الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

خبراء: جهود الإمارات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تفوقت على المعايير الدولية

خبراء: جهود الإمارات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تفوقت على المعايير الدولية

أعادت دولة الإمارات التأكيد على التزامها بالعمل عن كثب مع مجموعة العمل المالي «فاتف»، لإنجاز خطة العمل وتطبيق التوصيات الصادرة عنها، وبما يتسق مع النهج الراسخ لدولة الإمارات في مكافحة الجريمة المالية والتدفقات المالية غير المشروعة.

يشار على هذا الصعيد إلى أن دولة الإمارات عززت «بشكل كبير» من فاعلية منظومتها الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث حظي هذا التقدم بإشادة واسعة من العديد من الشركاء الدوليين والمنظمات الدولية وأبرز الخبراء العاملين في هذا المجال.

وأشادت مجموعة العمل المالي «فاتف» بالتقدم الإيجابي الذي أحرزته دولة الإمارات ضمن جهودها الحثيثة لتطوير منظومتها الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح. جاء ذلك خلال الاجتماع العام للمجموعة بتاريخ 4 مارس 2022، حيث تمت مناقشة تقرير فترة ما بعد المراقبة الخاص بدولة الإمارات، إضافة إلى إقرار خطة العمل الخاصة بالدولة خلال الفترة المقبلة.

وقال عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد: «إن الترابط بين شبكات الجريمة المنظمة الدولية، الذي تطور في كثير من الأحيان بفضل التقدم التكنولوجي، يثير قلق الدول في جميع أنحاء العالم.. ونحن في الإمارات العربية المتحدة نواجه ذلك من خلال التحليلات «الذكية» والمتقدمة والتكنولوجيا والتحقيقات والشراكات بين القطاعين العام والخاص.. كان هدفنا الرئيسي هو تزويد القطاعين العام والخاص في دولة الإمارات بالأدوات اللازمة لتعزيز دفاعاتنا الجماعية. ويشمل ذلك بناء القدرات المؤسسية المنصوص عليها في تقييم المخاطر، وخطة العمل الوطنية، والاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. لقد عملنا أيضاً عن كثب مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي لتسهيل التعاون والتنسيق مع المجتمع الدولي بشأن مخاوف الجرائم المالية، وهو حجر الزاوية في ترسيخ إطار عمل متطور للجريمة المالية لدولة الإمارات وخارجها».

وتم تأسيس لجنة الشراكة بين القطاعين العام والخاص كإحدى اللجان الفرعية للجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.

وتضم اللجنة في عضويتها نحو 17 جهة حكومية بالإضافة إلى 21 كياناً من القطاع الخاص تشمل مؤسسات مالية وغير مالية محلية وعالمية.

وأكد محمد بن هادي الحسيني وزير الدولة للشؤون المالية: «إن دولة الإمارات تبقى ملتزمة بشدة بمواصلة تعزيز الجهود للحفاظ على استقرار وسلامة النظام المالي. وأضاف: «سنقوم بمراجعة التوصيات التفصيلية الواردة من شركائنا الدوليين ومجموعة العمل المالي عن كثب، والتأكد من معالجتها وتنفيذها بأسرع ما يمكن خلال الفترة القادمة، وكذلك على المدى الطويل. ولضمان استمرار تركيز استراتيجيتنا الوطنية وخطة العمل الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على تحسين الفعالية في المجالات الرئيسية، ستبقى إصلاحات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب إحدى الأولويات الرئيسية في ميزانيتنا الاتحادية لعام 2022 والميزانيات المستقبلية».

وتدلل تلك البيانات على تقدم كبير في تعزيز نهج الإمارات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يتماشى مع المعايير العالمية والتزامها بمكافحة الجريمة المالية كأولوية وطنية.

وقال خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي ورئيس اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، إن الأنظمة وسياسات مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي الخاصة بالمؤسسات المالية المرخصة في دولة الإمارات تهدف إلى مواجهة التحديات العالمية لأنشطة غسل الأموال وتمويل الإرهاب كأولوية استراتيجية. لقد تم إحراز تقدم كبير في المبادرات الإشرافية والإجراءات الرقابية على القطاع المالي لتطوير منظومة فاعلة ومتكاملة لمكافحة الجرائم المالية بمختلف أنواعها، وقد أشادت مجموعة العمل المالي «فاتف» بهذه الجهود.. وباعتبار أن دولة الإمارات تعد مركزاً مالياً إقليمياً ودولياً مهماً، فإننا مستمرون بالالتزام بوضع الضوابط الفعّالة لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لحماية نظامنا المالي.

جهود الإمارات المبذولة

في 20 أبريل 2020 نشرت فاتف تقريراً حول امتثال الدولة لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب ونظام الرقابة المالي، وبعدها دخلت الإمارات بفترة مراقبة لمدة 12 شهراً، وزودت الجهات المختصة مجموعة فاتف بتقرير من 500 صفحة حول التقدم الذي تم إنجازه.

إنجازات

وأعلن المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أن القيمة الإجمالية لعمليات وإجراءات مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب خلال عام 2021، بما يقدر بنحو 1.048 مليار دولار «3.848 مليار درهم» حسب بيانات المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

توزعت هذه المبالغ بين مصادرة أصول بقيمة 625 مليون دولار أمريكي «2.3 مليار درهم»، و64 مليون دولار «235 مليون درهم» غرامات عدم الامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب مروراً بـ5.3 مليون دولار«19.5 مليون درهم» عقوبة على مؤسسات مالية كبرى في الإمارات وعقوبات بقيمة 10.8 مليون دولار «39.6 مليون درهم» على العديد من الأفراد الذين ثبتت إدانتهم بارتكاب التهرب الضريبي وغسل الأموال، ومصادرة 109 ملايين دولار «400 مليون درهم»، كإجراءات وقائية لمكافحة تمويل الإرهاب، وغرامة جماعية تقدر بـ234 مليون دولار «892.3 مليون درهم» على 48 مدعى عليهم وشركات أدينت في قضية واحدة من قبل محاكم أبوظبي بتهمة غسل الأموال والاحتيال.

وبحسب تقدير صندوق النقد الدولي، تتراوح القيمة الإجمالية لغسيل الأموال على مستوى العالم بين 2 و5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتشير هذه النسب المئوية إلى أن قيمة غسل الأموال تتراوح بين 590 مليار دولار و1.5 تريليون دولار أمريكي، والرقم الأدنى يعادل تقريباً قيمة الناتج الإجمالي لاقتصاد إسبانيا.

وبحسب التسلسل العالمي فإن أكثر الدول التي تتم فيها عمليات غسل الأموال، أمريكا بقيمة 286.38 مليار دولار، وتليها بريطانيا بقيمة 116.40 مليار دولار، وفرنسا بقيمة 72.9 مليار دولار، وألمانيا بقيمة 67.86 مليار دولار، وكندا بقيمة 33.86 مليار دولار.

وقال حامد الزعابي مدير عام المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في حوار مع وكالة أنباء الإمارات «وام»: تدلل تلك البيانات على تقدم كبير في تعزيز نهج الإمارات في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يتماشى مع المعايير العالمية والتزامها بمكافحة الجريمة المالية كأولوية وطنية.

حملات التفتيش

حققت دولة الإمارات تقدماً كبيراً في تعزيز نهجها في مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وتم إجراء 5529 عملية تفتيش خارج الموقع، إضافة إلى المراجعات الموضوعية باستخدام مجموعة واسعة من بيانات قطاع الصناعة حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تم جمعها من خلال التقييمات الإشرافية والنماذج.

كما تم إجراء 794 عملية تفتيش في الموقع من قبل السلطات الإشرافية بما في ذلك زيارات المتابعة.

التدريب والتوعية

تم تدريب أكثر من 12000 شخص في مختلف الدورات التدريبية والتوعوية في عدد من القطاعات.

وبلغت نسبة زيادة عدد الموظفين في قسم التعاون الدولي التابع لوحدة المعلومات المالية منذ 2019 200%.

تقنيات

واعتمدت دولة الإمارات منظومة من التقنيات لتسهيل ودمج عملية الرقابة المالية، ومنها نظام التسجيل الديناميكي للمرخص له من البنك المركزي، ونظام «فوري تك» الموحد والذي يدمج ويجمع مختلف قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى نظام «ICAS» الذي يعمل على ربط إلكتروني لتلبية طلبات التعاون القضائي، ونظام «ستريكس» الذي تم اعتماده من وزارة الاقتصاد وهيئة الأوراق المالية لتسجيل المخاطر والإبلاغ، ونظام «IEMS» الذي ادخلته وحدة المعلومات المالية لتعزيز التواصل مع وزارة الداخلية، بالإضافة إلى تقنية «GoAML» وهي أداة تحليلية لتقييم المعاملات المشبوهة.

ليست نتائج مفاجئة

قال الخبير المالي والاقتصادي فراس الخوري، أن الأرقام والإحصائيات التي أعلنت عنها دولة الإمارات للنتائج المرتبطة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب كانت مبهرة وتدل على التطور الذي حصل، وفي نفس الوقت لم تكن النتائج مفاجئة، لأنها كانت نتيجة تخطيط وقرار وعمل تم على عدة مراحل.

وأضح أن هذا العمل بدأ منذ توقيع دولة الإمارات للعديد من الاتفاقيات في عام 2018، وبدأ حينها فرض ضريبة القيمة المضافة التي من خلالها كان موضوع متابعة الشركات والأمور المالية بشكل أوضح، ومعرفة الحوالات وارتباطها بالفواتير سهل من عملية كشف أي نوع من محاولات غسل الأموال.

وأضاف أن هناك العديد من الجهود الأخرى التي ساعدت على هذه الإنجازات، التعاونات الثنائية بين دولة الإمارات والمنظمات الدولية ذات الصلة بهذا المجال، وبالإضافة إلى أنه تم توقيع اتفاقيات في هذا المجال في العديد من الدول الأخرى.

الازدواج الضريبي

وأشار الخوري إلى أن دولة الإمارات أبرمت ما يقارب 137 اتفاقية منع ازدواج ضريبي، كما قامت خلال نفس الفترة بملاحقة أي تهربات ضريبية داخل الدولة والقيام بتقديم الأشخاص للجهات المسؤولة لتتم محاسبتهم.

كم أوضح أنه تم التعامل مع العديد من الملفات، وتم توظيف العديد من البرامج والتقنيات التي تم توزيعها على جميع الجهات المعنية في هذا الموضوع، لمساعدتها في عمليات كشف حصول أي عمليات غسيل أموال، كما كانت الإمارات متوفقة في موضوع الاستفادة من البرامج التكنولوجية والتقنية تساعد الحصول على أي معلومات فيما بعد بشكل شخص.

وأضاف أنه تم تشكيل العديد من اللجان لمتابعة العمليات، وتم تدريب تلك اللجان بشكل احترافي كبير لكشف أي محاولات من هذا النوع.

وأشار إلى أنه بالإضافة إلى ذلك تمت مراقبة البنوك وشركات الصرافة، ووضع العديد من الترتيبات والإجراءات لمراقبة عمليات تداول الأموال والمستندات المطلوب وجودها، وأوضح أنه تمت مراقبة الموضوع بشكل دوري، وشهدنا العديد من الإغلاقات لبعض شركات الصرافة لمخالفة، بالإضافة لفرض العديد من الغرامات على البنوك عند وجود تقصير بأي نوع من عدم تنفيذ الإجراءات الموضوعة.

عملية متكاملة

وأكد الخوري أن الجهود الإماراتية كانت متكاملة ولا تزال مستمرة بتطور أكثر، خاصة عندما يتم تطبيق ضريبة دخل الشركات خلال السنة القادمة التي سيتم من خلالها مراقبة تدفق أموال الشركات.

وأشار إلى أن جميع هذه الجهود سيزيد ويرفع من مقام دولة الإمارات وتصنيفها عالمياً، وسيضعها في الصفوف الأولى في الدول الرائدة بمكافحة غسل الأموال ومكافحة الأموال، كما أنها ستكون نقطة جذب للمستثمرين بسبب الوضع الآمن والسليم مالياً ودولياً.

مجهود عميق

وأكد المستشار القانوني محمود عبدالسلام الأفندي، أن ما أورده المكتب التنفيذي لمواجهة غسل الأموال من معلومات وبيانات وإحصائيات، تعكس عمق الجهود التي تقوم بها دولة الإمارات لمكافحة التعاملات المالية المشبوهة، وأشار إلى أن مقدار التعاون الدولي في هذا المجال البالغ 200% يعكس عمق الفهم للتعاون الدولي لوضع حد لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأشار الأفندي إلى أن أهمية ما تقوم به دولة الإمارات وجهودها في مكافحة غسل الأموال والجرائم المالية، كونها دولة ذات اقتصاد مفتوح، وتضم الكثير من الشركات التي تعمل عبر المحيطات، ولذلك تقوم السلطات المختصة بدولة الإمارات بمتابعة أي جهود من قبل الأفراد أو حتى الشركات والمنظمات حول العالم لوقف غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

تفوق على المعايير

وأضاف في تصريحات خاصة مجال التوظيف والتدريب الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة حقق نسبة تجاوزت 150%، وبذلك تكون قد تفوقت على المعايير العالمية في مختلف دول العالم.

وأشار الأفندي إلى ان كل هذه الجهود تنعكس على الأرض من خلال التعاون المستمر بين مجموعة العمل الدولي فاتف مع دولة الإمارات العربية المتحدة وفق أهم المعايير لوضع حد لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأكد أن المجهود الذي يبذله بنك الإمارات المركزي ووزارة الاقتصاد له أهمية كبيرة على الصعيد المحلي والصعيد الدولي، خصوصاً منصة ستريكس التي أسسها مصرف الإمارات المركزي من أجل إيجاد حل ديناميكي وآلي لتحليل وفهم المخاطر في الأعمال التي قد ينجم عنها غسل للأموال أو تمويل للإرهاب.

وتابع أنه لا يخفى على القانونيين في دولة الإمارات أن الجهود التي يقوم به الجهاز القضائي من خلال التعاون مع الآيكس الدولي في مجال الجرائم الناجمة عن غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأن الجهود المبذولة من قبل القضاء في دولة الإمارات تعطي صورة مشرقة عن ذلك في كل دول العالم.