الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

الحراك المجتمعي نحو البناء والتقدم لا الهدم!

طبيعة المجتمعات هي الحراك الإيجابي، هذا الحراك المحمل بالعمل والإنتاج ليصبح كل فرد من أفراده كوحدة إنتاج، وهذه العملية في نهايتها تعني الفائدة للمجموع العام لأنها تثري الوطن وبواسطتها تقوم الصروح الحضارية ويتواصل البناء والرقي على سلم التطور الإنساني. وعلى أثر هذا الحراك يحدث تقافز واضمحلال لكثير من المساوئ والعيوب التي نشاهدها في مجتمعات أخرى أقل حركة وأقل إنتاجية مثل انتشار الشائعات والقيل والقال وتزايد في إعداد الجرائم على مختلف أنواعها وأشكالها وأسبابها فضلاً عن هذا تحدث انهيارات بالغة الخطورة في أحلام الناس وبالتالي تصبح في مهب الريح ويتسرب لهم اليأس والقنوط والإحباط، وهو ما يعني تزايداً في الأمراض النفسية وتالياً الأمراض الجسدية العضوية على مختلف أنواعها. إن عدم الحركة والدينامكية في إنتاج فرص عمل وطرح المزيد من المبادرات وتنويع مخرجات المهام والأعمال وبالتالي تعدد مخرجاتها التي تثري الناس وتفيدهم تعني ببساطة تراجعاً وكساداً كمياه كالمستنقع.

إن الحراك الإيجابي الذي قامت عليها الحضارات والأمم الأكثر سعادة وتقدم والتي أثرت البشرية بالعلوم والمخترعات والمبتكرات.. أما ما نسمعه اليوم من ترديد في عدة مواقع من عالمنا لمفردة الحراك المجتمعي، فهي لا تعدو شعاراً بعيداً كل البعد عن الواقعية لأنه محاولة لزرع بذور الشقاق لتنبت أشواكاً في طريق الإصلاح والهدم لا التعمير والبناء والتراجع لا التقدم. ولن نذهب بعيداً فلدينا في عالمنا العربي عدة شواهد ونماذج لأوطان ترزح اليوم تحت نير التقاتل والحركات الإرهابية فضلاً عن تراجع معرفي واقتصادي وعلمي وتعثر تنموي وانهيار للبنية التحتية وتزايد للبطالة والفقر، ثم يقول الغوغاء، إنه الحراك المجتمعي ظلماً وعدواناً. الحراك في كافة المجتمعات الناهضة بالعلم والقانون هو حركة إيجابية سلسة مرنة وفي نفس الوقت قوية لما سوف تحققه على أرض الواقع من نتائج تصب في مصلحة الناس، تساعدهم على تحقيق أحلامهم وتدفع بهم نحو التميز والرقي ومواصلة السعي دون تردد أو خوف أو عوائق. منذ متى كانت شعارات براقة وخلابة مثل الحراك المجتمعي يتم إسقاطها على عمليات القتل وسفك الدماء وتشريد الناس؟ منذ متى الحراك المجتمعي يعني الفوضى وانعدام السلطة القانونية والأمنية؟ منذ متى كان الحراك المجتمعي يعني تكسير مقدرات الوطن وتحطيم المنجزات والمشاريع من الغوغاء دون رادع أو عقاب؟ نحن بحق نظلم ونتجنى على هذا المفهوم العميق الذي كان دوماً عند إطلاقه يتوجه الذهن نحو الحضارة والإنتاج الإيجابي.