المستثمرون في الحياة

استثمار الحياة في فوائد وتحديات متواصلة ومستمرة تهبنا أياماً تتآزر فيها الإرادة مع الأمل لتبني قمم المعرفة والثقافة، وتستلهم معاني اكتساب السعادة وتستأثر بنشر الحب والسلام الداخلي وبثه في قلوب الجميع، فهو استثمار في الذات والبشر يعي ويراعي المجتمع، وثبات وعزيمة تبشر العقول بحصافة وذكاء ونماء، وتغلف الأفئدة بشجاعة واطمئنان وبهاء، ومن منطلق هذا الاستثمار تتوحد مبادئ جودة الحياة وتتأصل فيها دواعي العمل والعطاء، وتندفع أواصر الخير لتعم الإنسان وكل ما يعين بيئته على التواصل والاهتداء إلى عالم أفضل ومستدام، ثري بالمعرفة ومبهر بالثقة خالٍ من تلوث الجهل وكوارث التحطيم.

الاستثمار في الحياة يضعنا على مفترق طرق، تتقاطع فيه دروب متغايرة بعضها سوي ومنصف يتصف بالجمال والإخلاص، وفيه مسارات متباينة تضعنا خارج إطار المألوف وتضع المتعارف عليه بعيداً عن خانات الجرأة الممتلئة بالإيجابية التي لا تفسد الأخلاق وتتعدى على الأعراف وتهمل ثقافة المبادئ الراسخة، واتجاهات أخرى تتماثل فيها سبل التثبيط وتكثر بها التعرجات وتتهاوى فيها الرغبات، فتصمت النفوس عن الاستمرارية وتعيث فيها أسس الكساد حتى تظمأ من شدة الانطواء والانعزال عن بركة الخير والعمل البناء، وهو توجه قد يسلكه المستثمر في الحياة ليضيء به نفساً كانت متذمرة من كل سعادة وحياة، وينير وجوهاً متجهمة ومكفهرة في نمط البذل والعطاء، فيستثمر الحياة في أفق رحب يتسع لكل محتويات الإصرار والانطلاق، ويبقى المفترق الأخير الذي يسلكه المستثمرون في الحياة، وهو طريق مظلم فارغ من الحقوق والالتزامات والواجبات، تتكدس فيه مشاعر الأسى والخذلان، وتنجرف فيه قيم العدل والإنصاف، فيبهره المستثمر في الحياة بصلابة إرادته وتفاني ذاته فيشعل فيه مسارات متقدة بالاجتهاد، يشيع وتتسع فيه مبادئ الثقة المتبادلة التي تعينه على مواصلة مشوار التميز والنجاح، فالظلم والظلام يكسره مستثمرو الحياة.

الاستثمار في الحياة مشوار طويل يكسب فيه المواظب على منهج نشر الحب للجميع من دون تسويف وزهو ومحاباة تبعثر أركان العطاء، يستثمر في التسامح وإسعاد الحياة ويبادر فيكون للجميع طوق فرح ونجاح ونجاة.

[email protected]