حذر خبراء تداول، المتعاملين من الوثوق الأعمى بالعملات المشفرة لا سيما العملات التي لم تكسب ثقة المؤسسات إلى الآن كعملة الدوجكوين التي شغلت الرأي العام مؤخراً، موضحين أن هذه العملة تتحرك بفعل السلوك الجمعي للأفراد، لا سيما الشباب الطامحين إلى تحقيق أرباح سريعة، وتجذبهم العملات الرخيصة التي تقيم بأجزاء الدولار.
ولفت إلى أن ارتفاع العملة المشفرة «الدوجكوين» لا يرتبط بأي منطق استثماري مدروس، لكن ذلك لا ينفي أن البعض حقق أرباحاً كبيرة من تداول هذه العملة، مشيرين إلى أن تحقيق الأرباح على مثل هذه الأدوات يبقى ممكناً لكن احتمالات حدوث الفقاعة موجودة دائماً إلى حد أكد فيه البعض أن الفقاعة قاد، لكن لا نعرف عند أي مستوى سعري.
وقال البعض: «لا تزال البيتكوين إلى الآن هي المحرك النفسي لكافة العملات المشفرة الأخرى، فبعد صعود البيتكوين التي تعتبر أعرق وأقدم العملات المشفرة صعدت العملات الشهيرة الأخرى ومن ثم تبعتها العملات الأقل شهرة، مضيفاً أن البيتكوين تتميز إلى الآن عن الكثير من العملات المشفرة الأخرى، فعند مقارنتها بالدوجكوين التي صدرت في 2013 على سبيل السخرية من العملات الرقمية وتحديداً البيتكوين».
نرى أن البيتكوين لها سقف سوقي عند 21 مليون وحدة وشهدت دخولاً مؤسساتياً واضحاً ومكشوف السعر، كما تم اعتمادها وسيلة مقبولة للدفع من بعض المؤسسات العريقة والكبرى عالمياً، أما الدوجكوين فليس لديها أي من المزايا السابقة إلى الآن وبالتالي فهي معرضة للانهيار في أي لحظة.
ولفتوا إلى أن البيتكوين انهارت أسعارها في عام 2017 من الذروة التي وصلت إليها عند مستويات 20 ألفاً إلى ما دون الـ5000 وغابت عن الأضواء لنحو سنتين.
يذكر أن الدوجكوين ارتفعت منذ بداية العام الجاري إلى حين كتابة هذا التقرير بأكثر من 6000% إلى 0.278 دولار مقارنة بـ0.00449 دولار نهاية العام الماضي فيما تجاوز ارتفاعها منذ بداية العام حاجز الـ8000% في بعض الجلسات السابقة عند تخطي السعر حاجز الـ0.4 دولار.
واختلف المتابعون والمتعاملون عبر وسائل التواصل الاجتماعي على العملة الرقمية ،فبينما اعتبر البعض صعودها وحتى وجود مثل هذه العملة غريباً، أشار آخرون إلى أنها العملة الرقمية الأفضل أداء في 2021 إلى الآن.
وقال أحمد عدنان: إن جميع الخبراء يحذرون من هذه العملة وفي النهاية يشترونها.
ومن جهته، قال أحمد صوان: هذه العملة أثبتت قدرتها على الصمود والصعود بقوة الطلب وكانت الأفضل أداء في 2021، لكن أحمد فكري يؤكد أن هذه العملات لا سيما الدوجكوين غير منطقية من ناحية ماهيتها أو حركة الصعود التي تشهدها.
وتساءل محمد الشامي عن سبب صعوبة شراء العملات الرقمية خاصة الدوجكوين التي لا تتوفر على الكثير من المنصات التي توفر العملات الأخرى.
وتفصيلاً، فيما يخص رأي الخبراء، قال رئيس مركز الأبحاث والتطوير في نور كابيتال، محمد حشاد: رغم إطلاق عملة الدوجكوين الذي جاء على سبيل السخرية، تجاوز إجمالي حجم تعاملات عملة الدوجكوين 50 مليار دولار يوم الثلاثاء 20 أبريل، لافتاً إلى أن انطلاق الدوجكوين في 2013 كان على سبيل الدعابة بعد أن طورها أحد مهندسي البرمجيات للسخرية من البيتكوين، مستخدماً صورة كلب من سلالة «شيبا أونو» اليابانية في تصميم الشكل الافتراضي للعملة.
وكانت هذه العملة هي المدخل لنوع جديد من العملات المشفرة وهي «العملات المشفرة الميمية»، نسبة إلى مصطلح «الميم» الذي يستخدم في الإشارة إلى العبارات الساخرة المصحوبة بصور على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأشار إلى أن بعض المستخدمين سار بالدوجكوين في اتجاه آخر لتتحول إلى واحدة من الأصول التي يتجاوز حجم تعاملاتها القيمة السوقية لشركات كبرى مثل فورد وماريوت إنترناشونال وذلك رغم كونها من العملات المشفرة الميمية، التي تقوم على أساس الدعابة.
ورجح أن السلوك الجمعي الذي كان وراء الارتفاع الصاروخي لسهم جيمستوب في فبراير الماضي هو نفس السلوك الذي وقف وراء دعم الصعود الحاد لعملة الدوجكوين، حيث يتبنى هذا السلوك فئة متاجري التجزئة في أسواق المال الذين يوجد حوالي 4 ملايين متداول منهم في غرفة المحادثة Wallstreetbets على تطبيق موقع التواصل الاجتماعي ريديت.
وتابع حشاد: هناك عدة عوامل وقفت في الماضي وراء صعود عملات مشفرة مثل البيتكوين وزادت من الإقبال عليها، ما جعلها صامدة وموجودة وتتوسع في الانتشار منذ إطلاقها وحتى الآن، لكن أهم هذه العوامل لا تتوافر للدوجكوين التي تجاوز ارتفاعها 8000% لتحتل المركز الخامس بين أكبر العملات المشفرة من حيث حجم التعاملات.
وعن العوامل التي لا تتوفر في هذه العملة، أشار حشاد إلى أن العامل الأول يكمن بوجود 4 عملات مشفرة على الأقل يتجاوز حجم تعاملاتها حجم تعاملات الدوجكوين بعشرات المليارات من الدولارات، فيما يرتبط العامل الثاني باقتصار متداولي الدوجكوين على متداولي التجزئة على عكس عدة عملات رقمية أخرى كالبيتكوين وغيرها من العملات المشفرة الرئيسية، فيما يرتبط العامل الثالث بافتقار الدوجكوين إلى جودة التوزيع في الأسواق علاوة على أنه لم يثبت بأي حال من الأحوال كونها مخزناً جيداً للقيمة كما هو الحال في البيتكوين.
ومن جهته، استشهد عضو المجلس الاستشاري في معهد تشارترد للأوراق المالية والاستثمار والمحلل المالي وضاح الطه، بكلام رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأن العملات المشفرة لا تزال إلى الآن أصول مضاربة وليست المخازن المثالية للقيمة وليست كذلك وسيلة دفع.
وأشار الطه إلى أن المتداولين يشترون العملة الرقمية على سعر معين على أمل الاستفادة من موجة الارتفاعات والتهافت ومن ثم البيع لتحقيق أرباح معينة، لكن معظم المستثمرين لم يدخلوا على أساس وعي معمق ودراسات أو حتى اقتناع، بل على أساس مضاربي.
ووصف التهافت بكونه أقرب إلى المقامرة والإدمان لا سيما أن الكثير من المتداولين من الشباب الطامحين إلى تحقيق أرباح سريعة، وتغريهم العملات المقيمة بسنتات كعملة الدوجكوين.
وأكد أن مخاطر انفجار الفقاعة موجودة دائماً ولا أحد يعرف متى تنفجر ومن سيكون المتضرر.
وبدوره، أفاد المحلل المالي حسام الحسيني، أن الدوجكوين تفتقر حتى إلى مميزات البيتكوين التي باتت تكتسب ثقة متزايدة من قبل كبرى المؤسسات من ناحية قبول الدفع بها أو من ناحية الاستثمار في هذه العملة وبمبالغ وقيم معروفة، إضافة إلى أن البيتكوين لها سقف سوقي فلا يمكن تعدين أكثر من 21 مليون وحدة منها فيما يغيب هذا السقف أو هو غير معروف بالنسبة إلى الدوجكوين.
وأشار إلى أن حدوث ارتفاع غير منطقي يرجح حدوث سقوط مدوٍ لكن لا أحد يعرف متى سيكون هذا السقوط، لافتاً إلى أن العملات الرقمية إلى الآن لا تزال تكتسب زخمها ومسارها من البيتكوين التي تمثل المحرك النفسي لباقي العملات المشفرة.
ومن جهته أشار الخبير المالي والمصرفي أمجد نصر إلى أن عملة الدوجكوين اتخذت مسارات صعودية كبيرة خلال الفترة الماضية نتيجة لتهافت الآلاف لا سيما من الأفراد وخصوصاً الشباب لتحقيق أرباح من هذه العملة المنخفضة السعر، لافتاً إلى أن الاتجاه إلى الشراء ليس نابعاً من معرفة بهذه العملة أو بطبيعتها وإنما محاولة للاستفادة من موجة التهافت العالمي لا سيما بعد التغريدات الأخيرة من قبل إيلون ماسك والتي دفعت بهذه العملة إلى تحقيق ارتفاعات جنونية.