الاثنين - 18 نوفمبر 2024
الاثنين - 18 نوفمبر 2024

عندما تحل الخوارزميات محل البنوك



في أغسطس 2018، وخلال نقاش بين عدد من مطوّري شبكة إيثريوم وعدد من رجال الأعمال، أُطلق- ولأول مرة- مصطلح النُّظم المالية اللامركزية «DeFi»، وكان بناء تلك النُّظم حول شبكات البلوك تشين من مجرد حاضنة مشفرة لإرسال واستقبال العملات الرقمية لنُظم مالية متكاملة أشبه بالبنوك، بعد استبدال كل موظفي البنوك وصناع القرار بخوارزميات ذكية مشفرة تحمي الأموال وتنفذ التعاملات المالية من دفع وتحويل وإقراض وإيداع وتسديد فوائد وغيرها خلال ثوانٍ معدودة.

فكرة النظم المالية اللامركزية، نتج عنها مئات التطبيقات التي أصحبت بمثابة بنوك خوارزمية ولها آلاف العملاء من مودعين ومقترضين. المودع يحصل مباشرة على الفائدة التي يدفعها المقترض بشكل لحظي ومتغير. كذلك العائد من الإيداع والادّخار أكبر كثيراً. لسبب بسيط، لا توجد بنوك تقليدية تُحصّل رسوماً كبيرة لتغطية مصاريفها المختلفة، وتلك أحد أهم مميزات النظم المالية اللامركزية، لا وسيط، كلفة منخفضة، عائد كبير، عمليات تتم بسرعة الضوء، وخلال عام 2021، وصل حجم المدخرات المودعة في نظم التمويل اللامركزية إلى 274 مليار دولار.

حجم المدخرات المودعة في نُظم التمويل اللامركزية تصل إلى 274 مليار دولار

كل تلك المميزات جعلت النظم المالية اللامركزية كحلم فائق الجمال، تشعر أنه حقيقة تعيشها، ولكن تنتظر في كل لحظة أن تستيقظ وينتهي، وبالفعل كانت نظم الحماية لعدد من تلك المنصات هي المنبه الذي قضى على ذلك الحلم لبعض المودعين، فخلال عام 2021 وحده، تم استغلال عدد من الثغرات الأمنية في بروتوكولات ومنصات التمويل اللامركزية لسرقة أكثر من 1.3 مليار دولار.


لذلك، لا تزال نظم الحماية والآمان هي التحدي الأكبر لعالم البلوك تشين، والعقبة الرئيسية التي يواجهها لينمو ويتطور، وهو بالفعل ما بدأ في العمل عليه عدد من المنصات لتحويل نظم التمويل اللامركزية من منتج غاية في التعقيد- مستخدموه من أصحاب الخبرة التقنية في عالم البلوك تشين- لمنتج يصلح استخدامه لعامة الناس وخاصة المستخدمين حديثي العهد مع الأسواق المالية، والذين يعتمدون على تطبيقات الهواتف الذكية بشكل كامل، وهو تحدٍّ كبير، خاصة أن التطبيقات اللامركزية ليست عملية أو سهلة الاستخدام عبر الهواتف حالياً.
ولا يزال السؤال الأهم: كيف ستتعامل البنوك التقليدية مع منافسها غير التقليدي والمرن للغاية؟ الوقت وحده سيطلعنا على الإجابة، إن كانت البنوك التقليدية ستتبنى التكنولوجيا الحديثة وتسعى للمنافسة بتطوير هياكل العمل والإدارة والإنفاق وقبل كل ذلك أنظمتها المالية، أم ستبقى تعتمد على احتكار الخدمة وتحارب التكنولوجيا الحديثة.


الجدير بالذكر أن عشرات الصناعات واجهت نفس الأزمة الوجودية من قبل، ومن تأقلم واعتمد على التكنولوجيا الحديثة تقدم ومن حارب التكنولوجيا والتقدم، اختفى.