طالب اقتصاديون ومختصون برفع سقف استحقاق ضريبة الشركات على أرباح الشركات إلى مليون درهم، بدلاً من 375 ألف درهم، بما يخفف العبء المالي على الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل القطاع الأكبر من الشركات العاملة بالدولة.
وأشاروا إلى أن رفع السقف يعزز تنافسية الشركات الصغيرة والمتوسطة في السوق، لا سيما أمام الشركات الكبيرة، كما يجنبها تحميل الزيادة في أسعارها وخدماتها للمستهلك النهائي.
ولفتوا إلى عدد من الانعكاسات الإيجابية لتطبيق الضريبة، مثل تعزيز العوائد المالية للدولة التي يعاد استثمارها في تعزيز جاهزية البنية التحتية، بما يخدم تطور الأنشطة الاقتصادية، كما أن سعي أصحاب الشركات نحو زيادة أوجه الإنفاق لتقليص حجم الضريبة المستحقة عليهم سينعكس مباشرة في بنود الكلفة، مثل التوظيف وتعزيز معدلات العمالة والأجور، بما يواكب الزيادات السعرية على مستهلكي تلك الأنشطة.
دعم السيولة وقال الرئيس التنفيذي لشركة ميداليون أسوسييت للاستشارات الاستثمارية مسعود العور، إن الضريبة التي ستطبق وفق دراسات واضحة وملائمة للنظام المالي بالدولة، ستسهم بشكل مباشر في دعم تدفقات السيولة والموارد، بما يعزز جهود الدولة نحو تنويع قطاعات الاقتصاد المحلي، وزيادة مخصصات المشاريع الاستراتيجية، والإنفاق الحكومي على المشاريع الحيوية، في الوقت الذي يعزز مكانة الدولة سواء من حيث قوة ومتانة النظام المالي المحلي وتوافقه مع المعايير العالمية أو على الصعيد الدولي ومشاركتها الرئيسية في جهود مكافحة التهرب الضريبي والتوازن المالي العالمي.
فيما أشار إلى أن أي انعكاسات قد تزيد الكلفة على المستهلك النهائي سيقابلها في الوقت ذاته زيادة إنفاق من جانب الشركات على بنود الكلفة التشغيلية، مثل تطوير الأعمال والتوظيف والأجور، بما يحقق خفض حجم الضريبة المستحق.
رفع السقف من جانبه، لفت المدير التنفيذي لشركة «تطوير» محمد المرزوقي، إلى أهمية النظام الجديد في تعزيز موارد الدولة وتعزيز مشاركتها في النظام المالي الدولي، مقترحاً رفع سقف الربحية التي تستحق معه الضريبة إلى حاجز المليون درهم، بما يعزز أنشطة رواد الأعمال والشركات متوسطة الحجم وخفض العبء المالي والتزاماتها مقابل ملاءتها المالية والقدرة على التطور والتوسع، ولا سيما في مراحل النمو السوقي، بما يدعم محافظتها على تنافسية أسعار السلع والخدمات التي تقدمها أمام السلع الأجنبية والشركات الكبيرة.
ووافق المرزوقي في الرأي، محمد هلال، صاحب شركة صناعية متوسطة الحجم، مشيراً إلى أن ارتفاع مستوى الضريبة الكلي متضمنة ضريبة القيمة المضافة إلى جانب ضريبة الشركات سيشكل تحدياً على الكثير من الشركات، لا سيما أنها لا تزال تتعافى من آثار الجائحة وتحتاج إلى مزيد من الوقت لتعزيز تنافسيتها، بما يجعل إعادة النظر في معايير استحقاق الضريبة على الشركات من حيث سقف الربحية ضرورة تحفظ التوازن المالي في تلك الفترة.
دعم الشركات متناهية الصغر بدوره، قال المؤسس المشارك وكبير مسؤولي الأعمال في شركة «فاشنزا»، جميل أحمد، إن النظام الضريبي على الشركات التي تعتزم الدولة تنفيذه العام المقبل يراعي الأعمال التجارية للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، مشيراً إلى أن تطبيق صفر ضريبة على الأرباح التي لا تتجاوز 375 ألف درهم، يسهم في دعم الشركات الصغيرة والمتناهية في الصغر، لكن لو كان هناك إمكانية لزيادة الهامش بحيث تكون الضريبة على الأرباح التي تتجاوز مليون درهم مثلاً، سيكون هناك مرونة أكبر لدى تلك الشركات، بما يساعد رواد الأعمال على تنمية وتطوير أعمالهم.
وأضاف أن مثل هذا النظام الضريبي من شأنه أن يضع أساساً متيناً للشركات الناشئة في السنوات المقبلة، ويسهم في تعزيز مكانة الإمارات كحاضنة لها، مشيراً إلى أنه نظراً للإعفاء من المدفوعات المحلية وعبر الحدود، ستحافظ الإمارات على مكانتها مركزاً مالياً عالمياً ومركز أعمال دولياً، وتعزز جاذبيتها للشركات الناشئة من المنطقة وخارجها.
اعتبارات محلية ودولية أفاد الاقتصادي محمد المهري، بأن الضريبة في العموم تأتي لاعتبارات محلية تخص الاقتصاد ولاعتبارات دولية تخص استيفاء المعايير الدولية للشفافية الضريبية ومنع الممارسات الضريبية الضارة، لافتاً إلى أن هذه الضريبة تدعم إيرادات الدولة.
وتابع أن «الضريبة، وعلى الرغم من كونها أقل من نظيرتها في معظم الدول التي تفرضها، إلا أنها تحمل أثراً مباشراً على الأعمال والمستهلكين بكل تأكيد».
وتوقع أن تؤدي الضريبة إلى رفع نسب الضخم على المستهلكين النهائيين، مطالباً بضرورة العمل من أجل تجنيب المستهلك أثر هذه الضريبة بالنسبة لخدمات أساسية ضرورة كالغذاء والدواء ومواد البناء التي يمكن أن تؤدي إلى رفع كلفة اقتناء مسكن.
وقال: «كون فرض الضريبة على المبالغ التي تزيد على 375 ألف درهم فقط وليس على إجمالي الدخل يقلص من الأثر على الكثير من الأعمال، لا سيما الصغيرة والمتوسطة، لكن وكون هذه الضريبة ستؤثر على أعمال شريحة من هذه الشركات، فربما يكون من المجدي لمزيد من الحماية لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة أن يتم رفع حد الإعفاء إلى مليون درهم على سبيل المثال».
وقال الخبير الاقتصادي رضا مسلم، إن ضريبة الأعمال المقدرة بـ9% على أرباح الشركات، لن تؤثر في تدفق الاستثمارات الأجنبية للدولة، لأن النسبة الضريبية تعتبر متدنية جداً، إذا ما تم مقارنتها بدول عالمية مثل أستراليا على سبيل المثال، التي تبلغ فيها نسبة تلك الضريبة 40% أو حتى دول منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح مسلم أنه لا دولة في العالم تخلو من فرض ضريبة على الأعمال لأن الضرائب تعتبر المصدر الأساسي في دول العالم المستقر لتمويل موازنات الدول، بل إن كثيراً من الدول تفرض ضرائب أعمال وضرائب على الدخول وأنواعاً أخرى من الضرائب المهنية قد تصل إلى 40% من أرباح الشركات العاملة.
وأضاف مسلم أن عائد تطبيق ضريبة الأعمال سيعد عاملاً إضافياً لتمويل موازنة الدولة، ما سينعكس على جودة الخدمات المقدمة من الحكومة وخلق فرص وظيفية في كل القطاعات، مشيراً إلى أن الضريبة الجديدة لا تستثني الشركات الحكومية أو شبه الحكومية طالما تعمل في قطاع الأعمال في السوق المحلي.