الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

ضريبة الشركات.. أوجه التحفيز

ينقل عن الرئيس الأمريكي بنجامين فرانكلين أنه قال في 1789: «لا شيء مؤكد في هذا العالم سوى الموت والضرائب»، مع يقيننا بالأولى لعلنا لم نستشعر الثانية حتى تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة في 2018، فمع نمو الدولة وتعداد شعبها عبر 5 عقود متعاقبة تعاظمت نفقات حكوماتها الاتحادية والمحلية، ما دفعها لاستحداث موارد مالية جديدة، فكانت ضريبة القيمة المضافة، وكما أعلن الأسبوع الماضي ستكون ضريبة الشركات اعتباراً من منتصف 2023.

معظمنا يرى منطقية القرار ويتفهمه، وإن استشكل علينا فهم منهجية تحديد النسبة، فالممارسة عالمية ودراسة تطبيقها أعلن عنها في 2016، وتاريخنا منذ فجر الإسلام زاخر بنماذج ضريبية عدة، بل حتى تاريخنا الحديث، فكثير قد لا يعلم أن الضريبة كانت مطبقة في دبي مثلاً، إلى أن تسلم الشيخ مكتوم بن حشر مقاليد الحكم في الإمارة، وقام بإلغاء الضرائب في 1894 لاستقطاب التجار وأصحاب المال.

ضريبة الشركات ليست ذات الأثر الأكبر على الاقتصاد، إذ نظرة سريعة للتحصيل الضريبي في الولايات المتحدة، تبين أن ضريبة الشركات شكلت 6.8% فقط من إجمالي الضرائب المحصلة في 2018، بينما كانت حصة الأسد لضريبتي الدخل والأجور، اللتين شكلتا ما نسبته 52.4% و37.6% من مجموع التحصيل، ووزارة المالية الإماراتية أكدت عدم نية تطبيق أي منها، أو حتى دراستها.

ما زلنا في أول الطريق، وكما للضريبة الجديدة جانب جدلي.. فلها أوجه إيجابية جديرة بالترقب

وبالرغم من ارتفاع المصروفات العامة إلا أن موازنات الحكومات تبين عدم وجود ضغوط مالية مُلِحَّة، حيث إن العجز الذي تتضمنه قد لا يذكر، وتسهل تغطيته بالاحتياطيات أو بترشيد النفقات ورفع كفاءتها، لذا يتضح بأن القرار كان أحد دوافعه رغبة الدولة تجنب تصنيفها من ضمن «الملاذات الضريبية»، وهو إدراج سيئ السمعة وسلبي التبعات.

وكون الحاجة ليست الدافع الرئيسي لاستحداث المورد المالي الجديد، يُتَوَقَّع من الحكومات أن توظفه لرفع أداء الاقتصاد وتعزيز جاذبيته، البداية هي عبر إعادة النظر في الرسوم التي تضخمت في العقود الأخيرة، الشركات ستستمر في التوريد للخزائن العامة.. لكن في شكل ضريبة أرباح، حينها ستكون المعادلة أكثر عدلاً للحكومات والشركات.. وحسناً فعلت مالية دبي بإعلانها مراجعة شاملة.

الجانب الآخر هو استخدام الضريبة كأداة توجيه، فأنظمة المجتمعات الضريبة المتقدمة تتيح الاستفادة من الاستقطاعات الضريبية لدفع إنفاق الشركات نحو قطاعات اجتماعية أو اقتصادية محددة، حيث يمكن للشركات أن تختصم نسباً من تبرعاتها للأعمال الخيرية وإنفاقها في البحث والتطوير ومصروفات أخرى من المبالغ الضريبية المستحقة عليها.

الخلاصة هي أننا ما زلنا في أول الطريق، وكما للضريبة جانب جدلي.. فلها أوجه إيجابية جديرة بالترقب.