الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

أسعار القمح إلى أين؟

ارتفع سعر القمح بـ42% خلال أسبوع فقط، مسجلاً أكبر ارتفاع أسبوعي في التاريخ في بورصة شيكاغو للسلع وأعلى مستوى منذ 14 عاماً. السبب في المقام الأول يعود إلى دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الثاني دون أي مؤشرات على تهدئة محتملة بين أطراف النزاع.

برغم أن المواد الغذائية لم تطالها العقوبات الجماعية والمنسقة التي قام ويقوم بها الغرب على روسيا والتي طالت معظم القطاعات المختلفة للاقتصاد الروسي، كالنظام المصرفي والطيران والصناعة وغيره من القطاعات، فإن الأسواق العالمية بدأت تتعامل مع العرض والطلب للقمح وتقوم بتسعيره بفرضية أن القمح الروسي والأوكراني لن يكون متاحاً ضمن المعروض العالمي، وبالرغم من أنه متاح للشراء، فإن المشتري في الأغلب لن يجد سفناً لنقله، وذلك يعود لامتناع شركات التأمين من تغطية السفن التي تريد أن تبحر عبر البحر الأسود ضد حوادث الحرب، ما يجعل شركات الشحن تمتنع عن المخاطرة بحجز شحنات من الموانئ الروسية أو الأوكرانية إلى موانئ العالم.

الجدير بالذكر أن روسيا وأوكرانيا -مجتمعتان- تمثلان 29% من إجمالي الصادرات العالمية للقمح و19% للذرة الشامية الذي يعتبر بديلاً للقمح. أكثر الدول انكشافاً على صادرات القمح من البلدين هي مصر وتركيا والبنغلاديش وإندونيسيا والفلبين، أمّا بالنسبة للذرة الشامية فالصين تأتي في المرتبة الأولى تليها مصر وهولندا وإسبانيا. مخاطر شح الإمداد تعدت الدول وأثرت حتى في المنظمات الإنسانية، حيث صرح مدير برنامج الغذاء العالمي، ديفيد بيزلي، بأن 50% من القمح الذي توزعه المنظمة كمساعدات تأتي من أوكرانيا وروسيا.

من المتوقع ألا تنخفض أسعار المحاصيل كثيراً في الشهور المقبلة لثلاثة أسباب. المنافسة على تأمين أكبر قدر من المخزونات ستجعل الدول المنتجة والمصدرة حريصة على مخزوناتها

بدأت محاولات حثيثة لمستوردي القمح من دول شمال أفريقيا وأهمها مصر -أكبر مستورد للقمح في العالم- لتأمين إمداداتها من مصادر أخرى غير روسيا وأوكرانيا.

أحد الخيارات هي الأرجنتين بسعر 360-365 للطن، بارتفاع 60$ للطن في أسبوع واحد، ومن فرنسا حيث وصل السعر إلى 406 يورو للطن.

من المتوقع ألا تنخفض أسعار المحاصيل كثيراً في الشهور المقبلة لثلاثة أسباب.. المنافسة على تأمين أكبر قدر من المخزونات ستجعل الدول المنتجة والمصدرة حريصة على مخزوناتها، وربما حتى تصل لدرجة منع تصدير السلع الاستراتيجية، ما يعني شحاً إضافياً في المعروض.

ثانياً، حتى إذا زاد المنتجون المساحات المزروعة، فمن المتوقع أن تتضاعف أسعار مدخلات الإنتاج وتحديداً الديزل لارتفاع أسعار النفط والأسمدة لمنع الدول المنتجة تصديرها. روسيا أوقفت تصدير سماد اليوريا مبدئياً حتى أبريل، والصين أوقفت تصدير سماد الفوسفات حتى يونيو. الجدير بالذكر أن البرازيل إحدى أهم الدول المنتجة للمحاصيل الزراعية في العالم تستورد على سبيل المثال 80% من سماد البوتاسيوم الضروري للإنتاج من روسيا.

إذا هدأت الأزمة الروسية الأوكرانية، فيمكن أن نتوقع بعض الارتداد في الأسعار ولكنها ستظل مرتفعة لأن الصدمة في الأسواق المالية تأخذ بعض الوقت لتمحي أثرها، خاصة وأن العامل الجيوسياسي هو الأصعب من ناحية التكهن بنهايته.