الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

خرافات في علم النفس

خرافات في علم النفس

عماد أحمد العالم

العديد من الأفكار والقناعات التي ترددها الشعوب دون استثناء هي في الواقع لا صحة لها دون أسانيد علمية تؤكدها، بل على العكس تدحضها الدراسات العلمية الرصينة وتنفي صحتها، فيما تشير إلى ما تحقق على أنه الاستثناء الذي يرجعون أسبابه للتأثير الوهمي، وهو المشابه، إن أردنا استيعاب معناه، لحبة الدواء المصنوعة من السكر أو النشا دون مادة طبية فعالة بها تعطى لشخص متوتر على أنها ستسكن قلقه، فتكون نتيجتها اللحظية إيجابية عليه دون أن يكون فعلياً قد تناول أحد مضادات القلق.
يعود هذا لاقتناع العقل الباطن واللاشعور بمؤثر رغم وهميته، ويتشابه ذلك مع خرافات التفكير الإيجابي في الشفاء من الأمراض المستعصية التي تعج بها المواقع الإلكترونية، وحتى كتب مشهورة جداً بيعت منها ملايين النسخ، تدعو لتعزيز مناعة الجسم عبر تصورات ذهنية وجمل لفظية، يرددها المريض من على شاكلة تخيله لكريات الدم البيضاء في دمه على هيئة فرسان تقوم بالقضاء على الفيروسات أو الميكروبات أو ترديد المريض «سأنتصر على المرض»، جميعها لم تثبت صحتها ولم تستطع أي من الأبحاث الرصينة تأكيد فعاليتها، وما فسرته كسبب لتحسن حالة بعض المرضى أو نجاتهم من أمراض مستعصية، هو فعلياً نجاعة العلاجات المستخدمة في حالاتهم وتجاوب أجسادهم معها، مع مساهمة التفكير الإيجابي في تحسين جودة حياتهم وتغلبهم على حالة التوتر والخوف التي يمرون بها وتمكينهم من الاستمتاع مع تخفيف لحالتهم الشعورية والنفسية والجسدية وتقبل واقعهم.
يبدو أن تجارة الوهم التي أثرت في العديد ومن أبرز المستفيدين منها تجار الدين والدجالين والعرافين ومن يسمون بالوسطاء الروحيين؛ سينضم إليهم تجار من علم النفس الشعبي أبطال برامج تطوير الذات والدورات الخارقة لتحسين القدرات، ومعهم كتاب التنظير الذين يملكون حلولاً لما استعصى على العلم، مروجين لخرافات من على شاكلة تنشيط الجزء الأيمن من الدماغ وقوة العقل الباطن والتلقين والتعلم أثناء النوم، ومبالغين بهالة على أخرى كالتنويم المغناطيسي، ومساعدته في استرجاع الأحداث المفقودة وأجهزة كشف الكذب ومصل الحقيقة والحاسة السادسة، وغيرها من خرافات باتت سلعة شائعة يستغلها غير المتخصصين لبيع الوهم لأشخاص يطمعون في التغيير بدون بذل مجهود يتناسب مع مطالبهم ورغباتهم، ساهم أيضاً في خداعهم بها الفن السابع والتلفزيون ببرامجه المضللة التي يستضيف بها غير المختصين وإعلاميي الإثارة الجماهيرية.