الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

وزير الزراعة والتنمية الريفية الإسرائيلي: التقنيات الذكية منصة انطلاق النهضة الزراعية

قال وزير الزراعة والتنمية الريفية الإسرائيلي ألون شوستر، إن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل تحمل في طياتها الكثير من الفرص والفوائد للبلدين، موضحا أن الابتكار وخدمات الإرشاد الزراعي التي تساعد المزارعين في إسرائيل، يمكن أن تساعد الإمارات للوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الغذاء بوقت قصير، فضلا عن استخدامها الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتقنيات معالجة الصور والروبوتات والطائرات المسيرّة.

وأضاف في حواره مع «الرؤية»، أن إسرائيل تمتلك التجربة والمعرفة اللازمة، وتقف اليوم في طليعة مواجهة تحديات استدامة تأمين الغذاء، من خلال قطاعها الزراعي المُبتكر، مبينا أن السر في نجاح هذه القطاع يكمن في الشراكة والتعاون بين القطاعين العام والخاص وخدمات الإرشاد الزراعي الجيدة.. وإلى نص الحوار.

- تمكنتم في وقت وجيز من التغلب على التحديات الطبيعية بما فيها محدودية الموارد المائية وعوامل الطقس، للنهوض بالقطاع الزراعي لديكم، كيف ذلك؟


تعاملت إسرائيل منذ نشأتها مع جملة من التحديات، منها انتشار الأراضي الصحراوية الشاسعة، وبُعدها عن الأسواق العالمية، وغياب أي نوع من التبادل التجاري مع دول الجوار، ما دفع صناع القرار لدينا منذ البداية إلى الاعتراف بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي من الموارد الزراعية.


وشكّل شح المياه أيضاً دافعاً لنا لتخصيص موارد كبيرة لواحد من أكبر المشاريع في إسرائيل، وهو «مشروع المياه القٌطري»، وقد أتاحت البنية التحتية للمشروع نقل المياه من بحيرة طبريا في شمال إسرائيل باتجاه الجنوب نحو الصحراء.

وبفضل التطوير الزراعي العملي وإنشاء مؤسسات للبحث والتطوير، إضافة إلى الاستثمار في أبحاث محلية للتعرف إلى التحديات والمزايا الكامنة بكل منطقة، تمكنت إسرائيل من وضع أسس الزراعة المتقدمة التي تتمتع بها اليوم.

لكن كل هذه العوامل المذكورة، شكلت فقط القاعدة التي أسست للنهضة الزراعية الإسرائيلية، إلاّ أن السر اليوم يكمن في الشراكة والتعاون المتميز بين القطاعين العام والخاص، وخدمات الإرشاد الزراعي الجيدة التي تشرف عليها وزارة الزراعة والتنمية الريفية، حيث تعمل يداً بيد مع المزارعين لمساعدتهم على دمج أحدث التقنيات الزراعية في ميدان عملهم.

- حققت إسرائيل 4.4% نمو سنوي بـ«الإنتاجية الزراعية»، وهذا مرتفع نسبياً مقارنة بمعظم بلدان العالم.. كيف نجحتم في هذا؟

القطاع الزراعي برأيي شبيه بهندسة الكومبيوتر أو بصناعة الهاتف المحمول، إذ يسعى المهندسون إلى تحسين قدرة منتجهم على معالجة مزيد من البيانات في وقت أقل ومساحة أصغر، وهكذا يعمل القطاع الزراعي في إسرائيل، نستخدم تقنيات مشابهة بهدف زراعة محاصيل أكبر بموارد أقل على أرض أصغر.

ونستخدم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتقنيات معالجة الصور والروبوتات والطائرات المسيرّة، إضافة إلى مجموعة متنوعة من الابتكارات الأخرى التي يتم التطرق إليها عادة في سياق الحديث عن «وادي السيليكون».

- هل الذكاء الاصطناعي والتقنيات كافية لتحقيق هذا النجاح؟

حالفنا الحظ بمن هم أكثر العقول إبداعاً في العالم، ووفرنا الجو العام الذي سمح لهذه العقول بالعمل على تطوير وتشغيل تقنيات زراعة جديدة، عبر الاستثمارات العامة ودعم البحث العملي.

وتُعرف إسرائيل بنهجها الشمولي في المجال الزراعي، حيث يبدأ الأمر بالبذور عبر زيادة قدرة النباتات على تحمّل ظروف الحر والجفاف، ويستمر من خلال توفير المناخ المناسب للنمو باستعمال البيوت الزجاجية مع مكافحة الآفات، إضافة إلى العديد من الممارسات التي تجعل الزراعة حقلاً أكثر علمية، فالعلوم تعني الإبداع، وتطبيق المعارف الجديدة هو مفتاح الأمر برمته.

- هل بإمكانكم تسليط الضوء على أحدث التكنولوجيا الزراعية في بلدكم؟

من الصعب تناول كافة التقنيات الحديثة المتنوعة المستخدمة في قطاع الزراعة الإسرائيلي هنا، لكن سأركز على تقنيتين يمكن أن تغيرا اللعبة التكنولوجية بهذا المجال، الأولى تتعلق باستخدام الطائرات المسيرة «درونز» والمجسّات وأجهزة الاستشعار عن بُعد في الزراعة، وهو التطور الذي يسمح للمزارعين بمراقبة حقولهم عبر تطبيقات هاتفية.

وتتم مراقبة كل مرحلة من عملية الزراعة بعناية بواسطة أجهزة الاستشعار عن بعد ومن خلال كاميرا الطائرة المسيرة، ويتلقى المزارع بيانات على غرار كمية المياه اللازمة ومعدل الرطوبة في التربة وبالهواء، ما يمكنه من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن مزرعته.

وتتمثل التكنولوجيا الثانية الصاعدة بإسرائيل في «الزراعة الرأسية»، حيث تعد حلاً قائماً على زراعة التربة في حاويات أوعية، هذا الحل يجلب فوائد المحاصيل المعتمدة على التربة في نظام بيئي مغلق، ويمكّن من زراعة أنواع مختلفة من المحاصيل في ظروف منعزلة تتم مراقبتها بواسطة نظام إنترنت الأشياء، هذه الطريقة لديها القدرة على تغيير أسلوبنا في الزراعة واستهلاك الغذاء، بغض النظر عن مدى توفر الأراضي الزراعية.

- معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل بداية مرحلة جديدة من الاستقرار والازدهار لدول المنطقة.. كيف يمكن أن تسهم المعاهدة في تطوير قطاع الزراعة في الإمارات؟

أعتقد أن هذه المعاهدة تحمل في طياتها الكثير من الفرص للبلدين، وبقدر ما يمكن أن تحظى به الزراعة من أهمية، أودّ أن أوكد أولاً على أهمية المعاهدة وتأثيرها على المنطقة بأسرها، حيث نعيش الآن جواً من السلام والتعاون، نأمل أن تحمل هذه الخطوة الشجاعة نحو السلام عهداً من الازدهار ليس فقط لبلدينا بل لكافة دول المنطقة.

في اعتقادي أن التعاون بين الإمارات وإسرائيل في مجال الزراعة يمكن أن يعود بالفائدة على الإمارات بشكل كبير، فخلال محادثاتي مع وزيرة الدولة للأمن الغذائي مريم المهيري مؤخراً، وجدت لديها الرغبة في تحقيق هدف الإمارات للوصول للاكتفاء الذاتي، ولدينا في إسرائيل التجربة والمعرفة اللازمة للمساعدة في تحقيق ذلك، فالابتكار والتقنيات المطوّرة وخدمات الإرشاد الزراعي التي تساعد المزارعين في إسرائيل وبلدان أخرى، يمكن أن تسهم وتساعد بإيصال الإمارات إلى الاكتفاء الذاتي في وقت وجيز.

أعاد وباء كورونا ملف الأمن الغذائي العالمي إلى الواجهة من جديد.. كيف يمكن لمعاهدة السلام أن تسرع الخطط لتحقيق هدف الاستدامة الغذائية؟

يعد الأمن الغذائي مصدر قلق عالمي بالغ الأهمية مع تصاعد وتيرة الزيادة السكانية وتناقص الموارد، حسب الأمم المتحدة، فإنه ومع نهاية القرن الحالي، سيصل عدد سكان الأرض إلى 11 مليار نسمة، لذا تبرز الحاجة لحلول ذكية لزراعة أكثر كفاءة، ومحاصيل أقوى، ومصادر غذائية بديلة، أكثر من أي وقت مضى.

ويجب أن ننظر إلى التحدي من خلال منهجية شاملة، من المزرعة إلى الملعقة، وتحسين جميع جوانب سلسلة الإمداد، عبر جلب بذور أفضل، واستعمال مواد كيميائية أقل، وتطبيق أساليب زراعية جديدة، وتطوير عملية التعبئة والتغليف، وتعزيز أنظمة تسويق المنتجات الطازجة، هذه بعض التحديات التي يواجهها العالم في مساره لإدخال منتوج زراعي نهائي إلى السوق بطريقة أسرع وفي حالة طازجة، وبمذاق أفضل.

ووباء (كوفيد 19) الذي لا يعترف بالحدود، أكد الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التعاون وتضافر الجهود من أجل مصلحة الجميع على المستوى العالمي، وبات التعاون مفتاح الازدهار على الصعيدين المحلي والدولي.