تفصيلاته في الثلاثة عقود ماضية، مع الثورة الإدارية والفكرية التي أحدثها صاحب السمو الحاكم عندما تقلد مسؤولية ولاية عهد الإمارة.
حينها بدأ غرس مفاهيم إدارية لم يعتدها القطاع الحكومي في المنطقة قط، فكان تغيير فكر منتسبي القطاع ليدركوا أن «الحكومة ليست سلطة على الناس، ولكنها سلطة لخدمة الناس»، وكان التركيز على الجودة والتميز عبر شبكة من المتسوقين السريين، ممارسات عديدة لم يشهدها المرء حتى ذلك الحين سوى في حفنة صغيرة من الشركات المتميزة في القطاع الخاص.
فتميزت خدمات دبي بشهادة القاصي والداني، الذي لمس إنسانيتها بدءاً من ابتسامة مأمور جوازاتها في مطار دبي، وأضحى مستوى خدمات قطاعها العام مضرب مثل لكثير من الحكومات، ولم تكتفِ بالإقليمية، بل سعت لمحاكاة أفضل ما هو متواجد في الدنيا، وأخذت تلك المعايير وطبقتها وحسنتها، لتضيف إليها لاحقاً وترتقي بها لمستويات غير معهودة، لكن هل كان هذا الصعود كافٍ لها؟
العارفون بالآلية التي تعمل بها دبي يعلمون أن المُستهدف ممكن، لأن محركها مبني على أسس صلبة
الجواب أتى أمس في اعتماد سمو ولي عهدها لـ«سياسة خدمات 360»، نهج يهدف لتعزيز ريادة الخدمات الحكومية، ويقوم على 8 مبادئ لتوفير أفضل تجربة لكل متعامل مع الحكومة، هي رحلة تيسير تستهدف إلغاء 9 ملايين زيارة من المتعاملين لمراكز الخدمة الحكومية، ما سينتج عنه سنوياً وفورات مالية مقدارها 200 مليون درهم، وتوفير أكثر من 300 ألف ساعة عمل.
الإعلان قد يبدو طموحاً لدى البعض، لكن العارفين بالآلية التي تعمل بها دبي يعلمون أن المُستهدف ممكن، فمحركها مبني على أسس صلبة تمكنه من مواءمة آخر ما وصلت له التقنيات الحديثة، من أجل تحسين أدائه والارتقاء به من جديد لمستويات أكثر تقدماً، الكمال لله وحده.. وهذا مما يترك مجالاً دائماً للتطوير.
لن أخوض في المبادئ الثمان حيث يسهل على المهتمين بها العودة لإعلان الأمس، لكني أتوقف عند المبدأ الـ8، المعنون: «الشراكة مع القطاع الخاص»، الذي يتيح للحكومة تقديم خدماتها أو جزء منها بالشراكة مع القطاع الخاص، معولة على كفاءته العالية لإضافة قيمة للمتعامل مع الحكومة، ومتكاملة معه لإثراء تجارب المدينة إجمالاً.
هو مبدأ مهم يفتح آفاقاً جديدة للقطاع الخاص، أتمنى شخصياً حصره في الشركات الوطنية أو تعاونيات جديدة، لكي نحافظ على أمن بياناتنا ومعلوماتنا، ولئلا تطغى الربحية على المستهدفات الاجتماعية الجليلة.