قبل 20 عاماً، ظهرت مواقع على الإنترنت سميت بالمدونات وأتاحت للمستخدمين نشر محتوى من إنتاجهم، على بساطة الجملة الآن. لكن وقتها كان المفهوم ثوري، وأصبح لكل شخص في العالم حرية إنتاج ونشر أي محتوى دون رقابة ودون الحاجة إلى ناشر أو وسيط. اتضح فيما بعد، أن المدونات منحت الجمهور قوة موازية للمؤسسات الإعلامية.
مع مرور الوقت، تطور مفهوم التدوين وتطبيقاته وظهرت مواقع التواصل الاجتماعي لتلعب دور الناشر وتصبح أداة لا غنى عنها لصانع المحتوى حيث أتاحت له الوصول المباشر لقاعدة جماهيرية كبيرة، وكانت تلك هي الخطوة الأهم والتي كتبت بداية النهاية لاحتكار المؤسسات الإعلامية على منصات التواصل مع الرأي العام.
وتمر السنوات لتصبح وسائل التواصل أكبر من كونها مجرد منصة لنشر المحتوى والتواصل بين البشر. اليوم أصبحت بديلاً للهاتف في التواصل الصوتي وبديلاً للرسائل البريدية سواء الإلكترونية أو التقليدية وبديلاً لدور العرض السينمائي وبديلاً للقنوات التلفزيونية وبديلاً للصحف والمجلات. من كان يتخيل وصول منصات التواصل لذلك الحجم واستبدالها لكل تلك الوسائط والأدوات؟!
بدأت تقنيات البلوك تشين والعملات المشفرة في دفع كرة الثلج نحو البنوك مثلما فعلت وسائل التواصل والمدونات مع الإعلام قبل سنوات
الأهم أن تلك المواقع حولت القراء إلى مستخدمين قادرين على التواصل بشكل مباشر مع صانع المحتوى دون الحاجة لوسيط، وحولت التواصل إلى طريق ذي اتجاهين بديلاً عن كونهم متلقين فقط لما تنشره وسائل الإعلام.
كانت هناك عشرات المقدمات، ولكن معظم المؤسسات الإعلامية لم تحرك ساكناً لتبني التقنيات الحديثة، حتى أصبحوا اليوم مجبرين على الانصياع لقواعد مواقع التواصل وأساليبها وأصبحت تلك المواقع لا غنى عنها لكل المؤسسات.
اليوم، بدأت تقنيات البلوك تشين والعملات المشفرة في دفع كرة الثلج نحو البنوك مثلما فعلت وسائل التواصل والمدونات مع الإعلام. تقنيات البلوك تشين تتيح التعاملات المالية بين المستخدمين مباشرة بينهم بكل حرية ودون الحاجة إلى وسيط مثل البنوك.
وكذلك تتيح الإيداع والاقتراض مباشرة وبمعدلات فائدة تنافسية عن البنوك وسرعة وأمان لا مثيل لهما ولا تقوى على منافستهما المؤسسات المصرفية التقليدية.
سيستمر حجم كرة الثلج في التضخم مع استمرار نمو وتطور تلك التقنيات واستحواذها على عدد أكبر من المستخدمين والمستثمرين المؤمنين بما يمكن أن تصل إليه. وتبقى الكرة في ملعب البنوك والمؤسسات المصرفية التقليدية، هل تستغل الفرصة وتبدأ في إعادة هيكلة أنشطتها وخدماتها لتصبح قادرة على المنافسة قبل فوات الأوان؟ إن لم يحدث ذلك عاجلاً لا آجلاً، ستتحول البنوك من محتكرة ومسيطرة إلى تابعة عندما تصبح تقنيات البلوك تشين هي أساس التعاملات المالية للمستخدمين حول العالم.