ترزح المطاعم في السوق المحلي تحت ضغوط ارتفاع كلف كافة المواد الأولية بشكل غير مسبوق خلال الأشهر الماضية، حيث راوحت نسبة ارتفاع المواد الداخلة في عملية الإنتاج بين 10 و400%، ما رفع التكاليف الإجمالية إلى ما يراوح بين 20 و40%.
ويأتي ارتفاع التكاليف بعد مرحلة صعبة عاشتها المطاعم خلال العامين الماضيين اللذين شهدا إغلاقات وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي، وتزامن ذلك مع ارتفاع أسعار الوقود في الدولة إلى أعلى مستوى لها منذ قرار تحرير الأسعار في عام 2018، فضلاً عن تضرر الدخول السنوية لشريحة واسعة من المستهلكين نتيجة الجائحة ما أثر في قدرتهم على الإنفاق.
صناعة غير مجدية
وقال مدير وصاحب مطعم «أيام الخير» بدبي ناصر شموط، إن المطاعم قسمان، منها ما يعتمد على البيع بكميات كمحلات السندويش والوجبات السريعة، ومنها ما يعتمد على ما يسمى البيع النوعي، حيث يعتبر كترفيه وأمر كمالي نوعاً ما بالنسبة للمستهلك.
وأوضح، أن التكاليف المتغيرة أي تكاليف العملية الإنتاجية كأسعار المواد الأولية تراوح بين 26 و40%، واليوم جميع أسعار المواد الأولية ارتفعت، والأساسية منها ارتفعت بحدود 20%، وبالتالي فتعويض هذه الارتفاعات يتطلب زيادة تراوح بين 10 و20% في الأسعار.
وتابع: «مطاعم الوجبات السريعة تستطيع رفع أسعارها بهذه النسبة فزيادة درهم أو درهمين على سعر سندويشة أو وجبة لن ينفر المتعاملين كونها منتجات مرنة في الأصل وتتحمل التغير البسيط في السعر».
وأضاف: «بالنسبة لنا لا نستطيع أن نقوم بتغيرات مماثلة في رفع الأسعار بنسبة 10 إلى 20% لكونها ستسبب بعزوف شريحة واسعة من المتعاملين، أما الزيادات البسيطة فهي ليست مجدية بالأساس».
وقال شموط إن سعر كيلوغرام اللحم ارتفع خلال 3 أشهر من 30 درهماً إلى حدود 39 درهماً، فيما ارتفع سعر الكيلوغرام من معسل الفاخر من 80 درهماً إلى 150 درهماً.
وبين أن المطاعم اليوم تأخذ بالحسبان مسألة الدخل والقدرة الشرائية للفرد، وبالتالي لن تستطيع أن تغامر كثيراً في رفع أسعارها لكي لا تخسر الزبائن لديها، واصفاً حال صناعة المطاعم اليوم بالعموم بـ«غير المجدية».
عاجزون عن رفع السعر
من جهته، أفاد مدير مطعم البيت البغدادي، أحمد الطاهر، بأن تكاليف المواد الأولية منذ عام إلى اليوم وفق البيانات المالية لدى الشركة ارتفعت 37%، مبدياً تخوفه من مزيد من الارتفاعات خلال الفترة المقبلة، حيث أشار إلى أن الأسعار اتخذت مساراً تصاعدياً خلال الأشهر الماضية كان الأعمق منذ سنوات.
وذكر الطاهر، أن أسعار اللحوم على سبيل المثال ارتفعت بأكثر من 40%، من حدود 25 درهماً للكيلوغرام إلى حدود 40 درهماً تقريباً.
وقال الطاهر لن نكون قادرين على رفع أسعارنا لتعويض هذه التكاليف الإضافية، فأسعار وجباتنا الأساسية تراوح بين 50 و70 درهماً لن ترضي المستهلك في حال تمت الزيادة بنسبة 10 أو 20%، موضحاً أن المطاعم التي تعتمد البيع بكميات كبيرة لا تمتلك المرونة ذاتها لدى مطاعم الوجبات السريعة والسندويتش.
تضخم أسعار جميع المواد الأولية
وفي السياق نفسه، قال مدير وصاحب مطعم الفواز، بهاء بارودي، ارتفعت أسعار جميع المواد الأولية بدون أي استثناء، فمثلاً سعر النشا ارتفع من 50 درهماً قبل أشهر قليلة إلى 250 درهماً للكيلوغرام اليوم، وكذلك أسعار اللحوم الحمراء والدجاج ارتفعت من 20 إلى 30%، كما ارتفع سعر الزيت بنسبة وصلت إلى 80%، كما أن كافة المدخلات الأخرى في عملية الإنتاج ارتفعت سواء البهارات أو الطحين.
وتابع: لن تقف ارتفاعات المصاريف عند حد المواد الأولية الداخلة في الإنتاج، فأسعار الوقود كان لها أثر مباشر على تكاليف التوصيل باعتبار جزء كبير من مبيعات الشركة ديليفري.
وقال: شأننا شأن اللاعبين الأساسيين في صناعة الشاورما، والتي تعتبر وجبة ذات شعبية كبيرة جداً في الإمارات لدى كل الجنسيات وفئات الدخل، اضطررنا إلى رفع سعر سندويتشة شاورما الدجاج بمقدار درهم واحد لتصبح بـ7 دراهم، أي أن الزيادة هنا تصل إلى 16% تقريباً.
16% بواقع 1 درهم ارتفاع سعر الشاورما
وأوضح أنه بادر بالتواصل مع مالكي مطاعم تقدم نفس الخدمة، لاتخاذ إجراء يقوم على رفع أسعار بسيط، لضمان استمرار هذه الصناعة، وبين أن بعض المطاعم استجابت ورفعت أسعار هذه السندويتشة الشعبية بنحو درهم أو درهمين.
وأضاف أن التعامل مع هذه التكاليف الاستثنائية لا يمكن مواجهته، برفع سعر سندويتشة الشاورما فقط، مرجحاً أن تلجأ المزيد من المطاعم إلى رفع أسعار وجباتها قريباً.
درهمان للبرياني
ومن جانبه أشار مسؤول في مطعم أشرفي المتخصص بالبرياني والمأكولات الآسيوية، إلى أن أسعار وتكاليف المواد الأولية تشهد ارتفاعات متتالية تضغط على هامش الدخل والربحية، وبالتالي فالمطعم يقوم بدراسة رفع جزئي على أسعار بعض الوجبات.
وتوقع أن يرتفع سعر وجبة البرياني على سبيل المثال والتي تعتبر الطبق الأشهر لدى شريحة واسعة من السكان بواقع درهمين أو 3 دراهم، من 21 درهماً حالياً إلى 23 أو 24 قريباً.
وبدوره أشار مسؤول في سلسلة مطاعم شهيرة متخصصة بالشاورما وأطباق الدجاج المقلي، فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن رفعه سعر سندويتشة الشاورما جاء نتيجة ارتفاع أسعار كافة المواد الأولية التي تدخل في عملية الإنتاج، قائلاً: «سعر الدجاج ارتفع أكثر من 20%، فيما ارتفعت مواد أخرى بحدود غير منطقية وصلت إلى 100%».
وقال: «لا يستطيع المطعم مهما كانت مبيعاته الاستمرار وفق الأسعار السابقة، فالتكاليف تتضخم يوماً بعد يوم، ورفع سعر سندويتشة الشاورما بواقع درهم أو درهمين يبقيها في متناول مختلف الشرائح في العموم، وفي الوقت نفسه يضمن استمرار المطاعم وعدم إغلاقها».