يقال إن النقد عملية تقويمية تساعد كل مبدع ومتفوق على المزيد من النجاح والتقدم للأمام، وعرف عن النقد أنه مفيد وله فوائد كبيرة لهذا يعده البعض عملية نبيلة إيجابية، وإذا حاولنا استطلاع تعريفه اللغوي سنجده يتلخص في تفحص الشيء والحكم عليه وتمييز الجيد من الرديء.
المشكلة أن النقد له ألوان متعددة كذلك له عدة طرق في الظهور والحضور البعض منها يحمل القسوة ووسطه تمكن محاولة للتحطيم والتهميش وتقليل المنجز، والبعض منه يأتي لكشف العيوب ومعالجة أي خلل أو العثرات. إلا أن من أهم ألوان النقد المؤذية هي تلك التي تحمل ملامح شخصية تستتر خلف غطاء النقد لتمرير رسائل موجعة والتبشير بنتائج فاشلة لأي منجز، ولأن ضعاف النفوس أقل من خدمة الناجحين ولأن وسيلتهم للتعبير عن ضغائنهم وحسدهم هي الكلمات القاسية المحبطة فهم يستحضرون مفهوم النقد على عظم شموخه وبياض نزاهته فيوظفونه لتحقيق مآربهم في الانقضاض على المنجز وصاحبه وتقديم سلة من الكلمات اللاذعة تحت غطاء قيم نقي وهو النقد.
كل مبدع وناجح يجب أن يسعى نحو النقد وينشده في كل تجربة وفي كل مرحلة من مراحل أعماله سواء أكانت هذه الأعمال أدبية على مختلف أنواعها أو كانت فنية على تعدد أصنافها أو إنسانية أو معرفية أو علمية. لكن كيف نستطيع أن نميز النقد القيم الراقي من النقد الهدام المؤذي؟ وللحكم والتفريق فإننا دوماً نلمس في النقد البناء رغبة في الإصلاح والتقويم بمعنى أنه يأتي محملا بالملاحظات والعيوب ولكنه دون تهبيط وتسفيف واستخفاف ثم إنه يقدم بدائل ويوضح نتائج ويحلل، وهنا تمكن فائدته العظيمة، أما النقد الهدام فيظهر من لغته القاسية وتركيزه على العيوب وتضخيمها والتقليل من المنجز أياً كان نوعه أو لونه، ثم إنه يتجرد ويتخلى عن تقديم بدائل وحلول وإذا قدمها فتكون غير موضوعية ولا تتمتع بالدقة والمعقولية. يجب ألّا نغضب من النقد ونحاول أن نفرق بين ما يهدم وما يبني، ونحاول أن نجعل دوماً بجانبنا أصوات ناقدة تهدي العيوب وتقدم النصح، ألم يقل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «رحم الله امرأً أهدى إلي عيوبي». وتذكر دوماً أنه كلما كثر الحديث الناقد الموجه لك فإن هذا دليل على تميزك وتقدمك وأنك تلفت الانتباه، فلو كنت نكرة لما وجهت إليك سهام قاسية تحت ستار النقد، فخذ منه ما يفيدك وانس ما قد يضرك..