شهد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، اليوم في أبوظبي، الإعلان عن شراكة صناعية تكاملية بين دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، من أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في 5 مجالات صناعية واعدة تشمل الزراعة والأغذية والأسمدة، والأدوية، والمنسوجات، والمعادن، والبتروكيماويات.
وفي هذا الإطار تم تخصيص صندوق استثماري تديره شركة «القابضة» (ADQ) بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة في القطاعات المتفق عليها.
وتم توقيع الشراكة بحضور سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، و بشر الخصاونة، رئيس الوزراء الأردني، ومصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، وقام بالتوقيع عليها كل من يوسف الشمالي، وزير الصناعة والتجارة الأردني، وسلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ونيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة المصرية.
وأكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان أن هذه الشراكة تُجسد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، لتعزيز التكامل الصناعي مع الدول العربية وبقية بلدان العالم، من أجل تحقيق نقلة نوعية في القطاع الصناعي ليكون رافعة أساسية للاقتصاد، موضحاً سموه أنّ «الصناعة تُعد العمود الفقري للاقتصادات الكبرى، وكلنا ثقة بأن دولة الإمارات، بما لديها من إمكانات وسياسات فاعلة وإرادة للتطوير وتكنولوجيا متقدمة وبنية تحتية لوجستية متطورة، قادرةٌ على بناء قاعدة اقتصادية صلبة بالاستفادة من التكامل الصناعي بين دول المنطقة».
وأضاف سموه: «تطوير القطاع الصناعي في الدول المشاركة، سيؤدي إلى تمكين التنمية الصناعية في الدول الثلاث، وتنويع الاقتصاد وزيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي، كما أن هذه الشراكة تعكس قدرة دول المنطقة على تعزيز علاقاتها وإطلاق مشاريع وصناعات جديدة في إطار منظومة صناعية تكاملية توفر فرصاً واعدة للأجيال المقبلة».
تكامل المزايا
وتمتلك الدول الثلاث مجموعة من الموارد والمزايا التنافسية الفريدة التي تشمل توفر المواد الأولية والخام، مثل موارد الطاقة في دولة الإمارات، والأراضي الزراعية الخصبة في مصر، والمعادن في كل من مصر والأردن.. كما تتمتع هذه الدول بقدرات قوية في مجال الصناعات الدوائية وإمكانية تنميتها وتوسعتها وزيادة طاقتها الإنتاجية، وقدرات تصنيعية مهمة في مجالات الحديد والألمنيوم والبتروكيماويات والمشتقات.
وتشكل الدول الثلاث 26% من عدد السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يزيد عدد سكانها على 122 مليون نسمة 49% منهم في مرحلة الشباب، ما يعني وجود سوق كبيرة وأيدٍ عاملة فتية.. كما تتميز هذه الدول بوجود بنية تحتية لوجستية متطورة تشمل المطارات والموانئ وممرات النقل الاستراتيجية مثل قناة السويس، إضافة إلى توفر حلول التمويل الذكي وشركات وطنية ذات قدرات متميزة في مجالات التركيز الأساسية للشراكة.
تعاون صناعي تكاملي
من جهته، قال بشر الخصاونة في كلمته في حفل التوقيع إن توقيع الشراكة بين الدول الثلاث يعبر عن شراكة استراتيجية وعلاقات تاريخية بين الدول الثلاث، كما أن هذه الشراكة تؤسس لفرص صناعية كبيرة بين هذه الدول، بما يعزز التكامل، ويحمي سلاسل التوريد، ويؤدي إلى الإحلال، ويعزز التنمية الاقتصادية المستدامة بما ينعكس على أرقام النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وغير ذلك من آفاق.
ووجه الخصاونة شكره إلى قيادة دولة الإمارات، والإمارات على ما تبذله من جهود لتعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي في المنطقة، بما يؤكد عمق العلاقات والتميز في هذه العلاقات، مشيراً إلى اللقاءات على مستوى قيادات هذه الدول، والتنسيق المتواصل على كل المستويات.
وأضاف الخصاونة: «اللقاءات المتواصلة على مستوى القيادات، والتنسيق المستمر، والتوجه إلى تنمية هذه العلاقات، على كل المستويات، بما فيها المستوى السياسي والاقتصادي، يؤكد متانة هذه العلاقات، كما أن الشراكة التي تم الإعلان عنها اليوم، جاءت بوجود إرادة سياسية عليا، ستمنح القطاع الصناعي في هذه الدول المزيد من المرونة والفرص، وأود هنا أن أشير إلى القطاع الصناعي في الأردن، الذي يعد جاذباً للاستثمارات، ويساهم بـ24% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظف 21% من العمالة، وتصل صناعات الأردن المصدرة إلى دول كثيرة في العالم، في ظل قوانين وتشريعات داعمة للصناعة، حيث نحرص في الأردن على عقد الاتفاقات الثنائية، والاستراتيجية، مع دول العالم، من أجل تفعيل العلاقات، بين الدول، وتسريع وتيرة التبادل التجاري، والعلاقات مع دول العالم، خصوصاً، بعد عبور العالم أزمات كبرى مثل جائحة كورونا، ثم بدء التعافي الاقتصادي، رغم وجود المزيد من التحديات التي نراها في مواقع عدة في هذا العالم».
بدوره، توجه مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، بالشكر والتقدير لقيادات الدول الثلاث على التعاون في هذه الشراكة الصناعية التكاملية للتنمية الاقتصادية المستدامة، التي تأتي تجسيداً لعمق العلاقات بين هذه الدول، مؤكداً أن دعم القيادة السياسية في الدول الثلاث أسهم في فاعلية المشاورات والمناقشات بين المعنيين والمتخصصين، وأثمر عن توقيع هذه الاتفاقات المهمة لدولنا وشعوبها.
وقال: «إن أزمة جائحة كورونا، وما أعقبها من الأزمة الروسية - الأوكرانية، كشفتا بما لا يدع مجالاً للشك، عن ضرورة التكامل بين دولنا العربية، بما يسهم في تحقيق مصالح شعوبنا، في مصر والإمارات والأردن، وهو ما يمكن أن يصبح نواة قوية لتعاون أشمل بين دولنا العربية».
وشدد دولة مصطفى مدبولي على أن الظروف الراهنة إقليمياً ودولياً تُحتم على الدول العربية ضرورة تعظيم فرص التعاون والتكامل بينها، كون كل دولة تمتلك ميزة تنافسية، ولديها إمكاناتها، بما يؤدي إلى تعظيم هذه الميزات، والإمكانات عبر التكامل المشترك بين هذه الدول.
وأضاف: «هذه المشروعات التي تم التوافق بشأنها ستخلق قيمة مضافة للدول الثلاث، وسيكون لها أثر إيجابي على الأمن القومي، وتعميق الصناعة المحلية، وأنشطة سلاسل الإمداد، وسوف تكون هناك متابعة مستمرة لمراحل تنفيذ هذه المشروعات، وتيسير الإجراءات، وتذليل العقبات، فهدفنا جميعاً هو سرعة جني ثمار هذه المشروعات واستفادة شعوبنا بها، خاصة أن المرحلة الأولى منها، تحقق فوائد كثيرة، من ناحية الأمن الغذائي، والأمن الدوائي، كما أن لهذه المشروعات فوائد كبرى أيضاً في جذب الاستثمار الأجنبي، وتوفير فرص العمل لشبابنا».
وفي كلمته بمناسبة توقيع الشراكة، قال سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة: «تماشياً مع توجيه سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، بمد وتعزيز جسور التعاون مع شركائنا للاستفادة من فرص التكامل وتحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات، تركز وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة على الاستمرار في بناء الشراكات وتعزيز التعاون في القطاع الصناعي، وبذل أقصى الجهود لتطويره وتمكينه لتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وتنويع الاقتصاد».
وأضاف: «نُوجه دعوة مفتوحة لأشقائنا وشركائنا لدعم هذه الشراكة من خلال تشجيع مشاركة القطاع الخاص، وتحفيز تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة، وتوفير حلول التمويل الذكي، وفتح الأسواق لتشجيع نمو القطاع الصناعي في هذه الدول وغيرها».
وتابع: «تماشياً مع التوجيهات السامية لسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وبهدف تسريع تحقيق أهداف هذه الشراكة بيننا، تم تخصيص صندوق استثماري تديره «القابضة» (ADQ) وبقيمة مبدئية قدرها 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع المنبثقة عن هذه الشراكة في الخمسة القطاعات المتفق عليها.. وكلنا ثقة بأن المبادرات والمشاريع المشتركة ستسهم في توثيق علاقات الأخوة والتعاون مع الأشقاء في كل من المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية، كما تنسجم مع أهداف مبادئ الـ50 التي أعلنتها دولة الإمارات نحو بناء مستقبل أفضل من خلال تطوير شراكات اقتصادية متميزة كإحدى أهم أولويات قيادة وحكومة دولة الإمارات، وسوف تسهم هذه الشراكة الصناعية التكاملية في تنويع الاقتصاد وتعزيز نموه في دولنا من خلال زيادة القيمة المضافة للمنتجات الصناعية، خاصةً في المجالات ذات الأولوية، مثل البتروكيماويات، والأدوية، والزراعة والأغذية، وغيرها.. ومن خلال التكامل بين الخبرات والموارد، سنكون قادرين على إضافة قيمة صناعية وخفض كلف الإنتاج، وخلق المزيد من فرص العمل، وتحقيق الخير للجميع».
وتابع: «هذه الشراكة تعكس حرصنا جميعاً على بناء شراكات تنموية بنّاءة، تعزز اقتصاداتنا الوطنية، وتسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة، وتدعم تبادل الخبرات، وتعمق التكامل بين المزايا الفريدة لكل من الدول المشاركة، وتعزز التقدم نحو الاكتفاء الذاتي، وتعزيز الأمن الغذائي والصحي، وتكامل سلاسل القيمة، وتطوير المزيد من المشاريع الصناعية المشتركة».
من جانبه، قال محمد حسن السويدي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لـ«القابضة» (ADQ): «تماشياً مع توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، تم تخصيص صندوق استثماري يدار من قبل «القابضة» (ADQ) بمقدار 10 مليارات دولار للاستثمار في المشاريع الأساسية لتمكين الشراكة في القطاعات المتفق عليها ولتعزيز البنية التحتية لاقتصادات الدول الثلاث».
وأضاف: «تخصيص هذا الصندوق يؤكد التزام «القابضة» (ADQ)، بالاستثمار الصناعي، مباشرة أو من خلال محفظة شركاتها، لتعزيز وتمكين عملية التكامل، وذلك من أجل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، تعود بالنفع على الدول المشاركة وشعوبها، وبما يتماشى مع حرصنا الراسخ على ترسيخ مكانة دولة الإمارات، وإمارة أبوظبي كوجهة عالمية رائدة للمستثمرين والشركاء في مختلف القطاعات الحيوية وفي مقدمتها قطاع الصناعة».
وتابع السويدي: «إن «القابضة» (ADQ) لديها رغبة في ضخ المزيد من الاستثمارات في البنية التحتية، وتحديداً في المجالات الصناعية التي تم التوافق عليها ضمن الاتفاقية، وهي مجالات حيوية ومهمة على صعيد التكامل، بما يؤدي إلى تمكين القطاع الصناعي، وزيادة مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول والتي لها أثر كبير في التنمية وتنويع الاقتصاد لهذه الدول، وخلق الفرص لشعوبها، وذلك خلال السنوات القليلة المقبلة».
شراكات صناعية إقليمية وعالمية
وتعد «الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة» بين المملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية، نموذجاً لالتزام دولة الإمارات بعقد شراكات نوعية إقليمياً وعالمياً، تماشياً مع رؤيتها بتعزيز دور القطاع الصناعي، وربطه بالتكنولوجيا المتقدمة، والاستفادة من المزايا التنافسية والممكّنات التي توفرها كل دولة، بما يجعل الإمارات وجهة عالمية رائدة لصناعات المستقبل ومركزاً يستقطب أبرز الصناعات، ويجعل من الدولة منصة انطلاق للمستثمرين الصناعيين نحو الأسواق العالمية مستفيدةً من الخدمات اللوجستية والبنية التحتية المتطورة وشبكات النقل الحديثة وتوفر المواد الخام والبنية التحتية، وبما يضمن المرونة في سلاسل التوريد، ويحفز النمو الاقتصادي المستدام، ويعزز الصناعات ذات القيمة المضافة، ويزيد تنافسيتها العالمية.
كما تجسد هذه الشراكة عمق العلاقات الأخوية الوثيقة بين الدول الثلاث والرؤية المشتركة والثقة المتبادلة.. وتعد الشراكة منصة للتعاون في المستقبل، وتستند إلى أهمية التكامل وتعزيز الانفتاح وتطوير القطاع الصناعي، وتبادل المنافع الاقتصادية، والاستفادة من الموارد البشرية والخبرات من خلال إقامة مشاريع صناعية كبيرة مشتركة في أكثر من دولة، ما يوفر فرص عمل جديدة، ويساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتنويع الاقتصاد في كل دولة، ويدعم الإنتاج الصناعي وزيادة الصادرات.
5 مجالات رئيسية
الزراعة والأغذية والأسمدة
يشكل الأمن الغذائي هدفاً رئيسياً لهذه الشراكة، حيث تمتلك الدول المشاركة جميع العناصر الرئيسية في سلاسل القيمة الغذائية لتوسيع نطاق الاستثمار في إنتاج الأسمدة والحبوب والمنتجات الحيوانية والقدرة على إنتاج الغذاء.. وتتمتع الإمارات ومصر والأردن بمجموعة من الموارد الطبيعية المنافسة عالمياً على صعيد الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة والموارد المعدنية، وذلك لإنتاج المواد الأساسية من أجل تنمية مستدامة.. وتحظى مصر بمكانة ريادية عالمية باعتبارها دولة بارزة في إنتاج ومعالجة الأغذية والعمليات الزراعية التي تلبي الاحتياجات المتزايدة لشعوب البلدان الثلاثة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأردن الذي يتمتع بتنوع المناطق الزراعية المناخية الحيوية والبيئية وتعدد المنتجات الزراعية ذات المواصفات الفنية العالية بفضل تطبيق تكنولوجيا الإنتاج الحديثة.. وسيتم تسخير التقنيات المبتكرة ومكونات الأسمدة ومنتجات البلاستيك الأساسية التي تتوفر في الإمارات في مجالات الزراعة والري، حيث شهد هذا القطاع الحيوي مؤخراً العديد من المعاملات عبر الحدود التي تعكس قوته وتأثيره.
وتقدر مساهمة المنتجات الزراعية والأغذية في الناتج المحلي في الدول الثلاث بـ52 مليار دولار في 2019، مع معدل نمو بمقدار 11% سنوياً.. ووصلت قيمة الواردات من القمح والأعلاف والفاكهة والخضراوات واللحوم والأسماك إلى 37 مليار دولار في 2019.. وهناك فرص لمشاريع واعدة لزيادة إنتاج الأسمدة والزراعة خاصة القمح والذرة وإنتاج الأعلاف لتلبية احتياجات النمو في قطاعات الألبان واللحوم والدواجن وتصنيع الأغذية والتغليف الغذائي، حيث تصل قيمة واردات القمح والذرة للدول الثلاث إلى 5.8 مليار دولار سنوياً (21 مليون طن) ما يشكل فرصة كبيرة لزيادة إنتاج القمح والذرة من 16.5 مليون طن إلى حوالي 30 مليون طن سنوياً لتلبية الطلب، وتصل قيمة واردات اللحوم والأسماك إلى 4.9 مليار دولار (1.8 مليون طن).
كما تمتلك الدول الثلاث إمكانات عالية في إنتاج الأسمدة تقدر بـ7.6 مليون طن سنوياً، ما يهيئ لإنشاء مشاريع توسعية في إنتاج الأسمدة لتلبية الطلب المتزايد.
الأدوية
تعد الأردن والإمارات ومصر من أكبر مراكز الصناعات الدوائية في المنطقة، حيث تمتلك مجتمعة أكبر مراكز التصنيع في المنطقة، إذ تتعدى 200 مصنع للأدوية بقيمة صادرات تفوق المليار دولار إلى 90 دولة، وتقدر قيمة سوق الأدوية في هذه الدول بـ9 مليارات دولار وبمعدل نمو 7% سنوياً، ووصلت قيمة سوق واردات الأدوية إلى 5 مليارات دولار في 2019.
ويتميز هذا القطاع بتوفر العمالة الماهرة ومواصفات الابتكار والمعايير التنظيمية والإنتاجية العالية.. وتتيح الشراكة الاستفادة من المدخلات الكيميائية في الإمارات وقدراتها التصنيعية ومرافقها الحديثة للتخزين والتوزيع، وكذلك الاستفادة من خطط مصر لإنشاء أكبر مركز لتصنيع الأدوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى حجم السوق المصري الكبير وإمكانية الاستفادة من مجموعة كبيرة من الأطباء والصيادلة والمهندسين والفنيين المدربين.. وتمتلك الأردن خبرة واسعة في تصنيع الجزيئات الصغيرة والانتشار العالمي لمنتجاتها الدوائية وقدرتها التنافسية، إذ وصلت المنتجات الأردنية إلى 90 دولة في أنحاء العالم.. وتسعى الشراكة كذلك إلى الاستفادة من التطور المتزايد للإمارات في قطاع الأدوية، حيث تصل صادراتها من الدواء إلى 48 دولة.
وهناك فرص لمشاريع في الأدوية تقدر بحوالي 5 مليارات دولار، خاصة في مجال إنتاج الأدوية البديلة وتصنيع المكونات الفعالة للأدوية (المواد الخام).
الألبسة والمنسوجات
تتجاوز مساهمة صناعة النسيج في الناتج المحلي في الأردن والإمارات ومصر 5 مليارات دولار.. كما تقوم هذه الدول مجتمعة بتزويد بعض من أكبر العلامات التجارية العالمية بأقمشة وألبسة عالية الجودة.. وتتمتع الدول الثلاث بنقاط قوة بارزة في سلسلة القيمة من شأنها أن تخلق فرصاً اقتصادية مجدية.. ويوجد في مصر قطاع نسيج متكامل، إضافة إلى المهارات المتوفرة والكلف التنافسية لليد العاملة، ومنشآت متقدمة لصناعة النسيج والملابس، إلى جانب موقعها الاستراتيجي، وقد تجاوزت صادراتها من الأقمشة والملابس 300 ألف طن سنوياً.
ومن جهتها، تحظى الأردن بقطاع تنافسي يركز على المنتج النهائي والتصدير، مستفيدة بذلك من اتفاقات التجارة الحرة التي وقعتها مع دول مختلفة من بينها الولايات المتحدة.. كما تتمتع الإمارات بقدرة مميزة على توفير مواد خام للمنسوجات بأسعار تنافسية لدعم توسيع صناعة النسيج في مصر والأردن، ومجموعة من الأسواق الكبيرة القريبة مثل الهند التي وقعت معها اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة.
وتصل قيمة واردات الألبسة والمنسوجات للدول الثلاث إلى حوالي 9 مليارات دولار سنوياً، ما يتيح فرصاً كبيرة لمشاريع جديدة، خاصة في صناعة البوليستر، الذي تصل قيمة وارداته إلى أكثر من 600 مليون دولار، وما يتبع ذلك في صناعة الألبسة.
البتروكيماويات
وتشكل المواد البتروكيماوية عوامل تمكين رئيسية لقطاعات الزراعة والأغذية والأسمدة والنسيج والأدوية وغيرها.. وتجاوزت مساهمة صناعة البتروكيماويات في الناتج المحلي في عام 2019 في الإمارات ومصر والأردن مجتمعة 16 مليار دولار، وتمتلك الدول مصادر طاقة متنوعة، خاصة من الغاز الطبيعي والتي تقدر بحوالي 278 تريليون قدم مكعبة، إضافة إلى إمكانات متطورة في مجال إنتاج البتروكيماويات والمشتقات والتي تقدر بحوالي 20 مليون طن في السنة، ما يمهد لمشاريع توسعية في قطاع البتروكيماويات والصناعات التحويلية تقدر بـ21 مليار دولار.
المعادن
تمتلك الدول الثلاث مصادر وفيرة من المعادن التي سيكون لها مساهمة مهمة في المنتجات ذات القيمة المضافة.. وتقدر قيمة سوق الحديد والمعادن والألمنيوم والصلب في الدول الثلاث بـ13 مليار دولار وبمعدل نمو سنوي يصل إلى 2%.
وتمتلك الأردن ومصر احتياطات كبيرة من السيليكا عالية الجودة التي تشكل مادة أساسية للعديد من الصناعات التحويلية، مثل مواد البناء والمنتجات المنزلية، وتوفر منصة مستقبلية للنظر في الصناعات ذات القيمة المضافة الأعلى.
من ناحيتها، تعد الإمارات من أكبر خمس دول منتجة للألمنيوم في العالم، حيث تستفيد من إمكانية وصولها إلى خام البوكسيت، والطاقة التنافسية والمستدامة، والتكنولوجيا الرائدة.. وتمثل المنتجات التي تعتمد على الألمنيوم فرصة مهمة للنمو والتوسع ودعم قطاعات السيارات والبناء سريعة النمو.
وهناك فرص في قطاع المعادن (ألمنيوم وحديد وسيليكا وبوتاس) لمشاريع بقيمة 23 مليار دولار من خلال استخدام هذه المواد لتصنيع منتجات ذات قيمة أعلى مثل الزجاج والأسلاك الكهربائية ومكونات السيارات وألواح الطاقة الشمسية والرقائق الإلكترونية الدقيقة.
لجنة عليا ولجنة تنفيذية
وسيتم بموجب الشراكة، إنشاء لجنة عليا ثلاثية برئاسة وزراء الصناعة، تتبعها لجنة تنفيذية مكونة من وكلاء الوزارات وممثلي الجهات والقطاعات المعنية.. وستعمل اللجنة مع القطاع الخاص على تسريع وتيرة الفرص ذات الجدوى الاقتصادية، وستحدد الجهات المشاركة ومسارات العمل المطلوبة لتحقيق أهداف هذه الشراكات.. وسوف تتولى اللجنة أيضاً مراجعة التقدم المحقق وتسهيل التعاون والإشراف عليه والنظر في قطاعات ومشاريع إضافية، للشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، وستعمل على تسريع وتيرة الفرص ذات الجدوى الاقتصادية، والتنسيق لمجموعة المشاركين من القطاع الخاص ومسارات العمل المطلوبة لتحقيق أهداف هذه الشراكات.
الشراكة تُبنى على التعاون القائم حالياً
وتتسم العلاقات التعاونية على الصعيد الاقتصادي بين البلدان الثلاثة بأهمية كبرى، ومن الأمثلة على ذلك استثمار شركة القابضة (ADQ) الإماراتية في شركتَي MOPCO (266 مليون دولار) وأبوقير للأسمدة (391 مليون دولار) المصريتين، واستثمرت (ADQ) كذلك في البنك التجاري الدولي في مصر بقيمة 987 مليون دولار، وفي شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع (186 مليون دولار) بهدف تطوير نظام النقل النهري وإنشاء الموانئ.
وتتجاوز استثمارات الإمارات في الأردن 17 مليار دولار في البنية التحتية والنقل والسياحة والزراعة والصناعة والطاقة المتجددة، ويبلغ الاستثمار الأردني في الإمارات العربية المتحدة مليارَي دولار، معظمه في قطاع العقارات، كما يوجد برنامج اقتصادي وتجاري واستثماري مشترك بين الإمارات والأردن يضم حاضنات الأعمال والتبادل التجاري غير النفطي والمشاريع الاستثمارية والمشاريع المشتركة في التكنولوجيا المالية والصحة والزراعة.
صادرات صناعية أساسية
تتركز أهم الصادرات الأردنية في الفوسفات، والأسمدة البوتاسية، والأدوية، والمعادن، وتشمل الصادرات الإماراتية النفط والغاز، والبلاستيك، والمطاط، والمواد الغذائية، والصناعات الكيماوية، والصناعات المعدنية، ومواد البناء، والأدوية، فيما تصدّر مصر الذهب، والغاز، والتمديدات الكهربائية، والحديد، والمنسوجات، والحمضيات.
اقتصادات قوية وصناعات مزدهرة
وتمثل اقتصادات الدول الثلاث وصناعاتها نموذجاً فريداً في المنطقة، حيث يعد القطاع الصناعي في الأردن شريكاً أساسياً في الخطط الاقتصادية، ويتم العمل على وضع وتنفيذ سياسات اقتصادية تساهم في تعزيز القطاع الصناعي الأردني وتمكينه من الوصول إلى الأسواق وتعزيز مساهمته في التنمية الاقتصادية المستدامة، ويساهم بنسبة 25% في الناتج المحلي وهي النسبة الأعلى بين الدول العربية، كما يبلغ الإنتاج السنوي من القطاع الصناعي 25 مليار دولار، ويضم القطاع الصناعي ما يقارب (250) ألف عامل في (17) ألف منشأة.. وبلغت صادرات القطاع الصناعي حوالي 8 مليارات دولار، وتشكل الصادرات الصناعية ما نسبته 93% من إجمالي الصادرات الوطنية، وتصل الصادرات الأردنية إلى أكثر من 140 دولة حول العالم، كما بلغ متوسط معدل النمو السنوي لصادرات القطاع خلال العقد الماضي ما نسبته 2.3%.
وشكلت الصناعة 80% من تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر للأردن في العقد الماضي.. وينتج في الأردن منتجات متنوعة ضمن الصناعات التحويلية المختلفة ومن أهمها الصناعات الدوائية والكيماوية والألبسة والهندسية والغذائية وغيرها، كما يمتلك الأردن خامس أكبر احتياطي من الفوسفات في العالم، وهو سابع أكبر منتج للبوتاس، ومزايا فريدة لمنتوجات البحر الميت.. ويعد الاستثمار في رمال السيليكا في الأردن فرصة جاذبة نظراً لجودته ونقاوته وكمياته الوفيرة ولجدوى استغلاله، حيث تدخل السيليكا في عدد من الصناعات كالزجاج والخلايا الشمسية والمنتجات التكنولوجية إذا تم استغلالها بتوفير الاستثمارات، وسيسهم في بناء صناعات متقدمة وتنافسية، علماً أن مخزون الأردن من رمال السيليكا يزيد على 20 مليار طن.
وفي دولة الإمارات، ارتفعت مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى 150 مليار درهم إماراتي، وتجاوزت الصادرات الصناعية 116 مليار درهم إماراتي، بزيادة أكثر من 50% عن عام 2019، وتم ترخيص أكثر من 220 وحدة إنتاج صناعية جديدة تم توجيه 41.4 مليار درهم إماراتي مرة أخرى إلى السوق الإماراتي من خلال برنامج القيمة الوطنية المضافة.. كما تقدمت دولة الإمارات العربية المتحدة خمسة مراكز في مؤشر «اليونيدو» للأداء الصناعي التنافسي بناءً على مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي الوطني، وتتسم الإمارات بوجود منظومة صناعية متطورة، وبمزيج متنوع من الطاقة، وبنية تحتية رقمية متقدمة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وموقع جغرافي مميز يصل غالبية سكان الكوكب ببعضهم البعض في غضون ثماني ساعات طيران، مع بنية تحتية لوجستية تتألف من 10 مطارات مدنية و12 ميناء قادراً على التعامل مع طاقة شحن 80 مليون طن سنوياً.. كما تحتل الإمارات العربية المتحدة مرتبة عالية من حيث سهولة ممارسة الأعمال التجارية، ونوعية الحياة، والاستقرار السياسي والاقتصادي.
ويعد القطاع الصناعي المصري فاعلاً حيث بلغت قيمة الناتج الصناعي 982 مليار جنيه خلال (2020 / 2021) وهي تمثل نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي، كما بلغت قيمة الاستثمارات الصناعية 48.8 مليار جنيه (2020 / 2021) بما يعادل حوالي 5.9% من إجمالي الاستثمارات العامة.. وتبلغ نسبة العمالة في قطاع الصناعة 28.2% من إجمالي العمالة المصرية، كما بلغت قيمة الصادرات السلعية 32.34 مليار دولار في عام 2021 بنسبة زيادة 27%، كما توجد في مصر قاعدة صناعية متنوعة تتضمن أكثر من 120 منطقة صناعية موزعة على مستوى مصر، إضافة إلى منظومة مجمعات صناعية متخصصة تتضمن 17 مجمعاً صناعياً في 15 محافظة، بإجمالي 5046 وحدة صناعية توفر نحو 48 ألف فرصة عمل مباشرة، مع الإشارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد المصري يصل إلى 394.3 مليار دولار وفقاً لأرقام 2021، وبلغت نسبة الزيادة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 6.8%، كما حقق الاقتصاد المصري معدل نمو بنسبة 9% خلال النصف الأول من العام المالي (2021/2022).
شراكة من أجل المستقبل
وتؤسس الشراكة الصناعية الأردنية الإماراتية المصرية، لانطلاقةٍ تنموية جديدة نحو آفاق مستقبلية في القطاع الصناعي المدعوم بالتكنولوجيا المتقدمة، حيث تشكل القدرة المجمعة للدول الثلاث نحو 22% من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحوالي (765 مليار دولار حسب إحصاءات البنك الدولي في عام 2019)، كما تحظى الكتلة التجارية للدول الثلاث بالمرتبة 14 من حيث قيمة الصادرات مع العالم بقيمة 419 ملياراً والواردات بواقع 380 مليار دولار، وهو ما يحمل فرصاً كبيرة لنمو تصنيع منتجات متكاملة في الدول الثلاث.
وتأتي الشراكة الموقعة بين الدول الثلاث، سعياً لتوثيق علاقات التكامل وتعزيز نمو القطاع الصناعي على المستوى الإقليمي، بما يمكّن قطاع الصناعة ويزيد إمكانية الاستفادة من المزايا التنافسية المتوفرة لدى كل دولة على صعيد الموارد والكفاءات الماهرة والتكنولوجيا المتقدمة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، والبنية التحتية المتقدمة من منافذ وموانئ عالمية وخدمات فنية ومالية، لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي والدوائي وغيرها من المجالات الصناعية الحيوية، وتوفير فرص العمل، واستحداث منتجات منافسة تنطلق من المنطقة نحو الأسواق العالمية.
وتستند الشراكة إلى ما تملكه كل دولة من مقومات وفرص استثمارية في القطاع الصناعي، وما تزخر به البلدان الثلاثة من ثروات بشرية وطبيعية، وأسواق استهلاكية كبيرة الحجم، بما يتيح فرصاً تنموية كبيرة للقطاع الخاص والمستثمرين الباحثين عن فرص نوعية في المنطقة، وبما يدعم حركة المستثمرين ويسهّل عملهم في البلدان الثلاثة، حيث تتضمن الشراكة قائمة مبدئية من المشاريع لتعزيز التنمية الاقتصادية، والتكامل الصناعي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتكامل سلاسل القيمة بين الأردن والإمارات ومصر.
حضر توقيع الشراكة من الجانب الإماراتي كل من سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا المتقدمة، و الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، وعدد من المسؤولين ضم محمد الشرفاء الحمادي، رئيس دائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي، ومريم الكعبي، سفيرة دولة الإمارات في جمهورية مصر، وعمر صوينع السويدي، وكيل وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ومحمد حسن السويدي، الرئيس التنفيذي لشركة القابضة ADQ، وعبدالله محمد المزروعي، رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة في دولة الإمارات، ومحمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، وخالد سالمين، الرئيس التنفيذي لدائرة التكرير والتصنيع والتسويق في شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وخديم الدرعي، رئيس مجلس الأعمال الإماراتي المصري وجمال سيف الجروان، أمين عام مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، وأحمد محمد النقبي، الرئيس التنفيذي لمصرف الإمارات للتنمية.
كما حضر التوقيع كل من عبدالله الشامسي، الوكيل المساعد لقطاع التنمية الصناعية بوزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وأسامة أمير فضل، الوكيل المساعد لقطاع المسرعات الصناعية بالوزارة إضافة إلى عدد من الخبراء والمختصين في القطاع الصناعي والإنتاجي، وبدر العلماء، المدير التنفيذي لوحدة المجمعات الاستراتيجية في قطاع الاستثمار في الإمارات لدى شركة مبادلة للاستثمار.
وحضر من الجانب الأردني كل من دانا الزعبي، أمين عام وزارة الصناعة والتجارة والتموين، وزاهر القطارنة، أمين عام وزارة الاستثمار، وخلود السقاف، مدير عام صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، وسعادة نصار الحباشنة، سفير المملكة الأردنية الهاشمية لدى دولة الإمارات، ورئيس غرفة صناعة الأردن، ورئيس غرفة تجارة الأردن، ورئيس غرفة تجارة عمان، ورئيس غرفة صناعة عمان وعدد من المسؤولين.
ومن الجانب المصري، حضر كل من السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور تامر عصام، رئيس هيئة الدواء، والمستشار محمد عبدالوهاب، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار، والمهندس أيمن السويدي، رئيس اتحاد الصناعات، وأيمن سليمان، الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي، وعدد من المسؤولين.