أعلنت محاكم مركز دبي المالي العالمي، اليوم الثلاثاء، عن إطلاق محكمة متخصصة للاقتصاد الرقمي الهادفة إلى تبسيط وتسوية كافة النزاعات المدنية والتجارية المُعقّدة ذات الصلة بالاقتصاد العالمي الرقمي.
وتختص المحكمة الجديدة بالتعامل مع النزاعات الوطنية والدولية المعقدة المتعلقة بالتقنيات الحالية والمستجدة في مجالات متعددة، بدءاً من البيانات الضخمة إلى تقنيات البلوك تشين والذكاء الاصطناعي، والخدمات السحابية وصولاً إلى النزاعات المتعلقة بالمركبات الجوية غير المأهولة، وتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، والروبوتات.
وأكد سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي رئيس مركز دبي المالي العالمي، أن إطلاق محكمة الاقتصاد الرقمي يمثل خطوة رائدة تواكب تشكُّل اقتصاد رقمي عالمي متكامل، تقوده موارد بشرية ذات كفاءة عالية وبنية تحتية قوية وأبحاث وتطوير مستدام في قطاع التكنولوجيا.
وقال سموه: «البنية التحتية لمحاكمنا في دبي ستبقى مواكبة لتطلعاتنا الاقتصادية المستقبلية»، مشيراً إلى أن إطلاق محكمة الاقتصاد الرقمي يدعم جهود تطوير منظومة دعم قضائي جديدة قادرة على الوفاء بمتطلبات عملية التحول الرقمي وتبني أحدث تقنياتها، وأضاف سموه: «منظومة القضاء والمحاكم في دبي هدفها سيبقى دائماً ترسيخ عدالة ناجزة وسريعة في دولة القانون».
وأوضح سموه أنه مع تنامي التحول الرقمي في التجارة والخدمات، وزيادة ترابط وتشابك الاقتصادات المختلفة، أكثر من أي وقت مضى، فإن ما يتم إبرامه من اتفاقيات تجارية متنوعة تتطلب نظاماً قضائياً مبتكراً، من أجل مواكبة هذا التطور وتقديم الضمانات والموثوقية لدعم وحماية شركات ودوائر الأعمال.
كما أكد سمو رئيس مركز دبي المالي العالمي أن المحكمة العالمية الجديدة تأتي كخطوة منسجمة مع رؤية دولة الإمارات واستراتيجيتها للخمسين عاماً المقبلة، لما للاستفادة من قطاع الاقتصاد الرقمي والتقنيات المتقدمة من دور محوري وفاعل في تعزيز مسار التنمية وتحقيق جودة الحياة.
وتستهدف محكمة الاقتصاد الرقمي تبسيط تسوية النزاعات المدنية والتجارية المعقدة المتعلقة بالاقتصاد الرقمي، فيما يجري حالياً توظيف نخبة من خبراء القضاء الدوليين لتشغيل والإشراف على البنية التحتية الرقمية والقدرات الخدمية المتطورة التي تتمتع بها المحكمة المتخصصة، والمزمع أن تبدأ في تقديم خدماتها خلال الربع الأول من العام 2022، لتكون هذه المحكمة مكمِّلة لمجموعة أقسام المحاكم القائمة المختصة، والتي تشمل قسم التكنولوجيا والإنشاءات وقسم التحكيم، اللذين أطلقتهما محاكم مركز دبي المالي العالمي لتلبية الطلب المتزايد على الخبرة القضائية في قضايا كل قطاع بعينه.
ومن المقرر أن تؤسس محاكم المركز أيضاً، في مستهل عام 2022، هيئة عالمية من المحامين والخبراء لصياغة وإقرار قواعد جديدة مخصصة لمحكمة الاقتصاد الرقمي، سيتم إصدارها بعد ذلك بناء على حملة مشاورات عامة مدتها 30 يوماً.
حيوية بالغة
من جهته قال القاضي عمر المهيري، مدير محاكم مركز دبي المالي العالمي: «إن القدرة التي تتمتع بها الأنظمة القضائية في دولة الإمارات في دعم وحماية استمرارية مشاريع الأعمال ستثبت مدى حيويتها البالغة لأهداف الدولة طويلة الأجل الرامية لاجتذاب الاستثمارات الأجنبية والاحتفاظ بها. كما أن التزام دبي القوي بتوفير بيئة أعمال فائقة التنافسية أمر محوري أيضاً في رؤيتها الرامية إلى التنويع الاقتصادي على المدى الطويل».وأضاف: «من هذا المنطلق، فإن إطلاق محكمة الاقتصاد الرقمي يعطي دوائر الأعمال العالمية مؤشراً واضحاً على عزم دبي القيام بدور قيادي ورائد في تطوير أنظمتها القضائية لتوجيه القدرات والإمكانات التي تتمتع بها بشكل خاص نحو تسوية النزاعات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي، مع الاستفادة في ذات الوقت من بعض هذه التقنيات الفائقة لزيادة كفاءة الخدمات المُقدَّمة للجمهور. وتعد هذه المحكمة الأولى من نوعها في العالم، وتقدم ابتكارات جديدة ومثيرة في إتاحة أفضل السبل للوصول إلى العدالة، ليس فقط للشركات العاملة في الإمارات، بل للشركات العالمية أيضاً التي ترغب باختيار الاستعانة باختصاصنا القضائي المحايد».
وقد أعلنت حكومة الإمارات خلال العام الجاري، عن العديد من المبادرات الأساسية فيما يتعلق بمتطلبات الاقتصاد الرقمي المستقبلية وخريطة الطريق الاستراتيجية للدولة بهذا الشأن، ومن ذلك تشكيل فريق عمل من قيادات الحكومة ودوائر الأعمال لإمعان النظر في مرحلة ما بعد الجائحة والعمل نحو اقتصاد رقمي يغذيه الفكر المبدع والمبتكر، ودعم مشاريع رائدة مثل رواد الاقتصاد الرقمي، وغيرها.
وتوفر محاكم مركز دبي المالي العالمي، التي تأسست في عام 2004، نظاماً قضائياً دولياً يعمل بنظام القانون العام باللغة الإنجليزية في دبي، وتشكِّل جزءاً أساسياً من النظام القانوني لدولة الإمارات. وقد تم تأسيسها بهدف زيادة ثقة دوائر المجتمع الدولي في دولة الإمارات في المنظومة القانونية للإمارة وتعزيز علاقات هذه الدوائر الاستثمارية والتجارية مع دبي ودولة الإمارات عموماً.
وفي عام 2011، تم توسيع نطاق اختصاص محاكم المركز إلى خارج نطاق المركز ليشمل الشركات الدولية، مما يمكّن أي طرفين في أي مكان في العالم من اللجوء لمحاكم مركز دبي المالي العالمي من خلال «اختيار» هذا الاختصاص العالمي المحايد.
وأطلقت محاكم المركز في عام 2017، بالشراكة مع مؤسسة دبي للمستقبل، مركز أبحاث «محاكم المستقبل» بغرض استكشاف أهم مجالات التقنيات القانونية المتنوعة وتهيئة القيادات البحثية والفكرية لتعزيز وتشجيع الأساليب المعاصرة في زيادة وتحسين كفاءة سبل وصول المستخدمين حول العالم لخدمات المحاكم.
وقد مكّنت هذه الخطوة محاكم مركز دبي المالي العالمي من التقدم بانسيابية في مشاريعها التقنية الرئيسية تحت مظلة محاكم المستقبل، وتجميع المواهب والموارد من الشركاء والخبراء العالميين في مجالات القانون والتكنولوجيا والأعمال، بحيث يمكنهم مساعدة أنظمة المحاكم على استيعاب التقنيات المستجدة والاستفادة منها.