قبل بضعة أسابيع، كتبت مقالاً تحت عنوان: «تكنولوجيا مكافأة «المستخدم» لا استغلاله»، وحذرت فيه من قرب انتهاء عصر شركات التكنولوجيا بشكلها الحالي، لأن المستخدم يستحق الأفضل ولأن تكنولوجيا البلوك تشين يمكنها أن تمنحه ما يستحق.
وقبل أيام، خسرت الشركة الأم لفيسبوك 195 مليار دولار أمريكي من قيمتها خلال ساعات، بعد إعلان الشركة تقريرها الربع سنوي للأرباح وعدم تحقيقها النسب المتوقعة. كيف حدث ذلك؟ قال المدير المالي للشركة ديفيد وينر في المؤتمر الصحفي: "نعتقد أن تأثير iOS بشكل عام هو رياح معاكسة على أعمالنا في عام 2022، في حدود 10 مليارات دولار".
على الرغم من التصريح الدبلوماسي عن الأزمة بين فيسبوك وأبل ومحاولة مسؤولي فيسبوك إلقاء اللوم على صانعي آيفون، لكن الحقيقة أن الأزمة مع المستخدمين وهم من اختاروا عدم مشاركة بياناتهم مع فيسبوك وتسببوا في تلك الخسارة. شركة أبل قامت فقط بمنح المستخدمين حقاً ديمقراطياً أصيلاً بتقرير المصير.
بدأت الأزمة منذ أكثر من عام عندما أعلنت شركة أبل عن تحديث جديد لنظام تشغيل هواتف آيفون، ويتضمن منح المستخدمين القدرة في منع التطبيقات المختلفة من تعقب ومشاركة بياناتهم التي تستخدمها شركة فيسبوك وتتيحها للمعلنين، وفي المقابل أعلنت شركة فيسبوك معارضتها للخطوة ومارست عدداً من الضغوط على شركة أبل لمنعها من منح المستخدمين حق الاختيار.
تشير التقديرات الأولية إلى أن معظم المستخدمين يرفضون منح تطبيقات مثل فيسبوك صلاحية تتبع أنشطتهم وبياناتهم
تحصل شركة ميتا على نحو 97% من إيراداتها من الإعلانات على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بها. وطبقاً لشبكة لبلومبيرغ، تشير التقديرات الأولية إلى أن معظم المستخدمين يرفضون منح تطبيقات مثل فيسبوك صلاحية تتبع أنشطتهم وبياناتهم، ما يجعل الإعلان المستهدف – مصدر دخل ميتا الرئيسي - أكثر صعوبة.
وبذلك خسرت فيسبوك أكبر استفتاء شعبي في التاريخ، والذي شارك فيه مئات الملايين من المستخدمين حول العالم، وتلك النتيجة تؤكد أن عصر استغلال المستخدم قد انتهى وبدأت رحلة التغيير لعصر جديد له قواعد مختلفة في التعامل بين المستخدم ومقدم الخدمة.
ما هي تلك القواعد التي سيبني عليها العصر الجديد، وما هو دور المستخدم ومقدم الخدمة وهل سيكون هناك وسطاء، وكيف ستساهم تقنيات البلوك تشين في صياغة العقد الاجتماعي للعالم الجديد وفي صناعة نظم أعمال مختلفة تعود بالنفع على الطرفين لا مقدم الخدمة فقط؟ هذا ما سأحاول طرحه في المقالات المقبلة.