قال اقتصاديون لـ«الرؤية»، إن تصنيف البنك الدولي الأخير لمعدل الفقر في دولة الإمارات عند مستوى «صفر» يعود إلى 7 عوامل، أبرزها خطط الدعم التي تقدمها الحكومة للمواطنين، ولا سيما بعد مرحلة ما بعد «كوفيد-19» لمحو الآثار السلبية الواقعة عليهم من تلك الأزمة.
وأظهر تقرير صدر حديثاً عن البنك الدولي بعنوان «الفقر والرخاء المشترك 2020: انتكاسات الثروة»، أن معدل الفقر بين مواطني الإمارات يبلغ صفراً، لتتفوق الدولة بذلك على كندا التي بلغ عدد المواطنين الفقراء بها 0.1 مليون نسمة، وعلى الولايات المتحدة التي بلغ عدد المواطنين الفقراء فيها نحو 3.2 ملايين نسمة.
من جهته، قال المستشار والخبير الاقتصادي الدكتور كمال أمين الوصال، إن وصول معدل الفقر بالدولة لـ«صفر» يعود لعدة عوامل، في مقدمتها ارتفاع مستوى دخلها وزيادة إيراداتها من النفط وغيرها من الأنشطة الاقتصادية، وهو الأمر الذي دفع لترتيب عالمي للإمارات في هذا المجال.
وأشار إلى أن أهم ما يميز دولة الإمارات عن غيرها من دول المنطقة والعالم التي بها نسب فقر أعلى رغم ارتفاع إيراداتها البترولية هو الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة في تنفيذ تطبيق خطط الدعم للمواطنين وللمقيمين عامة والذين يقل دخلهم عن مستويات الدخل المأهولة.
وأوضح أن خطط الدعم التي تقدمها الحكومة تتضمن قطاع الإسكان، فعلى سبيل المثال تمنح الحكومة المواطنين أراضي مجانية من قبيل الدعم، وفي بعض الأحيان الأخرى تمنحهم قروضاً ميسرة بمدة تصل إلى 10 سنوات، وذلك بهدف المساهمة في شراء أرض أو عقار.
وقال كمال الوصال، إن من سبل الدعم التي تقدمها الدولة خططها المقدمة في قطاع التأمين الصحي، حيث إن لديها شبكة تغطي جميع المواطنين وتمنحهم مزايا تخفض تكلفة الخدمات المقدمة بالقطاع.
وأضاف أن من تلك العوامل التي دفعت الدولة للحصول على تلك النسبة بمعدل الفقر الاهتمام الحكومي بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال تقديم تمويل للشباب قيمته تقارب نحو 250 ألف دولار، مؤكداً أن دعم الفئة سهل على الدولة أيضاً مواجهة المشاكل الاقتصادية العامة التي يعاني منها دول العالم والمنطقة على الأخص.
ولفت إلى أن العوامل التي سهلت على الدولة أيضاً الوصول لذلك الترتيب هو عدد السكان المواطنين القليل والذي يقارب المليون ونصف من إجمالي عدد سكان يتجاوز 9 ملايين نسمة.
وتوقع استمرار الدولة في تطبيق تلك السياسية حيث إنها نهج لديها وهو القضاء على الفقر بشكل كامل وذلك من خلال خطط تمويل الأمان الاجتماعي الذي توفره الحكومة ويساعد في تقليص فجوة الفقر بين المقيمين بشكل عام.
بدوره، قال الشريك والمدير العام لشركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية والإدارية، رضا مسلم، إن تعريف البنك الدولي لمؤشر معدل الفقر والذي أوضح أنه وصل لـ«صفر» بين مواطني دولة الإمارات، هو أدنى مستوى من الدخل يحتاجه المرء أو الأسرة حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في بلدٍ ما.
وأشار إلى أن دخل الفرد لقياس الفقر من دولة إلى أخرى يختلف، حيث يقدر بين 12 و15 دولاراً يومياً، وللأسرة المتوسطة «4 أفراد» بين 22 و25 دولاراً يومياً.
ولفت رضا مسلم إلى أنه وبهذا المقياس، فإن دخل متوسط دخل الفرد السنوي بالدولة يتجاوز 50 دولاراً يومياً وبذلك يتجاوز المعدل المقرر من قبل البنك الدولي، مشيراً إلى أن ذلك يؤكد عدم تسرب الفقر إلى مواطني الدولة حيث يزيد ما يحصلون عليه مقارنة بمعدل البنك.
وأضاف أن ذلك يرجع إلى 3 عوامل في مقدمتها الزيادة غير المسبوقة في الناتج المحلي بسبب ارتفاع أسعار النفط خلال عام 2018 إضافة إلى زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في اقتصاد الإمارة، وثاني تلك العوامل الفوائض المالية المتمثلة في الصناديق السيادية للإمارات المحلية (أبوظبي – دبي) والتي تجاوزت نحو التريليون دولار.
وأشار إلى أن ثالث تلك قلة عدد مواطني الدولة وأن معدل الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي يتجاوز معدل الزيادة في السكان، متوقعاً أن تتزايد قدرة الفرد بالدولة على الحصول على مزيد من السلع والخدمات في أي وقت نظراً للزيادات المتلاحقة في الناتج المحلي الإجمالي.
من جهته، أكد المدير الإقليمي لبنك لانس للاستثمار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نايل الجوابرة، أن ذلك الترتيب الدولي الذي حصلت عليه الإمارات يؤكد مدى نجاح تلك السياسات التي تتبعها الحكومة الراشدة في دعم المواطن.
وأشار إلى أن تلك التقارير العالمية والاستطلاعات التي تؤكد أن الدولة الأفضل لعيش الشباب العربي ينبئ بأن الإمارات ستتعافى بشكل سريع من آثار الجائحة التي أصابت اقتصادات العالم ككل في ظل عوامل الجذب الكبيرة التي تمتلكها الدولة مقارنة بدول المنطقة الأخرى.