السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

تطبيقات «مراقبة»: عزيزي المستخدم.. لطفاً سنسرقك

انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي بالتزامن مع أزمة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، إعلانات تروج لتطبيقات هاتفية تدعي بأنها تستطيع تحديد مكان جميع الأشخاص عن طريق إدخال رقم الهاتف ودفع رسوم الاشتراك، وركزت أغلبها على الفئة الفضولية من المستخدمين، حيث استخدمت عبارات كـ«إذا كان شريك حياتك يخونك، اعثر عليه الآن»، ولكنها أفخخ لاختراق هواتف المستدرجين وسحب جميع البيانات الهاتفية وكذلك الحسابات البنكية، وفقاً لما أكده شباب بالدولة.



وحذر قانونيون وخبراء من خطورة تلك التطبيقات، مؤكدين أنها تعتبر بمثابة حيلة لسرقة البيانات وخاصة فئة الشباب، فهناك أفراد عصابات إجرامية يستهدفون الحسابات البنكية.



ملاحقة المبتزين

من جانبها، أطلقت هيئة تنظيم الاتصالات حملة بعنوان «اِحذر أن تكون التالي»، تستهدف حماية الشباب المستدرَجين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراقبة على الهواتف الذكية، وحماية المتضررين من الابتزاز، حيث تتم ملاحقة المبتزين في هذه القضايا بكافة دول العالم، ويصدر في حقهم نشرة طلب للإنتربول الدولي، علاوة على أن مواد القانون الإماراتي «قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات» رادعة بما يكفي للحد من وقوع هذه الجرائم من المتهمين داخل الدولة.



ودعت من خلال الحملة إلى اتباع 4 طرق للوقاية، هي: «عدم الرضوخ للابتزاز، وعدم قبول صداقات أشخاص غير معروفين، وعدم إرسال أي مبالغ مالية تحت أي تهديد مباشر، والحذر من المواقع والتطبيقات غير المعروفة، فغالباً ما تكون بداية اصطياد الضحايا».



وتوصلت «الرؤية» لتجارب عملية فعلية لعدد من المستخدمين تعاملوا مع هذه التطبيقات، حيث تبين أنها وهمية بنسبة 100%، فمن هذه التطبيقات عندما تم تحميله طلب إدخال بيانات الحساب البنكي للتمكن من سداد رسوم الاشتراك والحصول على الخدمة، حيث عرضت 3 أنواع للاشتراكات «يومية، وشهرية، وسنوية» بأسعار متفاوتة، حيث تراوحت أسعار الاشتراكات اليومية بين 5 دراهم إلى 8.5 درهم، والشهرية من 36 درهماً إلى 56 درهماً، والسنوية من 325 درهماً إلى 420 درهماً، والبعض الآخر طلب السماح بمسح بيانات الهاتف لسرقتها، أي أن كافة أنواع هذه التطبيقات للسرقة والنصب.



قصة مستدرج

وذلك وفقاً لما أكده عدد من المستخدمين المستدرجين، حيث قال مقيم في أبوظبي أحمد عاشور إنه ذات مرة أثارت فضوله إعلانات هذه التطبيقات فقرر الدخول لاكتشاف حقيقة الأمر بغرض فكاهي للمزح مع أصدقائه، وبالقيام بالولوج لهذه الصفحات تطلب منه تسجيل بيانات الحساب البنكي وتسديد رسوم اشتراك يومي أو شهري أو سنوي كخطوة أولى للحصول على الخدمة.



وأوضح أنه قام باختيار فئة الاشتراك اليومي، حيث تم خصم مبلغ وقدره 8.5 درهم من بطاقة حسابه البنكية، وعند إدخال رقم هاتف أحد أصدقائه للتمكن من معرفة موقع في هذه اللحظة بغرض «فكاهي»، لم يحصل على أي معلومة تفيد بوجود الموقع، ولكن الشيء الوحيد الذي ظهر له أن هذا الرقم من داخل دولة الإمارات أي أنها معلومات عامة يمكن لأي شخص معرفتها عن طريق كود البلد، بعد ذلك اتضح له أن تعرض ضحية للنصب والاحتيال.



إعلانات وهمية

بينما قال مقيم في أبوظبي، هيثم أنور طاهر، إنه تم استدراجه ذات مرة عبر هذه الصفحات التي تدعي بأنها كفيلة بتحديد أماكن جميع الأشخاص الحصرية عن طريق إدخال رقم الهاتف فقط، حيث قام بالتسجيل في صفحة منهم ظهر له إعلانها عبر تطبيق «فيسبوك».



وبين أنه عند الدخول لهذه الصفحة تطلب منه كخطوة أولى الضغط على كلمة موافق لمسح كافة بيانات هاتفه كالأرقام المسجلة والرسائل النصية وكذلك المكالمات الواردة والصادرة والمحادثات، وبعد أن قام بالضغط على موافق، اكتشف أن الخدمة وهمية لا أساس لها من الصحة ولا تقدر على معرفة مكان أي هاتف من الهواتف.



وأشار إلى أنه بعد ذلك ندم ندماً شديداً على أنه وقع ضحية بهذه الصورة الساذجة، مبيناً أنه كان فقط يريد المزح مع عدد من أصدقائه ولكنه تفاجأ بأن هذه الإعلانات وهمية هدفها الاستفادة من مسح قائمة الاتصال والأرقام المسجلة لبيعها فيما بعد للحصول على أموال.



نوعان من التطبيقات

من جانبه، أفاد خبير تقنية معلومات سامي عبد النور بأن هنالك نوعان من هذه التطبيقات، الأول وهمي، والآخر حقيقي إلى حد ما، فأما الوهمي فقد وجد بهدف النصب والاحتيال، حيث أنه عندما يقوم الشخص «أ» بمحاولة الوصول إلى موقع الشخص «ب» فإنه في الحالة الأولى فإما أن تطلب منه بطاقة الائتمان لدفع كلفة إيجاد الشخص وبالتالي سوف يتعرض للسرقة أو أنه سيتعرض للاختراق جراء تنزيل هذا التطبيق الوهمي.



وقال: «مبرمجو هذه البرمجيات الخبيثة يضعونها على أشكال مختلفة ومنها هذا النوع من التطبيقات، لعلمهم أن هنالك فئة فضولية بنسبة كبيرة، والبعض يستغل العاطفة في هذا الموضوع كان يضع في الإعلان اكتشف إذا كان شريك حياتك يخونك، اعثر عليه الآن».



وأشار إلى أن النوع الثاني وهو الحقيقي إلى حد ما توجد فيه برامج مختلفة، منها ما يظهر الأدلة قد تجد فيها عنوان الشخص ولكن ليس عنواناً حياً، والمقصود بحي موقعه الفعلي لحظة البحث، قد يظهر اسم الدولة أو المدينة فقط.



وأوضح أن النوعين من التطبيقات غير مجديين، حيث أن العثور على موقع الشخص ممكن من خلال 3 طرق، أولها السلطات التي تستطيع العثور عليه بموجب القانون، والثاني وهو من خلال لوحة التحكم المعنية بالهاتف مثل «phoen finder» وتتطلب حساب «جوجل» أو «أيكلاود» الخاص بالهاتف ومن خلالها يمكن تتبع الشخص أو الأبناء بطريقة قانونية، والطريقة الثالثة هي الاختراق، وهي بالطبع مسألة لا أخلاقية وغير قانونية وتتطلب مهارات معينة يصعب على المستخدمين العوام استخدامها، وهي غير ممكنة باستخدام تلك التطبيقات التي تتم الدعاية عنها.



وبالسؤال عن إحصائية لعدد هذه التطبيقات، قال سامي عبد النور: «لا يمكن حصر التطبيقات التي يتم توزيعها خارج المتاجر المعتمدة، إلا أنه حالياً يوجد قرابة 254 تطبيقاً نشطاً في (جوجل بلاي)، وقرابة 178 في هواوي، و10 فقط في آيفون، نظراً للرقابة الصارمة التي تفرضها شركة أبل، علما أن عدد هذه التطبيقات يتغير في هذه المتاجر في حال مخالفتها لشروط الاستخدام وفق معايير تلك المتاجر».



وتابع: «كما وأرغب بالتنبيه إلى أن بعض هذه التطبيقات وتطبيقات أخرى تنتجها وكالات استخباراتية أجنبية وتستهدف دولاً وعرقيات وديانات، مثل العرب والمسلمين ودول المنطقة ومنها الحادثة التي تم الكشف عنها في مطلع هذا العام الجاري عبر تطبيقات كانت تستهدف المستخدمين بأوقات الصلاة وشؤون إسلامية أخرى».



موقع معتمد

من جهته، أكد خبير تقنية معلومات حمدان محمد المهيري على أنها إعلانات هدفها الأول والأخير النصب والاحتيال والتلاعب بعقليات الشباب والمراهقين، مشيراً إلى أن البيانات الشخصية المتداولة عبر هذه الإعلانات غير محمية ولا يمكن تأمينها بأي شكل من الأشكال.



وأشار إلى أن التكلفة المادية لوضع أي إعلان على تطبيق «الفيسبوك» على سبيل المثال تتراوح بين 3 إلى 5 دولارات يومياً، ولا يتطلب إجراءات سوى إنشاء حساب يستغرق دقائق معدودة، ومن ثم الدفع لوضع الإعلان مع توفير إمكانية اختيار الدولة المراد الإعلان بها وأيضاً فئات معينة مستهدفة من المستخدمين.



وذكر أنه رغم حملات التوعية المستمرة بمخاطر جرائم الابتزاز الإلكتروني، إلا أن هناك أسباباً وراء تكرارها، أبرزها إقبال الشباب على استخدام شبكات الإنترنت من دون أن يتمتعوا بالدراية الكافية حول كيفية حماية أنفسهم من المخاطر الموجودة، مشيراً إلى أن المراهقين يتصدرون الشرائح الجديدة التي تنخرط في التعامل مع مثل هذه الإعلانات حيث يعدون صيداً سهلاً للمجرمين والمحتالين.