قال تقرير أعدته وكالة بلومبيرغ الإخبارية إن الذهب يؤدي دوره التقليدي المنوط به كملاذ آمن في أوقات الحروب والأزمات، ويتدافع الناس من حول العالم على اقتنائه.
وأكد التقرير أن الحرب الروسية على أوكرانيا تسببت في تحليق أسعار كل شيء من النفط والغاز وحتى القمح والمعادن عالياً، ما يشعل شرارة مخاوف التضخم ويهدد النمو العالمي.
وأكد التقرير أن ذلك تسبب في إقبال المستثمرين الأفراد في كل مكان من فيينا إلى سنغافورة وحتى نيويورك على التحصن بالذهب، الذي صعد إلى 2070.44 دولار للأونصة الواحدة، مقترباً من المستوى القياسي الذي بلغه أثناء الجائحة.
وبحسب التقرير، تحول الارتفاع بنسبة 10% في أسعار الذهب منذ بداية العام إلى نعمة بالنسبة لتجار السبائك، مثل رودولف برينر، مؤسس شركة «فيلورو إيديلميتيل»، الذي تستقبل متاجره في الدول الناطقة باللغة الألمانية الآن صفوفاً طويلة من المشترين، وهو اتجاه سيستمر على الأرجح في ظل عدم وجود بوادر على هدوء الصراع.
وقال بيرنر، الذي تضاعفت مبيعاته ثلاث مرات أكثر من المستوى المعتاد: «عندما اندلعت الأزمة في أوكرانيا، شهدنا طلبيات ضخمة، فالناس يشترون الآن كل شيء».
ويؤكد العديد من تجار الذهب حول العالم الرواية ذاتها. وقال جين فورمان، الرئيس التنفيذي لمتجر «إمباير غولد بايرز» في نيويورك، إن 30% من زبائنه، ممن يتداولون السلع المرفهة مثل الساعات والمجوهرات يرغبون الآن في اقتناء السبائك بدلاً من الحصول على سيولة نقدية.
وشهد غريغور غريغرسن، مؤسس شركة "سيلفر بوليون في سنغافورة، ارتفاعاً في مبيعات الذهب والفضة بنسبة 235% في أول أسبوع بعد الغزو الروسي، واستمر الطلب في الزيادة منذ ذلك الحين.
قال غريغرسن: «المستثمرون يفكرون ملياً في السيناريو الأسوأ مع اشتعال الحرب المستعرة في أوكرانيا، ويجدون أنه من الحكمة شراء أصول الملاذ المادي الآمن في مدينة محصنة مثل سنغافورة».
يأتي الارتفاع المدوي بعد عام قوي بالفعل للشراء المادي للمعدن الأصفر، وبصفة خاصة في الدول الغربية. وبلغ الطلب على السبائك والعملات 1124 طناً في 2021، وفقاً لمجلس الذهب العالمي، وهو أعلى مستوى يصل له في عقد كامل تقريباً، كما ساعد هذا على دعم الأسعار في الوقت الذي لم تكن فيه الكيانات الاستثمارية تقبل عليه بالقدر ذاته.
أدى الصخب الحالي حول الاستثمار المادي في الذهب بالفعل إلى دفع علاوات إضافية فوق الأسعار التي يحصل عليها المستثمرون الأفراد، حتى يتمكنوا من شراء المقتنيات المفضلة لهم من المعدن، وهو ما تسبب بدوره في توسيع المكاسب، في إشارة إلى شحها.
ارتفعت العلاوات الإضافية على السعر الأصلي بنحو 25% في شركة سمسرة السبائك المادية «غولدكور»، ومن المتوقع صعودها بصورة أكبر، وفقاً لرئيسها التنفيذي ستيفن فلود.
يرى فلود أن الدافع الأساسي وراء ذلك هو الخوف من العقوبات المالية المفروضة على روسيا، والتي أدت إلى «تسييس وتسليح» نظام المدفوعات. وأضاف: «يجسد هذا خطة الدعم المطلقة للحصول على المعدن في متناول اليد». أردف: «يتطلع كل شخص ووالدته الآن لاقتناء المعادن النفيسة».
لكن التهافت على الشراء ليس الظاهرة الوحيدة التي يتسم بها السوق، حيث يبيع الكثير من الأشخاص سبائكهم وعملاتهم ومجوهراتهم للتجار مجدداً للحصول على السيولة النقدية، والاستفادة من الأسعار التي بلغت مستويات لم يشهدها السوق منذ صيف 2020.
في ذلك الحين، ازدهر النشاط بعد تخفيف قواعد الإغلاق، وتدافع الناس إلى متاجر الذهب للتجارة في الملاذ الآمن.
مع ذلك، ما زال عدد مشتري الذهب يفوق البائعين الآن، وفقاً لأش كوندرا، الذي يدير متجر «جيه بلونديل آند سونز» (J Blundell & Sons)، الواقع في حى هاتون غاردن التاريخي بلندن. ويعزو كوندرا السبب في ذلك إلى البيئة المؤججة بالخوف التي يعيش فيها المستثمرون الأفراد.
اختتم كوندرا: «أشتري حالياً 60% فقط من الذهب مقارنة بالمستوى الذي كنت عليه في 2020... الآن، أبيع أكثر».