2019-08-02
جاء في الحديث عن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي البقاع شر؟ قال: «لا أدري، حتى أسأل جبريل»، فسأل جبريل، فقال: «لا أدري، حتى أسأل ميكائيل، فجاءَ فقالَ خيرُ البقاعِ المساجدُ، وشرُّ البقاعِ الأسواقُ»، والحديث رواه الإمام مسلم وغيره.
لن أناقش هنا حيثيات المساجد والأسواق، ولماذا نُسبت الخيرية للمساجد والعكس للأسواق، خصوصاً أن المُراد بمحبَّة المساجد محبَّةُ ما يقَعُ فيها مِن الناس من الطَّاعاتِ، والمراد ببُغضِ الأَسواقِ بغْضُ ما يقَع فيها مِن بعض الناس من الذُّنوبِ والآثامِ؛ كالحلف الكاذب، والغش، وسوء المعاملة، والصراخ والخصومات وغير ذلك.
إن من أهم ما يدل عليه الحديث السابق، هو توقفه صلى الله عليه وسلم عن الإجابة عن سؤال السائل، كما يدل كذلك على وجوب البحث والعلم والتثبت قبل القيام بالإجابة عن الأسئلة أو المداخلات، ويقول الإمام النووي في كتابه المشهور (آدَاب الفَتْوَى والمُفـتي والمُسْـتـفـتي): «رَوينا عن السلف وفضلاء الخلف من التوقف عن الفتيا أشياء كثيرة معروفة.. عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم: «مَنْ أفتى عن كلِّ ما يسأل فهو مجنون»، وعن الهيثم بن جميل قال: «شهدت مالكاً سُئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري»، وعن مالك أيضاً: «أنه ربما كان يُسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة منها، وكان يقول: من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه، ثم يجيب»، وسُئل عن مسألة فقال: «لا أدري»، فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: «ليس في العلم شيء خفيف».
مسألة التوقف والتريث عن تصدير الإجابات من المسائل المهمة التي يحسن بعالم الشريعة وبغيره من طلاب العلم الشرعي الشريف أن يتخلقوا بها ويلتزموا بها، خصوصاً عند التعرض إلى المسائل الاجتهادية، أو عندما تنعدم وتغيب معرفتهم بالدليل أو اشتباهه عليهم، أو لعدم وضوح الواقع عندهم؛ ولا سيما أن كثيراً من مستجدات العصر الحديث يصعب عزوها وردّها إلى (أبواب الفقه الموروث)، وهذا هو ما يحوج ويجبر الفقيه الشرعي على ضرورة التوقف عن إصدار الجواب المباشر، والقيام بالمزيد من البحث والتأمل العميق، وربما أن يجتهد اجتهاداً جديداً مستقلاً فيؤجر به ويعمل به غيره.
لن أناقش هنا حيثيات المساجد والأسواق، ولماذا نُسبت الخيرية للمساجد والعكس للأسواق، خصوصاً أن المُراد بمحبَّة المساجد محبَّةُ ما يقَعُ فيها مِن الناس من الطَّاعاتِ، والمراد ببُغضِ الأَسواقِ بغْضُ ما يقَع فيها مِن بعض الناس من الذُّنوبِ والآثامِ؛ كالحلف الكاذب، والغش، وسوء المعاملة، والصراخ والخصومات وغير ذلك.
إن من أهم ما يدل عليه الحديث السابق، هو توقفه صلى الله عليه وسلم عن الإجابة عن سؤال السائل، كما يدل كذلك على وجوب البحث والعلم والتثبت قبل القيام بالإجابة عن الأسئلة أو المداخلات، ويقول الإمام النووي في كتابه المشهور (آدَاب الفَتْوَى والمُفـتي والمُسْـتـفـتي): «رَوينا عن السلف وفضلاء الخلف من التوقف عن الفتيا أشياء كثيرة معروفة.. عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم: «مَنْ أفتى عن كلِّ ما يسأل فهو مجنون»، وعن الهيثم بن جميل قال: «شهدت مالكاً سُئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها لا أدري»، وعن مالك أيضاً: «أنه ربما كان يُسأل عن خمسين مسألة فلا يجيب في واحدة منها، وكان يقول: من أجاب في مسألة فينبغي قبل الجواب أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف خلاصه، ثم يجيب»، وسُئل عن مسألة فقال: «لا أدري»، فقيل: هي مسألة خفيفة سهلة، فغضب وقال: «ليس في العلم شيء خفيف».
مسألة التوقف والتريث عن تصدير الإجابات من المسائل المهمة التي يحسن بعالم الشريعة وبغيره من طلاب العلم الشرعي الشريف أن يتخلقوا بها ويلتزموا بها، خصوصاً عند التعرض إلى المسائل الاجتهادية، أو عندما تنعدم وتغيب معرفتهم بالدليل أو اشتباهه عليهم، أو لعدم وضوح الواقع عندهم؛ ولا سيما أن كثيراً من مستجدات العصر الحديث يصعب عزوها وردّها إلى (أبواب الفقه الموروث)، وهذا هو ما يحوج ويجبر الفقيه الشرعي على ضرورة التوقف عن إصدار الجواب المباشر، والقيام بالمزيد من البحث والتأمل العميق، وربما أن يجتهد اجتهاداً جديداً مستقلاً فيؤجر به ويعمل به غيره.