الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

تحرير الملكية الأجنبية يستقطب استثمارات جديدة للإمارات

أكد مستثمرون ومختصون أن الإمارات تنتظر موجة تدفقات استثمارية جديدة نتيجة السماح بالتملك الكامل للأجانب للشركات، والذي بدأ تفعيل مطلع يونيو 2021، ضمن خطواتها المتسارعة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز مكانتها كملاذ عالمي آمن للاستثمار.

وأوضحوا أن التوقيت مثالي جداً لإتاحة تملك الشركات أمام الأجانب، ويأتي بعد نجاح الدولة في السيطرة على جائحة كورونا وتطعيم السكان وتسجيل أعلى المعدلات العالمية، ما يبعث الثقة في نفوس المستثمرين لضخ أموالهم في الاقتصاد المحلي.

قفزة نوعية


وقال المستثمر عماد جمعة رئيس ومؤسس شركة جي جروب في الإمارات، إن القانون يشكل قفزة نوعية ذات أثر كبير على واقع الاستثمار في الدولة التي تسعى حكومتها دوماً نحو تعزيز الجاذبية الاستثمارية والتنافسية على المستوى العالمي وبالتالي زيادة حجم الاستثمارات الأجنبية بشكل كبير ما سيترك أثراً إيجابياً على الاقتصاد الإماراتي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي.


وأضاف جمعة: «جاء هذا القرار ليعزز مكانة الإمارات كوجهة استثمارية عالمية، إضافة إلى كونه أحد الحلول الاقتصادية لتخفيف التداعيات المصاحبة لتفشي الجائحة والتي ألقت بظلال سلبية على الاقتصاد العالمي ما يعني أن هذا القرار سوف يلقى صدى واسعاً ليس محلياً أو إقليمياً فحسب وإنما على المستوى العالمي».

وتابع: «سنرى خلال الفترة القادمة ثمرة هذه الخطوة بنمو أعداد المستثمرين الجدد وزيادة بقيمة الاستثمارات لأن من شأن هذه الخطوة زيادة الثقة بالبيئة الاستثمارية للدولة أكثر وانخفاض نسبة المخاطر إلى أدنى درجة».

وبشأن تأثيرات القرار على واقع الاستثمار المحلي والمستثمرين المحليين، قال مؤسس جي جروب: «لن يكون هناك أي تأثيرات سلبية بل على العكس سيصبح المشهد الاستثماري في الدولة أكثر تنوعاً وسيفتح مجالات واسعة أمام تطور العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، ما يتيح فرصاً استثمارية أمام المستثمرين المحليين».

وتوقع جمعة أن تواصل الإمارات دعم المستثمرين الأجانب وتوفير بيئة استثمارية آمنة ومستقرة وتذليل العقبات أمام مزاولة الأعمال وجعلها الأكثر سهولة على مستوى العالم.

قرار إيجابي

من جانبه، قال شيهاس كيزيسيري، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة بيكسكوم، إن قرار تملك الأجانب للشركات إيجابي جداً لأنه في ظل الملكية المحلية الإلزامية، كان هناك ميل للنمو الذي يركز على الإيرادات ولكن مع هذه التغييرات، يمكنك أن ترى جودة أعلى تركز على العلامة التجارية.

وأضاف كيزيسيري أن القواعد الجديدة ستعمل على تسريع الوجود المحلي لمصنعي المعدات الأصلية وتمكين منظمات الخدمة من تقديم عرض مباشر للعملاء والذي من شأنه تحسين التركيز على جودة العروض.

وأوضح أن القرار يعزز جاذبية البلاد للأجانب كوجهة جذابة للجميع من المستثمرين ورواد الأعمال إلى المواهب، وعلى المدى الطويل، سيعزز ذلك صورة الإمارات كمركز اقتصادي للمنطقة ويزيد من تدفق الاستثمارات إلى الاقتصاد.

وأشار إلى أن التغييرات التنظيمية التي تدفع الأعمال في المنطقة هي بالتأكيد نعمة خلال أوقات «كوفيد-19»، وحتى في عالم ما قبل الجائحة، مشيراً إلى أن الاستثمار المؤسسي على المدى الطويل هو خطوة في الاتجاه الصحيح.

تحرير الاقتصاد الوطني

إلى ذلك، قال الخبير الاقتصادي الشريك والمدير العام لشركة تروث للاستشارات الاقتصادية، رضا مسلم، إن قرار تملك الأجانب سينعكس على تحسن مناخ الاستثمار بشكل عام ويعد خطوة مهمة في تحرير الاقتصاد الوطني.

وأشار مسلم إلى أن القرار سينعكس إيجابياً خاصة على مستوى أسواق المال والتي يمكن أن يساهم في ترقيتها من أسواق ناشئة إلى متقدمة مع تحرير القيود على الاستثمار الأجنبي والتي كانت تعد مطلباً رئيسياً في ترقية الأسواق.

ولفت مسلم إلى أن القرار سيساهم في زيادة تدفق الاستثمار الأجنبي مع زوال القيود السابقة التي كان يعاني منها بضرورة وجود شريك محلي بالاستثمار.

وأفاد بأن القرار سيضيف إلى الامتيازات التي تتمتع بها الإمارات والتي على رأسها الاستقرار الأمني والسياسي واستقرار سعر صرف العملة المحلية وارتفاع الاحتياطيات الأجنبية واستقرار مستويات التضخم ضمن الحدود الآمنة.

وأشار مسلم إلى جودة البنية التحتية التي تتمتع بها الإمارات من موانئ بحرية وجوية متطورة وقطاع مصرفي قوي وتكنولوجيا رقمية يجعلها دولة مؤهلة لأن تكون حاضنة للاستثمار الأجنبي العالمي الذي يبحث عن ملاذ آمن.

توقيت مثالي

من جهته، أكد عضو المجلس الاستشاري في معهد «تشارترد» للأوراق المالية والاستثمار، وضاح الطه لـ«الرؤية» أن القرار جاء في توقيت مثالي، ومن المتوقع أن يحدث تغيير إيجابي في قيمة ونوعية الاستثمارات الوافدة للإمارات في الفترة القصيرة المقبلة.

وقال الطه إن التملك بنسبة 100% للشركات يأتي ضمن استراتيجية الاستثمارات الأجنبية في الإمارات والذي يهدف إلى تحفيز التدفقات الأجنبية مع التركيز نحو صناعات معينة وحد أدنى للاستثمار مطلوب كرؤوس أموال، وذلك في صناعات بعضها حيوية واستراتيجية مثل الخدمات الصحية والمعدات الطبية والزراعة والعديد من المجالات الأخرى.

ويرى الطه أن القرار سيؤدي إلى جذب استثمارات جديدة كان يعوقها فكرة وجود شريك محلي، فضلاً عن إعادة تسجيل بعض الشركات التي تنطبق عليها الشروط بأسماء أصحابها والتي كانت تحت اسم وكلاء محليين.

وتوقع المحلل الاقتصادي والمالي أن تشهد الإمارات خلال 2021 باعتبارها الدولة الأكثر جذباً عربياً للاستثمارات الأجنبية، المزيد من التعزيزات والاستثمارات في مجالات مختلفة، مشيراً إلى أهمية أن يكون هناك مراجعة دورية لحدود رأس المال حتى لا يكون عائقاً أمام المستثمرين.

وتابع الطه: «يؤثر القرار بوضوح في حجم العمالة المستخدمة والصرف والاستهلاك بما يدعم الاقتصاد المحلي».

تعزيز الثقة

وتعليقاً على القرار، قال باسل نديم الرئيس التنفيذي لشركة «تبر للمدفوعات» التي تتخذ من دبي مقراً لها، إن قانون تملك الشركات الجديد من شأنه أن يعزز الثقة الاستثمارية باقتصاد الإمارات.

وأضاف نديم أن القانون من شأنه أن يزيد من التدفقات الاستثمارية المباشرة إلى الدولة بالإضافة إلى تحسين تقييم مخاطر الاستثمار في دراسات الجدوى الاقتصادية التي يعدها المستثمر الأجنبي للمشاريع.

وأشار إلى أن هناك أيضاً أثراً إيجابياً في معالجة ما كان يعرف محلياً بكلمة «الشريك غير الفاعل» أي الشريك الإماراتي الذي ربما يحمل حصة اسمية 51% تكون أعلى بكثير من حصته الفعلية، وبالتالي تجنب المنازعات القضائية عند حدوث تقييم استثماري للشركة أو تصفية أو أي أمر قضائي يستوجب على الشركاء تحمل عقباته القانونية وفق نسبة الملكية.

وأفاد نديم، بأن هذا يعني أن القانون الجديد قد أنصف المستثمر الإماراتي من تحمل مخاطر الملكية.

ويرى نديم أن التشارك مع مستثمرين إماراتيين لا يزال أحد عوامل النجاح التي قد يحتاج أي مستثمر أجنبي التفكير كجزء من استراتيجية الدخول إلى أسوق الإمارات والمنطقة.

رؤية ناضجة

وحول توقيت إصدار القرار في ظل التطورات العالمية، أشار نديم إلى أن الإمارات لديها رؤية استثمارية واضحة ويتم العمل بها منذ عدة سنوات في رفع جاذبية الاستثمار، لذلك لم يكن القانون الجديد كردة فعل فجائية جراء انتشار الجائحة.

وذكر رئيس شركة «تبر للمدفوعات» أن دولة الإمارات هي مركز للتجارة والمدفوعات الرقمية والاستثمار في المنطقة، لذلك فإن تدفق الاستثمارات الأجنبية يحفزه الرغبة في الوصول لهذا المجال الاقتصادي الحيوي التي تقدمه الدولة من تنظيمات قانونية وبنية تحتية فعلية ورقمية، ومجتمع آمن للعيش والنمو لمختلف ثقافات العالم.

مستثمر أجنبي

قال صفدار بدامي، المدير التنفيذي لمجموعة المكرّم المتخصصة بالصناعات الكيماوية ومواد البناء والتي تتخذ من إمارة الشارقة مقراً لها، إن القرار سيساهم في جعل الإمارات العربية المتحدة اقتصاداً أقوى وأكثر مرونة وذلك بجانب العديد من السياسات الإيجابية الأخرى التي يتم تنفيذها حالياً مثل منح جوازات السفر الإماراتية والتأشيرات الذهبية وتأشيرات التقاعد.

وأشار إلى أن سيسرع أيضاً من قدرة الإمارات كدولة من الاستفادة من الانتعاش الاقتصادي العالمي القوي، وبالتالي تعزيز مكانة الدولة على خريطة الأعمال العالمية.

قفزة بالاستثمارات الأجنبية الوافدة للإمارات.

وحققت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى الإمارات نمواً نسبته 44.2% خلال العام الماضي مقارنة بعام 2019، وذلك على الرغم من تداعيات تفشي فيروس كورونا، التي ألقت بظلالها على حجم الاستثمار والتجارة واقتصادات العالم.