يعتقد الكثير من الناس أن اللقاحات هي المنتجات الأكثر ربحية التي تنتج في عالم صناعة الأدوية، لكن التاريخ والأرقام في عالم المال المرتبط بقطاع الأدوية يدحض هذه الاعتقادات.
حقيقة الأمر تكمن في أن أدوية المرضى ممن يعانون من أمراض مزمنة في الواقع قد تكون أكثر ربحية من أي لقاح آخر يؤخذ لمرة واحدة لكي يوفر تأثيراً ذا أمد طويل للإنسان.
لعدة أسباب، منها أن أدوية الأمراض المزمنة يتناولها المريض بشكل يومي أو دوري دون انقطاع نظراً لحاجة الإنسان الدائمة لها؛ ما يجعله يداوم على ابتياعها بشكل مستمر، ما يجعل قطاع الأدوية يستثمر أكثر في العمل على تطوير الأدوية والعقاقير الخاصة بالأمراض المزمنة أكثر من اللقاحات والعلاجات الأخرى التي نادراً ما تحقق له أي منفعة مادية على المدى البعيد.
فبحسب ما ذكرت صحيفة «الإيكونيميست» الاقتصادية، على مر التاريخ فإن اللقاحات كانت غير مربحة لدرجة أن بعض الشركات توقفت عن صنعها تماماً.
فعلى سبيل المثال، في 1967 كان هناك 26 مصنعاً للقاحات في العالم. انخفض هذا الرقم إلى 17 بحلول عام 1980.
ومن بعد 2005، أضحت الحوافز المالية لإنتاج اللقاحات ضعيفة للغاية لدرجة أنه كان هناك قلق متزايد من أن شركات الأدوية تتخلى عن تجارة اللقاحات لبيع علاجات دوائية يومية أكثر ربحية. فبالمقارنة مع الأدوية التي تتطلب جرعات يومية، يتم إعطاء اللقاحات مرة واحدة فقط في السنة أو مدى الحياة. لذا فعشرات شركات التصنيع في قطاع الأدوية دأبت على التركيز على صناعة الأدوية التي تتطلب جرعات يومية من المريض.
تبلغ إجمالي إيرادات شركة «بيغ فارما» الـ40 مليار دولار، من عوائد اللقاحات التي تنتجها الشركة، لكن هذا المبلغ لا يبقى منه إلا 2.2 مليار دولار أمريكي كربح صافٍ. إذ يتم إزالة قيمة النفقات الإدارية ونفقات البحث والتطوير والنفقات التشغيلية الخاصة بعمليات الشركة.
2.2 مليار دولار رقم كبير لكي تربحه شركة إنتاج دواء، لكن ليس لشركة كـ«بيغ فارما» تنفق أضعاف ما تُحصل كربح صافٍ من إنتاج اللقاحات.
وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال، فقط 12% من الأدوية والعقارات الجديدة تحصل على موافقة نهائية للطرح من إدارة الأغذية والأدوية، فغالبية الأدوية التي تدخل لمرحلة التجارب السريرية تفشل، مع أن متوسط القيمة الإنتاجية للدواء، قد تبلغ في بعض الأحيان قرابة 7 مليار دولار، بداية من مرحلة الاكتشاف وصولاً إلى الموافقة التنظيمية النهائية للتوزيع.