تدعم ارتفاعات أسعار الفائدة هوامش ربحية القطاع المصرفي، فيما تضر بمستويات الإنفاق بشكل عام، ما يرجح أن يكون أثرها سلبياً على الكثير من القطاعات التي ستكون أقل قدرة على تحقيق أرباح، وبالتالي أقل استعداداً لتوزيع أرباح على المساهمين.
وقادت هذه المعادلة مجموعة من المحللين الماليين والمصرفيين، إلى ترجيح أن تكون أسهم القطاع المصرفي أكثر جاذبية من غيرها خلال الفترات المقبلة، فهو القطاع الذي يستطيع أن يستفيد من رفع أسعار الفائدة على عكس أغلب القطاعات الأخرى إن لم تكن جميعها.
وأوضحوا أن الانتقائية لن تكون فقط على نوع القطاع، وإنما بحسب طبيعة كل سهم من حيث مكرر ربحيته ونسبة الارتفاع التي حققها خلال الفترة الماضية، لافتين إلى أن هذه القاعدة لا تخص السوق المحلي فقط بل عموم الأسواق المالية.
الفائدة والإنفاق
وأفاد المصرفي السابق حسين القمزي، بأن ارتفاع أسعار الفائدة يلقي بظلال سلبية في الأغلب على الكثير من القطاعات، ويدفع بالسيولة خارج السوق، ولا شك أن أسواق المال واحدة من المجالات التي تلقت صدمات ارتفاع أسعار الفائدة ولا تزال.
وتابع: «مع ما يمكن أن يصيب مختلف القطاعات جراء رفع أسعار الفائدة، نجد أن القطاع البنكي قد يسلك مساراً مغايراً لشأن تلقي آثار هذه الارتفاعات، فالفائدة هي مصدر دخل للبنوك، وبالتالي فارتفاعاتها تعني ارتفاع هوامش الدخل والأرباح».
وأشار إلى أنه «في حين ستكون العديد من الشركات غير قادرة على منح التوزيعات على الأقل بالمستوى الذي ينشده المساهمون، سيكون القطاع المصرفي من القطاعات الرابحة، وبالتالي القادرة على منح نسب أفضل».
أسهم الاستقرار والنمو
بدوره، أفاد المحلل المالي حسام الحسيني، بأن ارتفاع أسعار الفائدة عصف بأسواق المال العالمية، خصوصاً وأن نسبة الارتفاعات كبيرة مع استمرار مسار الرفع خلال الفترات المقبلة، لافتاً إلى أن السوق بدأ يخصم الارتفاعات وآثارها بشكل مسبق.
وقال: «حدة التراجعات ترتبط بشكل أو بآخر بنسب النمو التي كانت قد شهدتها أسعار الأسهم خلال الفترات السابقة».
وأوضح أن أثر الزيادات التي تشهدها أسعار الفائدة يكون أكبر في أسهم النمو مقارنة بأسهم الاستقرار، التي يعتمد المستثمرون بها على التوزيعات.
وتابع الحسيني: «بطبيعة الحال امتد التأثير العالمي إلى أسواقنا وبالشكل نفسه، لكن بدرجة أقل بكثير، حتى أن نسب التأثر لا تذكر مقارنة بالتراجعات العميقة في البورصات العالمية».
وأشار إلى تراجع شهية المخاطرة، الأمر الذي سيدفع بمستثمرين إلى إعادة هيكلة أوزان محافظهم، وتوجيه سيولتهم بشكل أكثر انتقائية مبتعدين عن أسهم النمو في العموم، لافتاً إلى أن «الذي يمكن أن يستفيد من رفع الفائدة في آخر المطاف هو القطاع المصرفي، وبالتالي سيكون الأداء العام للقطاع إيجابي، الأمر الذي سيدعم موقف أسهم البنوك».
انتقائية الأسهم
وذكر الحسيني أن الانتقائية في اختيار الأسهم لن تكون على أساس نوعية النشاط، فحتى داخل كل قطاع هناك أسهم «قيمة»، وأسهم «نمو».
وأشار إلى أن الأداء سيعتمد على طبيعة كل سهم على حدة ومكررات ربحيته وغير ذلك، لافتاً إلى أن مكررات ربحية بعض البنوك تزيد على 15 أو 20 مرة، فيما تقل لبنوك أخرى عن ذلك، وهي التي ستكون أكثر استهداف.
وبين أن بعض الأسهم استفادت خلال موجة الصعود الماضية بشكل أكبر، وبالتالي فالبنوك التي ستستفيد حالياً هي التي كانت أقل استفادة في السابق.
وفي الوقت ذاته، أفاد الحسيني بأن أسهم بعض القطاعات الخدمية الجديدة، كـ«ديوا» على سبيل المثال، يمكن أن تكون أقل تأثراً من رفع أسعار الفائدة، ما يجعلها ضمن الأسهم المستهدفة عند إعادة تشكيل وبناء المحافظ.
مستفيد وحيد من ناحيته، أكد المحلل المالي طارق قاقيش، أن القطاع المصرفي قد يكون الوحيد الذي يستفيد من المسار الصاعد لأسعار الفائدة على الرغم من أنها قد تضغط على شهية الاقتراض.
وأشار إلى أن رفع نسب الفائدة قد يخفض مستويات النمو في العديد من القطاعات، وبالتالي فربحية مختلف الشركات قد تشهد تراجعات نتيجة مجموعة من العوامل، من ضمنها تراجع نسب السيولة نتيجة رفع الفائدة والتضخم، وسعي المتعاملين لخفض نفقاتهم في سبيل التعامل مع هذا التضخم، لافتاً إلى أن رفع مستويات الفائدة قد يحد من نسب التضخم لكن لن يكون الأثر فورياً.
وبين أن المستثمر سيبحث عن الشركات القادرة على ضخ توزيعات في نهاية المطاف، ومن المرجح أن يكون القطاع البنكي الأقدر على تلبية رغبات المستثمرين من هذه الناحية في الفترة المقبلة.
الفائدة المرتفعة تعزز هامش الربح وفرص التوزيعات للمساهمين توجه السيولة إلى أسهم القطاع المصرفي واصلت أسعار الفائدة بين البنوك في الإمارات «إيبور» مسارها الصاعد خلال مايو المنقضي، على مستوى كل الآجال. وصعدت أسعار «إيبور» لأجل سنة إلى 2.607% نهاية مايو، مقارنة بـ2.494% نهاية أبريل، فيما ارتفعت لأجل 6 أشهر إلى 2.18438% كما في نهاية مايو، مقارنة بنحو 1.93% نهاية أبريل.
وخلال فترة المقارنة ذاتها ارتفعت أسعار الفائدة بين البنوك لأجل 3 أشهر إلى نحو 1.6697% مقارنة بـ1.3334%، كما ارتفعت لأجل شهر واحد إلى 1.15% مقارنة بـ0.8%.
وارتفع سعر «إيبور» لأجل أسبوع إلى نحو 0.938% نهاية مايو، مقارنة بـ0.4389% نهاية أبريل، وخلال فترة المقارنة نفسها ارتفعت ارتفع سعر «إيبور» لأجل ليلة واحدة إلى نحو 0.87%، مقارنة بنحو 0.4%.