انخفض سوق الأسهم العالمية بنسبة 18.7% بنهاية الأسبوع الماضي، بعد أن بلغ ذروته في 3 يناير 2022، وغالباً ما يستدِلُ المستثمرون على السوق الهبوطية بانخفاضٍ بنسبة 20% من الذروة، أي أنَّ الاقتصاد قريبٌ بما يكفي من تلك السوق.
ولكن هل يُنبئ انخفاض سوق الأسهم العالمية بالركود؟ اتَّضح أنَّ هبوط سوق الأسهم مؤشِّرٌ ضعيفٌ على ركودٍ قادم؛ في ما يلي ملخَّصٌ سريع لسوق الأسهم للركود منذ عام 1950، باستخدام انخفاض بنسبة 20% في مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» كمؤشر للركود القادم، وفقاً لمقالة نشرها موقع «بلومبيرغ» مؤخراً.
وبحسب المقالة، لم تنخفض سوق الأوراق المالية بهذا القدر من الذروة في فترات الركود في 1953 أو 1957 أو 1960، حيث تحوَّل سوق الأسهم إلى الهبوط بالتزامن مع فترات الركود عام 1970 و2020، أي لم يوجد أيُّ إنذار مسبق.
وقدَّمت سوق الأوراق المالية إنذاراً مسبقاً قبل شهر واحد من الركود الاقتصادي لعام 2001، في حين تأخرت ثلاثة أشهر في إنذارها بالركود لعام 1973 وثمانية أشهر لعام 2008.. فيما جاءت تحذيرات كاذبة في أعوام 1962 و1977 و1987.
يدلُّ ذلك على أنَّ الهبوط ليس طريقةَ كبار رجال الأعمال لتوقُّع الانكماش الاقتصادي، حيث لا يقتصر ذلك على الهبوط بنسبة 20% عن الذروة، إذ يُظهر الانخفاض بنسبة 10% النتيجة ذاتها. ومثالٌ على ذلك عدم وجود أيِّ تحذير مسبق للركود عام 1980، كما لم يأتِ إنذارٌ في أعوام 1952 و1981 و1990 و2008 و2020. فيما جاء التحذير قبل شهر من ركود عام 1960 وخمسة أشهر قبل ركود عام 2001، في حين حدثت إنذارات كاذبة في أعوام 1962 و1962 و1971 و1984 و1987 و1998 و2018.
فما سبب انخفاض سوق الأسهم إن لم يكن بسبب الركود القادم؟ يمكننا التحليل عبر نموذج خصم أرباح الأسهم، حيث تساوي قيمة السهم أرباح الأسهم المستقبلية المتوقَّعة المخصومة للقيمة الزمنية للنقود. تُعطى القيمة الحالية للأسهم، والمشار إليها بـ(V0)، حيث تشير (D) إلى الأرباح المتوقعة في سنة معيَّنة، في حين تشير (r) إلى سعر الفائدة. تُقلِّل المقسومات، (1+r) المرفوعة للقوة، توزيعات الأرباح لتعكس القيمة الزمنية للنقود.
ما الذي يسبب انخفاض قيمة السهم إذاً؟ لنفترض أنَّ معظم المستثمرين توقَّعوا نموَّ أرباح الأسهم بنسبة 10% سنوياً، ثم أعادوا النَّظر ليتوقعوا نسبة 8%. لا يزال ذلك متَّسقاً مع الاقتصاد المتوسِّع، لكنَّه ليس قوياً مثل التوقُّع السابق، أي أنَّ قيمة السهم ستنخفض.
ربما يكون ارتفاع أسعار الفائدة سبباً آخر لانخفاض سوق الأسهم حتى لو لم يؤثِّر على أرباح الأسهم المستقبلية، فمع ارتفاع أسعار الفائدة، تقلُّ قيمة المال في المستقبل، وبالتالي فإنَّ أسعار الأسهم ستهبط، إضافةً إلى الانخفاض المحتمَل في أرباح الأسهم بسبب ارتفاع أسعار الفائدة.
لا بدَّ من الإشارة إلى سبب آخر للانخفاض، ألا وهو عواطف الناس، حيث يصاب الناس أحياناً بالخوف من الأحداث السياسية أو غيرها من الأخبار. لذا فإنَّ انحدار سوق الأسهم لا يُنبئ بالضرورة بما يحدث في عالم الإنفاق والإنتاج والتوظيف.
ومع ذلك، فمن المؤكد أنَّ الركود محتمل، فأسعار الفائدة آخذة في الارتفاع وتكاليف الطاقة مرتفعة، بالتزامن مع عدم قدرة بعض المستهلكين على مواكبة إنفاقهم بسبب معدَّلات التضخم الأعلى من معدلات نمو الأجور. ولكن لا يزال الاقتصاد ينعم بفائدة الحوافز السابقة، سواء كانت من الإنفاق الحكومي أو السياسة النقدية السهلة.
ويتنبأ البعض بظهور التغيير في السياسة النقدية عام 2023، لكنَّه سيكون تغييراً تدريجياً. من المرجَّح أن يكون الركود عام 2024 أكثر احتمالاً من هذا العام أو العام التالي، ولكن لا يوجد ما يؤكد ذلك حتى الآن. كما أنَّ الفارق الزمني بين تأثيرات السياسة النقدية على تشغيل العمالة يبلغ نحو نصف المدة الزمنية التي يستغرقها إبطاء التضخم.
لذا سيشهد بنك الاحتياطي الفيدرالي في الصيف القادم أنَّه يبطئ نمو الوظائف ولكنه لا يفعل الكثير للحدِّ من التضخم. ولكن يتوقَّع الخبراء مواصلة بنك الاحتياطي الفيدرالي محاربة التضخم، وأما إذا تردد في ذلك، فلن نشهد ركوداً في عام 2024.