تراجع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي في البنوك الكبرى الحكومية والخاصة خلال اليوم الاثنين وذلك للمرة الأولى منذ قرار المركزي خلال اجتماعه الخميس الماضي برفع الفائدة 200 نقطة أساس، أي بنسبة 2% على الإيداع والإقراض.
وفي أكبر بنكين حكوميين مصريين من حيث حجم الأصول والتعاملات، البنك الأهلي المصري وبنك مصر، شهد سعر الدولار ارتفاعاً حيث زاد بالبنك الأهلي بنحو 13 قرشاً بالغاً 18.36 جنيه للشراء، و18.42 جنيه للبيع بعد أن كان بالأمس عند مستوى 18.23 جنية للشراء و18.29 جنيه للبيع.
وفي بنك مصر زاد سعر الدولار أمام الجنيه المصري بنحو 12 قرشاً بالغاً 18.35 جنيه للشراء، و18.41 جنيه للبيع بعد أن كان عند مستوى 18.23 جنيه للشراء و18.29 جنيه للبيع.
وفي البنوك الخاصة، سجل سعر صرف الدولار في البنك التجاري الدولي ارتفاعاً ليرتفع 14 قرشاً ويصبح 18.37جنيه للشراء، و18.43 جنيه للبيع بعد أن كان عند مستوى 18.23 جنيه للشراء و18.29 جنيه للبيع. ووصل سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في مصرف أبوظبي الإسلامي إلى 18.38 شراء و18.44 للبيع بعد أن كان 18.25 جنيه للشراء و18.31 جنيه للبيع.
ووفقاً لبيانات المركزي المصري على موقعه، فقد وصل سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي 18.21 جنيه للشراء، و18.33 جنيه للبيع.
وفي المقابل عالمياً، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات الرئيسية خلال تعاملات يوم الاثنين بحلول الساعة 12:40 ظهراً بتوقيت غرينتش بنسبة 0.94% قرب مستوى 102.2 نقطة.
رأي الخبراء
وبدوره، توقع هاني جنينة الخبير الاقتصادي والمحاضر بالجامعة الأمريكية، أن سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي سيرتفع بنحو 6% ما يقرب من جنيه واحد فقط عن المستويات الحالية حتى نهاية العام، موضحاً أن الأوعية الادخارية الحالية كافية لجذب المستثمرين بعيداً عن المضاربة في سعر الدولار.
وأوضح أن من الأسباب الرئيسية التي أدت لارتفاع الجنيه مقابل الدولار والعملات الأجنبية بالفترة الأخيرة استلام مصر نحو 12 مليار دولار من دول الخليج، إضافة لتأخر البنوك في فتح بعض خطابات الاعتمادات المستندية خلال الفترة الأخيرة مع تطبيق قواعد الاستيراد الجديدة التي أطلقها البنك المركزي في فبراير الماضي، خفض من ضغط المستوردين على طلب الدولار.
وذكر أن من بين تلك الأسباب كذلك تعافي بعض مصادر النقد الأجنبي مثل إيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
ومؤخراً، سجلت إيرادات قناة السويس خلال أول 4 أشهر من العام الجاري زيادة بنحو 361 مليون دولار إلى 2.324 مليار دولار بنسبة 18.4% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
وكانت هيئة قناة السويس أعلنت في بداية الشهر الجاري تسجيل أعلى إيراد شهري في تاريخ القناة بلغ 629 مليون دولار خلال أبريل الماضي.
وسجلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال شهر مارس 2022 نحو 3.3 مليار دولار بمعدل زيادة بلغ 12.8% (على أساس سنوي) مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر مارس 2021. وارتفعت التحويلات بذلك بمعدل 44.4% مقارنة بالشهر السابق مباشرةً فبراير 2022 والتي سجلت خلاله نحو 2.3 مليار دولار.
وسجلت التحويلات بذلك خلال الفترة التراكمية يوليو/ مارس 2021-2022 ارتفاعاً بمعدل 1.1% (على أساس سنوي) لتصل إلى نحو 23.6 مليار دولار.
وأشار هاني جنينة إلى أن من بين أسباب ارتفاع سعر الجنيه في الفترة الأخيرة أن شهادة الادخار مرتفعة العائد بنسبة 18% التي طرحها بنكا الأهلي ومصر مؤخراً لها أثر كبير في خفض الطلب على الدولار بغرض المضاربة.
من جانبه، قال مدير البحوث في شركة المروة لتداول الأوراق المالية، مينا رفيق، إن الأسواق الناشئة شهدت تخارجاً من المؤسسات الأجنبية هو ما أثر على أسعار الصرف وتسبب في ضغوط على معدلات النمو الاقتصادي، وهو ما حدث في مصر، ولذلك كان الاتجاه لصندوق النقد متوقعاً.
وأوضح رفيق، أن الجميع في العالم يعاني ضغوط التضخم ومنها مصر، وكان تخفيض العملة المحلية المصرية أمراً لا بُدَّ منه لتشجيع دخول تدفقات أجنبية مرة أخرى في أذون وسندات الخزانة، وهو ما يؤدي إلى استقرار العملة.
وبدورها أكدت سارة سعادة، محلل أول للاقتصاد الكُلي ببنك الاستثمار «سي آي كابيتال»، أن سعر الصرف يشوبه قدر عالٍ جداً من عدم اليقين، ولا يمكن التنبؤ به، لتداخل عوامل عدة خارج النطاق الاقتصادي تتحكم في مساره ولكن يمكننا القول بشكل عام إنه مرهون بمسار الأوضاع العالمية ونظرة المستثمرين للأسواق الناشئة عموماً.
وذكرت أنه حال خفت حدة التوترات الجيوسياسية وتخوفات الاقتصاد الصيني كذلك، قد تعود بعض التدفقات الدولارية للأسواق الناشئة، وإذا صاحب ذلك تمويل من صندوق النقد الدولي مع الدعم الخليجي قد تهدأ حدة التخوفات المتعلقة بالدولار ومن ثم قد يسترد الجنيه بعضاً من عافيته ولكن سيستغرق الأمر شهوراً، وقد نرى الدولار بعدها في مستويات أعلى الـ17 جنيهاً أو فوق الـ18 جنيهاً بهامش بسيط.
ويوم الخميس الماضي، قرر البنك المركزي المصري رفع الفائدة 200 نقطة أساس، أي بنسبة 2 % على الإيداع والإقراض، وذلك خلال الاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية بالبنك.
ورفعت لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة على الإقراض لأجل ليلة واحدة إلى 12.25% من 10.25 %، وزادت سعر الإيداع لليلة واحدة إلى 11.25% من 9.25%.
وأتي القرار على وقع القرار الأخير للفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة بنسبة نصف بالمائة على الإيداع والإقراض.
وكان طارق عامر، محافظ البنك المركزي المصري، في كلمته الأربعاء الماضي وقبل اجتماع المركزي وتحديداً خلال المؤتمر المصرفي العربي لعام 2022، قال في تصريحات صحفية إن البنك المركزي يتعهد بأن يكون الاستثمار في الجنيه المصري أكثر ربحية عن العملات الأخرى على المدى المتوسط، مضيفاً أن البنك المركزي وافق لبنكي الأهلي ومصر على إصدار شهادة الادخار بنسبة 18% لدعم المواطن المصري.
وكان قد توقع رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، التوصل إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد في غضون شهر، مشيراً إلى أن التحرك بخطوات سريعة وخلال شهور قليلة سيكون البرنامج الجديد قيد التنفيذ، وذلك وفقاً لتصريحات له بمؤتمر صحفي عقده يوم الأحد قبل الماضي.
وأشار رئيس الوزراء المصري إلى أن الأموال الساخنة التي خرجت منذ بداية العام من مصر، تصل إلى 20 مليار دولار، لافتاً إلى أن مصر في المقابل نجحت في الحصول على استثمارات وودائع من دول الخليج بقيمة 12 مليار دولار.
وتجري الحكومة محادثات مع صندوق النقد الدولي منذ شهر مارس بشأن الحصول على برنامج دعم مالي جديد لمساعدتها في التخفيف من تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وبدأت مصر مسيرتها في الاقتراض من صندوق النقد الدولي عام 2016 بحصولها على قرض بنحو 12 مليار دولار لتمويل برنامج للإصلاح الاقتصادي، ونتيجة لتداعيات جائحة فيروس كورونا اضطرت للحصول على قرض بآلية التمويل السريع بقيمة 2.77 مليار دولار، والقرض الثالث بقيمة 5.2 مليار دولار ضمن برنامج الاستعداد الائتماني.
ومصر مؤهلة لكل من البرامج الثلاثة، وفقاً لما صرح به مصدر مطلع على المباحثات لرويترز في مارس.
وقال المصدر إن مصر تجاوزت حصتها من الاقتراض من صندوق النقد الدولي، ما يعني أن أي مساعدة مالية سيجري منحها وفق معايير وصول استثنائية، أي أن مصر ستواجه تدقيقاً أكبر من جانب الصندوق.