حدد خبراء اقتصاديون ومؤسسات داعمة للمشاريع الوطنية 10 حوافز أسهمت بدعم مبادرة «اصنع في الإمارات» وشجعت الشباب للتحول من مشاريع التجزئة والمطاعم والخدمات، إلى التصنيع، وتمثلت هذه التسهيلات في: توحيد الجهود، ترسيخ مفهوم العمل المشترك، تبادل الخبرات، تقديم إرشادات تنمية الأعمال، المتابعة الحثيثة لدراسات الجدوى، زيادة الدعم لقطاع المشروعات الصناعية، تسهيل الإجراءات، خفض الرسوم، مواجهة الإغراق والمنافسة غير المتكافئة، مساعدة رواد الأعمال في تسويق منتجاتهم في الداخل وتصديرها للخارج.
وتوقع هؤلاء أن تستحوذ الصناعة على أكثر من 60% من إجمالي المشاريع التجارية التي يؤسسها الشباب خلال الأعوام الخمسة القادمة، كونها تضمن دخلاً للخريجين الذين لم يحصلوا على فرص وظيفية، فيما أكد إماراتيون أنهم توجهوا للإنتاج النوعي تماشياً مع استراتيجية الصناعات المستقبلية التي تسهم بنمو الاقتصاد الوطني، وتحقق الاكتفاء الذاتي والتصدير للدول الأخرى أحياناً.
تعزيز التنافسية
قال الصناعي، منصور البستكي، إنه توجه للمشاريع الصناعية لجدواها الاقتصادي المضمون فضلاً عن أنها تدعم نمو الصناعات الوطنية وتعزيز تنافسيتها، بما يسهم في تمكين وتدعيم الاقتصاد الوطني، لا سيما في ظل توجه الاستراتيجية الحكومية العشرية، للنهوض بالقطاع الصناعي في الدولة وتوسيع حجمه ونطاقه، ليكون دافعاً أساسياً للاقتصاد الوطني للنمو والتطوير الدائم، ضمن أهداف تسعى إلى تعزيز مساهمة القطاع الصناعي بالدولة في الناتج المحلي، مشيراً إلى حرصه على التوسع في المشاريع التي تبرز المقوم الإماراتي الوطني في المنتج المحلي، وتعزز تنافسية الصناعة والمنتجات الوطنية.
وبيّن أنه يملك 3 مشاريع هي مصنع شوكولاتة ينتج شهرياً 12 طناً من الشوكولاتة وبأكثر من 30 نكهة مختلفة، علاوة على مصنع لتجهيز المركبات وصناعة المقطورات الخاصة بالمشاريع المتنقلة، وآخر لإنتاج مياه غازية بنكهات طبيعية خالية من المواد والسكريات المصنعة باستخدام اللبان العربي كمادة حافظة، لافتاً إلى أهمية التركيز على الصناعات المستقبلية التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة، كونها تسهم في دعم استراتيجية الإمارات المتقدمة وفي تطوير المنظومة الصناعية الوطنية.
الاكتفاء الذاتي
من جانبه، قال صاحب مصنع الديوانية لإنتاج الحلوى العمانية يوسف اليتيم: معظم الشباب أضحوا اليوم يتجهون للمشروعات الصناعية الإنتاجية التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز حضور المنتج المحلي في الأسواق بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير للدول الأخرى أحياناً، لافتاً إلى أن التجارب السابقة في هذا المجال والمبادرات التي تطلقها الحكومة بهذا الخصوص والمتمثلة في تقديم كل الامتيازات والتسهيلات والحوافز شجعت الشباب من رواد الأعمال على التوجه لهذا النمط من المشاريع، مع الحرص على توظيف التكنولوجيا المتقدمة في عمليات الإنتاج والعرض والتسويق وإيصال السلع إلى المستهلك.
تصور مستقبلي
فيما أكد صاحب شركة لدعم مشاريع الشباب الصناعية عبدالله الزرعوني، أنه استطاع دعم 120 مواطناً ومواطنة طرحوا أفكاراً لابتكارات غير تقليدية، عبر تقديمه خططاً شاملة لتنفيذ اختراعاتهم وتحويلها لمنتجات ووضع خطط تسويق هذه المنتجات، ابتداءً من تطوير فكرة الاختراع ومروراً بوضع آليات تنفيذها وتحويلها لنماذج والحصول لها على براءة اختراع، وانتهاء بتصنيعها وتسويقها كمنتج أو سلعة، مع الحرص على توظيف الذكاء الاصطناعي في هذه المشاريع، مشيراً إلى أن معظم خريجي الجامعات الجدد توجهوا لمثل هذه المشاريع التي تضمن دخلاً مالياً، لا سيما الذين لم يحصلوا على فرص وظيفية.
وأوضح أن هذا النمط من المشاريع يحقق أرباحاً مادية مضمونة ويوفر لصاحبه وضع تصور مستقبلي طويل الأمد للاستمرار لفترات أطول مقارنة بالمشاريع الخدمية أو التجارية التي ترتبط بفترة زمنية محددة وفقاً لحجم الطلب عليها في الفترة التي ظهرت فيها.
صناعات حديثة
وقال رائد الأعمال سعيد الكتبي: إن المبادرات الحكومية الداعمة للمجالات الصناعية، ورؤيتها لتطويرها بحيث تستقطب المشاريع الصناعية العالمية، تتيح لرواد الأعمال توجيه بوصلتهم نحو تأسيس مشاريع متخصصة في مجالات صناعية حديثة، منوهاً إلى أنه يسعى إلى تأسيس مشروعه الخاص في صناعة الهياكل الخاصة من الفايبر كاربون، لارتفاع الطلب عليه في السوق الخليجي وغيرها من الصناعات الأخرى ذات الارتباط المباشر.
وأفاد بأنه من الضروري التفكير في نفس الاتجاه لرؤية الحكومة ومسيرة الدولة التنموية، والتي تضع الصناعات على قائمة الأولويات، وخاصة في ظل الإمكانيات الحديثة للذكاء الاصطناعي.
منظومة رائدة
فيما أكدت مؤسسة الشارقة لدعم المشاريع الريادية (رُوّاد)، التابعة لدائرة التنمية الاقتصادية، أنه جرى اعتماد 224 مشروعاً للمؤسسة خلال العام الماضي بنمو في عدد العضويات بلغت نسبته 19.1%، مقارنة بالعام قبل الفائت.
وأشارت (رواد) إلى أن مشاريع القطاع التجاري الصناعي بلغت نسبتها 68.1% من إجمالي المشاريع المعتمدة لدى المؤسسة والتي عملت على تمويلها، دعماً منها للتوجهات المستقبلية نحو المشاريع الإنتاجية، لا سيما أن الإمارات تمتلك الكثير من المقومات والإمكانات التي تساعد في بناء بيئة استثمارية جاذبة للإنتاج الصناعي، ولديها منظومة رائدة في إدارة هذه المقومات بالشكل الأمثل وتوظيفها في تشكيل عوامل جذب مهمة للاستثمارات من مختلف أنحاء العالم، في ظل توحيد الجهود وترسيخ مفاهيم العمل المشترك وتبادل الخبرات وزيادة الدعم لقطاع المشروعات الصناعية، إلى جانب تسهيل الإجراءات وخفض الرسوم.
طاقة تصديرية
وأكد الخبير الاقتصادي إلياس عمر أهمية التحول إلى مشاريع التصنيع والإنتاج النوعي تماشياً مع الاستراتيجية العالمية الهادفة إلى تعزيز نمو هذا القطاع وجعله من أبرز مقومات الصناعات المستقبلية التي تخدم المناخ الاستثماري وتسهم بشكل مباشر في نمو الاقتصاد الوطني، متوقعاً أن تستحوذ الصناعة على أكثر من 60% من إجمالي المشاريع التجارية التي يؤسسها الشباب خلال الأعوام الخمسة القادمة.
وأضاف وفرت الإمارات حزمة متنوعة من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين ورجال الأعمال بالمشروعات الصناعية باعتبارها قطاعا إنتاجياً مهماً يسهم في تنويع مصادر الدخل، ويغطي جزءاً من الطلب المحلي، إضافةً إلى أنه يعد طاقة تصديرية متزايدة، لا سيما في ظل الإقبال اللافت عليه من المواطنين خريجي الجامعات الذين أضحوا يتجهون لتأسيس المصانع والمشاريع الإنتاجية المتوسطة التي وجدوا فيها مصدر دخل رئيسي لهم، بسبب قلة توافر الشواغر الوظيفية في سوق العمل بسبب ظروف الجائحة.
تعزيز الشراكات
فيما توقع الخبير الاقتصادي علي بدر أن يزيد التوجه المستقبلي لتأسيس مشاريع صناعية بنسبة 40% مقارنة بالفترة الحالية، خصوصاً في ظل توافر البنية التحتية وكذلك الحوافز والتسهيلات مهيأة تماماً للاستثمار في قطاع المشروعات الصناعية المنتجة، إلا أن قلة الإقبال عليها من الشباب يرجع إلى غياب الثقافة والتسويق للفرص الاستثمارية، لدى الشباب بجانب غياب الرؤية لديهم لمستقبل القطاع الصناعي وأسواق التسويق وبيع المنتجات ومنافذها.
ولفت إلى إمكانية تعزيز الشراكات بين الشباب لتنفيذ مشاريع صناعية مشتركة، مع التركيز على صناعات نوعية ومنخفضة التكاليف، فيما تتمثل المحفزات في مواجهة الإغراق والمنافسة غير المتكافئة، وأيضاً الاهتمام بنشر الثقافة الصناعية منذ الصغر عبر التنسيق بين المؤسسات التعليمية والصناعية، ومساعدة رواد الأعمال في تسويق منتجاتهم في الداخل وتصديرها للخارج.
فرصة كبيرة
أكد رئيس اللجنة العليا لمؤسسة سعود بن صقر لتنمية مشاريع الشباب برأس الخيمة، يوسف إسماعيل، أن ريادة الأعمال الصناعية، من أهم المجالات ذات الصعود التدريجي في بيئة استثمارية متطورة، وبنية تحتية تلبي متطلبات القطاع الصناعي.
وأشار إلى أن تأسيس الأعمال عبر المؤسسة يتيح للمواطنين الإعفاء من الرسوم المحلية، بهدف دعمهم في الأعوام الثلاثة الأولى من التأسيس، فضلاً عن المتابعة الحثيثة لدراسات جدوى المشاريع من قبل فرق متخصصة في المؤسسة، بهدف تطوير مشاريع رواد الأعمال الشباب وتقديم كل الاستشارات والإرشادات المطلوبة لتنمية أعمالهم.
وقال: إن المؤسسة تحتضن مجموعة من المشاريع الصناعية المتخصصة، والتي بدأت بأفكار دعمتها المؤسسة، ووضعتها على طريق الاستثمار، وحققت نجاحات مميزة في مجال الصناعات التحويلية.
وأضاف أن المبادرات التي تطلقها الحكومة لتنمية القطاع الصناعي في الدولة، مستفيدة بذلك من التطور في مجالات الذكاء الاصطناعي وأتمتة العمليات، وتطبيق كافة مبادئ الثورة الصناعية الرابعة، تعطي فرصة كبيرة لرواد الأعمال في ضرورة التفكير بالاتجاه التي تذهب إليه دولة الإمارات.
رؤية وطنية
قال مدير مركز المسار للدراسات الاقتصادية نجيب الشامسي: إنه من المهم أن تتجه المشاريع الشبابية الجديدة في نفس الاتجاه الذي تذهب إليه الرؤية الوطنية؛ الأمر الذي يرفع من احتماليات النجاح والتميز ضمن مسيرة التنمية، وهو ما ينطبق على أهمية الاستثمار في المشاريع الصناعية المتطورة.
وبيّن أن المجالات الصناعية واسعة ومتنوعة وتختلف بمدى اختلاف تقنيات العمل، لذلك التقليد فيها ضعيف، ولا يؤثر على مسيرة المشاريع، كما هو في المشاريع الصغيرة والمتوسطة المعنية بالمطاعم والمقاهي وغيرها من المشاريع التقليدية التي تشبع منها السوق.
ولفت إلى أن المشاريع الصناعية ذات أفق مفتوح على مستوى العالم، لذلك دائماً ما ترتبط الصناعات بالتصدير؛ وهو الأمر الذي يقع ضمن طموحات الدولة في تعزيز الصناعات ورسم استراتيجيات لتعزيز قوة التصدير لديها، ليبقى اسم «صنع في الإمارات» وارداً في كل العالم، وهذه هي الفرصة التي يجب أن يستفيد منها أبناء الإمارات، في بناء مشاريع صناعية متطورة.