الاحد - 22 ديسمبر 2024
الاحد - 22 ديسمبر 2024

خليجُنا واحد.. دائماً

على مدى أربعة عقود مضت، أثبت مجلس التعاون أنه سيكون هو المجلس الأكثر صموداً أمام التحديات، وبحسب المعطيات السياسية فإن مجلس التعاون سوف يظل صامداً لعقود طويلة، ومن المؤكد أنها سوف تتجاوز العقود العشرة للقرن الحادي والعشرين.

وخلال السنوات الماضية حدث كثير من المشكلات في كيان مجلس التعاون، ولكنها ظلت مشكلات لا تصل إلى الأسس والقواعد التي تكوَّن منها وعليها ومن أجلها مجلس التعاون، لقد حفظت الأجيال الجديدة من حكام دول مجلس التعاون الست القواعد التي بنى عليها الآباء المؤسسون للمجلس تفاهمهم وتعاونهم المشترك.

كانت انطلاقة المجلس في ثمانينات القرن الماضي متوازنة وغير مندفعة، وفضَّل الآباء المؤسسون أن يسير المجلس بوتيرة تطورية هادئة تضمن استمراره، وتبني قاعدة صموده بقوة خالصة، وهذا ما أثبته التاريخ، حيث صمد المجلس أمام الكثير من المنعطفات السياسية التي كان بإمكانها أن تعصف بالمجلس، وتعيد دُوله إلى ما قبل قيام مجلس التعاون، غير أن كثيراً من المشتركات السياسية والاجتماعية والثقافية أسهمت في بقاء المجلس صامداً أمام كل المتغيرات.


والحقيقة أن أحد أسباب بقاء المجلس يعود بشكل مباشر إلى المشتركات التي بنيت عليها دول المجلس، كما أن التوجهات السياسية لدول المجلس كانت متشابهة، فالجميع مشتركون في التحالفات الدولية ونوعيتها واتجاهها حتى قبل إنشاء المجلس.


لم يُبْنَ مجلس التعاون على مثاليات هشة أو طموحات مستحيلة أو شعارات آنية، وإنما بُنِيَ على قواعد تاريخية، هدفها تمرير فكرة التعاون بتدرج عبر الأجيال وتقارب بين الشعوب الخليجية، معززاً بالتقارب الاجتماعي لدول الخليج والامتداد الثقافي، فالبنية الاجتماعية تكاد تكون موحدة من حيث القيم والعادات والتقاليد والدين والارتباط التاريخي، وهذا ما سهّل على هذه المنظومة السياسية بناء التعاون للدول الست التي تفوقت في مشتركاتها التاريخية على أي مشتركات أخرى.

وخلال الأيام الماضية خرج مجلس التعاون من واحدة من أزماته السياسية عندما تمت مقاطعة قطر لمدة ثلاث سنوات، ولكنها عادت إلى الحضن الخليجي، وفتحت مع أخواتها دول الخليج أبواباً للتعاون من جديد بمبادرة قادتها المملكة العربية السعودية الدولة الأكبر خليجياً، ومع أن هذه الأزمة استمرت لثلاث سنوات إلاّ أنها بقيت بعيدة كل البعد عن المساس بالخطوط الحمراء لبقاء ومتانة المجلس كما أراد له الآباء المؤسسون، عندما عُقدت أول قمَّة خليجيَّة على أرض الإمارات العربية المتحدة، وكانت تلك الانطلاقة إيذاناً بقيام المجلس من عاصمة السلام أبوظبي.