2021-01-17
«شكراً كثيراً يا حاتم»، «الله معك يا حاتم».. بهذه الهتافات، وبموسيقى مسلسل التغريبة الفلسطينية شيّع محبُّو الفنان الراحل حاتم علي جثمانه إلى مثواه الأخير.
في جنازة شعبيّة غير رسمية تقاطر المشيعون شباباً وشيباً، فنانين ومثقفين ومن عامة الناس.. بكى الجميع، جميعنا شعرنا بأن شيئاً ما من وجداننا داخل النعش، ويوشك أن يدفن.. إنه الفن الرفيع الذي نشأنا عليه وعايشنا بعضه على تفاوت أعمارنا المختلفة، واليوم يضرب القحط والتصحر مجالنا الفني، ولا يبقى لنا سوى تأبين عظمائه.
كان حاتم علي إحدى الأساطير الحية في شاشتنا العربية، فحين بدأ ممثلنا تقبلنا وجهه الجاد الوسيم، الذي يحيلنا لملامح الشاب العربي (المتربي) والمكافح.
وحين انتقل إلى مجال الإخراج تمكَّن بطريقة سحرية من تحويل قصص صعبة، ونصوص معقدة إلى ملاحم جديدة لم نكن نعيها كما فعل.. تُرى ماذا فعل حاتم علي؟.. لقد جعلنا نتجرع فجائع الموت اليومي مع الزير سالم.. نعايش مرارة الحرب لأكثر من شهر.. نكابد أهوال الثارات والتحالفات التي تحصد الحياة جيلاً بعد جيل.
جعلنا نشهد حقيقة مقولة «الملك عقيم» حين ألقاها أبوجعفر المنصور في مسلسل صقر قريش، حين قتل العباسيون جميع من تحالف معهم لإسقاط الدولة الأموية، وأهمهم أبومسلم الخراساني.
جعلنا حاتم علي مشردين مع المهجرين الفلسطينيين، نفهم ما معنى أن تخسر وطناً، ثم تخسر كل شيء.. حاتم علي كان يقذفنا في عمق تاريخنا المؤلم، لنخرج منه بالأمل الذي تنتهي إليه حتمية الحياة.
في جميع أعماله كنا نجد أنفسنا، في كل المراحل العمرية، وفي كل المواقف الإنسانية، وفي كل الأمنيات والانكسارات والنجاحات.. نحن هناك، في قلب كل معنى يحمله العمل.
حاتم علي من قلائل العشرين عاماً الماضية، الذين جعلوا للفن جمالاً وارتباطاً وتعبيراً حقيقياً عن الإنسان العربي. لقد أعاد بالتحالف مع المبدع وليد سيف هندسة اللغة العربية في المسلسلات التاريخية لتتوهج من جديد، وتصبح لغة سلسة نابضة معبرة بعيدة عن تحجرها المعتاد على الشاشة، كما جعل الصحراء وطننا القديم فقدرناها وأكبرناها، وأعاد الاعتبار للبحر الذي فررنا عبره خوفاً من الظلم والقتل، ورسم الأندلس كما كانت حقاً، فأدركنا فداحة خسارتنا.
يستحق حاتم علي أن نبكيه، لأنه فهمنا، وأدرك أحزاننا، وعرف آمالنا، وتنبأ بخواتيم الأشياء.. نحن نبكي إبداعنا الذي لا يعوض، ورصيدنا الفني الذي ينقص كل يوم مبدعاً.. لك الرحمة يا حاتم بحجم هذه الأمة التي تحتاج إلى الرحمة، كما تحتاج إلى الفن الرفيع.
في جنازة شعبيّة غير رسمية تقاطر المشيعون شباباً وشيباً، فنانين ومثقفين ومن عامة الناس.. بكى الجميع، جميعنا شعرنا بأن شيئاً ما من وجداننا داخل النعش، ويوشك أن يدفن.. إنه الفن الرفيع الذي نشأنا عليه وعايشنا بعضه على تفاوت أعمارنا المختلفة، واليوم يضرب القحط والتصحر مجالنا الفني، ولا يبقى لنا سوى تأبين عظمائه.
كان حاتم علي إحدى الأساطير الحية في شاشتنا العربية، فحين بدأ ممثلنا تقبلنا وجهه الجاد الوسيم، الذي يحيلنا لملامح الشاب العربي (المتربي) والمكافح.
وحين انتقل إلى مجال الإخراج تمكَّن بطريقة سحرية من تحويل قصص صعبة، ونصوص معقدة إلى ملاحم جديدة لم نكن نعيها كما فعل.. تُرى ماذا فعل حاتم علي؟.. لقد جعلنا نتجرع فجائع الموت اليومي مع الزير سالم.. نعايش مرارة الحرب لأكثر من شهر.. نكابد أهوال الثارات والتحالفات التي تحصد الحياة جيلاً بعد جيل.
جعلنا نشهد حقيقة مقولة «الملك عقيم» حين ألقاها أبوجعفر المنصور في مسلسل صقر قريش، حين قتل العباسيون جميع من تحالف معهم لإسقاط الدولة الأموية، وأهمهم أبومسلم الخراساني.
جعلنا حاتم علي مشردين مع المهجرين الفلسطينيين، نفهم ما معنى أن تخسر وطناً، ثم تخسر كل شيء.. حاتم علي كان يقذفنا في عمق تاريخنا المؤلم، لنخرج منه بالأمل الذي تنتهي إليه حتمية الحياة.
في جميع أعماله كنا نجد أنفسنا، في كل المراحل العمرية، وفي كل المواقف الإنسانية، وفي كل الأمنيات والانكسارات والنجاحات.. نحن هناك، في قلب كل معنى يحمله العمل.
حاتم علي من قلائل العشرين عاماً الماضية، الذين جعلوا للفن جمالاً وارتباطاً وتعبيراً حقيقياً عن الإنسان العربي. لقد أعاد بالتحالف مع المبدع وليد سيف هندسة اللغة العربية في المسلسلات التاريخية لتتوهج من جديد، وتصبح لغة سلسة نابضة معبرة بعيدة عن تحجرها المعتاد على الشاشة، كما جعل الصحراء وطننا القديم فقدرناها وأكبرناها، وأعاد الاعتبار للبحر الذي فررنا عبره خوفاً من الظلم والقتل، ورسم الأندلس كما كانت حقاً، فأدركنا فداحة خسارتنا.
يستحق حاتم علي أن نبكيه، لأنه فهمنا، وأدرك أحزاننا، وعرف آمالنا، وتنبأ بخواتيم الأشياء.. نحن نبكي إبداعنا الذي لا يعوض، ورصيدنا الفني الذي ينقص كل يوم مبدعاً.. لك الرحمة يا حاتم بحجم هذه الأمة التي تحتاج إلى الرحمة، كما تحتاج إلى الفن الرفيع.