ناقش فريق تنمية قطاع الزراعة الحديثة فرص تعزيز وتطبيق أحدث الوسائل التكنولوجية وتوظيف الجهود العلمية وتطوير السياسات لإيجاد حلول لتحديات سلسلة الإمداد الغذائي المرتبطة بالقطاع الزراعي في دولة الإمارات، بالإضافة إلى مناقشة التوجهات المستقبلية للقطاع في مرحلة ما بعد وباء كورونا «كوفيد-19» المستجد لزيادة الإنتاج المحلي الممكن بالتكنولوجيا وتعزيز منظومة الأمن الغذائي في المستقبل.
جاء ذلك خلال اجتماع الفريق الثاني برئاسة مريم بنت محمد المهيري، وزيرة الدولة للأمن الغذائي، وذلك في أعقاب تشكيل الفريق بقرار من مجلس الوزراء خلال اجتماعات الحكومة ضمن خططها المستقبلية لمرحلة ما بعد «كوفيد-19».
وحضر الاجتماع الثاني أعضاء فريق تنمية قطاع الزراعة الحديثة، وهم عبدالله سلطان الفن الشامسي وكيل الوزارة المساعد لقطاع المعالجات التجارية بوزارة الاقتصاد، والمهندسة فاطمة محمد الشامسي وكيل الوزارة المساعد لشؤون الكهرباء والمياه وطاقة المستقبل بوزارة الطاقة والصناعة، وسلطان عبدالله الحبسي وكيل الوزارة المساعد لقطاع المناطق بوزارة التغير المناخي والبيئة.
كما حضر الأعضاء، الدكتور علاء نورالدين أحمد مدير قسم الخدمات الفنية بهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، ومحمد عبدالرحمن العوضي مدير إدارة الزراعة والري بقطاع تنظيم الزراعة في بلدية دبي، والمهندسة فاطمة حسن الشراري مديرة إدارة الخدمات العامة والبيئة ببلدية الفجيرة، والمهندس هشام محمود عبدالسميع مدير إدارة التشغيل والصيانة بدائرة المياه بالهيئة الاتحادية للكهرباء والمياه، وأحمد الرميثي مدير إدارة تطوير المشاريع بالإنابة لدى صندوق خليفة للمشاريع ـ آليات تمويل مشاريع الزراعة الحديثة، وراشد الكعبي مدير الاستثمارات لدى صندوق أبوظبي للتنمية وممثلاً عن قطاع الألبان، والدكتورة طريفة الزعابي نائب المدير العام بالمركز الدولي للزراعة الملحية ـ البحث والتطوير، ودينو فرانشيسكو مدير المكتب شبه الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو».
وحضر الاجتماع أيضاً الأعضاء من ممثلي القطاع الخاص وهم، بدر بن مبارك المدير التنفيذي لدى لشركة «فيش فارم» ممثلاً عن قطاع استزراع الأحياء المائية، وجمال الجوهري الرئيس التنفيذي لشركة الغرير للأغذية ممثلاً عن قطاع الدواجن والحليب، وعيسى الخوري المدير التنفيذي لدى مجموعة ميراك ـ ممثلاً عن قطاع تجار الخضار والفواكه والمزارع الحديثة، وسكاي كريتس المدير العام لشركة بيور هارفست وممثلاً عن المزارع المتطورة، وريتشارك باتون شريك في شركة آرنست آند يونغ للاستشارات.
وانعقد الاجتماع الثاني لفريق تنمية قطاع الزراعة الحديثة لمناقشة أجندة العمل التي أثمر عنها الاجتماع الأول، الذي انعقد بدوره الشهر الماضي فور اعتماد مجلس الوزراء قراراً بتشكيل الفريق برئاسة مريم المهيري، وعضوية ممثلين من الجهات الحكومية والقطاع الخاص وعدد من المنظمات الدولية ذات الصلة.
ويتولى الفريق دراسة آليات تبني الإنتاج المحلي للتكنولوجيا الحديثة، وتطوير ممكنات الارتقاء بالقدرة على توفير المنتجات الغذائية لتلبية احتياج السوق بصورة جزئية أو كلية من خلال رفع تنافسية المنتج المحلي، والمساهمة في رفع القدرة على مواجهة التغيرات العالمية في قطاع الأغذية، إلى جانب التركيز على خلق الفرص التجارية وتمكين الوصول إلى الأسواق المحلية من خلال اقتراح التشريعات والسياسات المعنية بتحسين كلفة الإنتاج ورفع معدلات التنافسية.
ويأتي الاجتماع الثاني من أجل بحث أهم مخرجات الاجتماع الأول التي تضمنت تحديد تحديات إنشاء المزارع الحديثة واقتراح السياسات الحكومية لتنمية القطاع، وذلك من أجل البناء عليها وبدء مرحلة التنفيذ خلال مرحلة ما بعد «كوفيد-19».
وفي بداية الاجتماع، رحبت مريم المهيري بأعضاء فريق تنمية الزراعة الحديثة، مؤكدة أن تشكيل الفريق كان خطوة رائدة من أجل تعزيز تعاون الشراكة الاستراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص والأطراف الدولية لبحث الممكنات الأساسية والحلول المستدامة بتعزيز الأمن الغذائي في مرحلة ما بعد «كوفيد-19» من خلال تطوير قطاع الزراعة الحديثة لما يملكه من فرص واعدة لزيادة الإنتاج المحلي من الأغذية الرئيسية من الخضروات والفواكه ومنتجات الثروة الحيوانية والداجنة والأسماك، فضلاً عن دعمه المباشر لجميع القطاعات الغذائية في الدولة.
وقالت المهيري: إن «جهود فريق تنمية الزراعة الحديثة هي غاية كبيرة من أجل تعزيز منظومة الغذاء وكامل سلسلة القيمة الغذائية في الدولة، ويعد تشكيل الفريق بداية حقيقية لزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي الممكن بالتكنولوجيا، وذلك من أجل تحقيق مساعينا نحو تقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، كما أن زيادة الإنتاج المحلي يقلل من تعرضنا لتحديات حركة تجارة الغذاء العالمية والتأثيرات السلبية لمختلف الأزمات العالمية مثل الأزمة الحالية الممثلة في تفشي وباء فيروس كورونا المستجد».
وأضافت أنه على الرغم من جاهزية الدولة الدائمة وتأمينها مختلف الإمدادات الغذائية في كل أسواق الدولة خلال الوضع الراهن، إلا أن القيادة الرشيدة أدركت برؤيتها الحكيمة أهمية الاعتماد على الإنتاج المحلي من خلال تطوير آليات الزراعة الحديثة لتأمين الغذاء الكافي والآمن في كل الأوقات لكل أفراد المجتمع.
وأشارت إلى أن الزراعة الحديثة تحمل الحلول الجذرية لتحديات الزراعة التقليدية والتي ظن العالم أنه من الصعب وجود حلول لها مثل شح المياه ونقص الأراضي الصالحة للزراعة والتغيرات المناخية، مؤكدة أن تكنولوجيا الزراعة تغلبت على كل تلك العقبات وأصبحت الضامن لبناء نظام زراعي متطور داخل أو خارج المدن، وتوفير منظومة إنتاج بكلفة فعالة وبأضرار بيئية أقل بكثير بالمقارنة بالأنظمة التقليدية بسبب قلة الاعتماد على المياه والاستغناء الكامل عن التربة وتقليل الاعتماد على العمالة، وإضافة إمكانية زراعة أي من المحاصيل الزراعية داخل بيئة يتم التحكم فيها بدقة بالغة.
ونوهت إلى أن الفترة المقبلة سيكون هناك تركيز كبير من قبل فريق تنمية الزراعة الحديثة على بحث السبل الرئيسية لتطوير قطاع الزراعة الحديثة وفق خطط مدروسة وخطوات قابلة للتنفيذ، مع الاعتماد الكبير على تعزيز قدرات الطاقة والمغذيات والمياه وتوظيف علم الوراثة في كافة الاستراتيجيات الغذائية، ودمج علوم الزراعة المائية والروبوتات وتقنية الثنائي الباعث للضوء (LED) وغيرها من العلوم والتكنولوجيا في قالب واحد لخدمة أهداف الزراعة الحديثة وتطوير آليات مبتكرة بأيادٍ وطنية وخلق نموذج مبتكر لإدارة الأنظمة الزراعية الحديثة ومن ثم تصديره من الإمارات إلى العالم في المستقبل.
وخلال الاجتماع، تم استعراض الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي التي أطلقت في نوفمبر 2018 ومحاورها الأساسية. كما تم إلقاء الضوء على جهود دولة الإمارات الأخيرة خلال أزمة تفشي فيروس كورونا والتي تكللت بالنجاح من خلال توفير كافة السلع الأساسية في كل أسواق الدولة، وبحث مجلس الإمارات للأمن الغذائي سبل تسهيل التجارة وتأمين وتنويع مصادر الغذاء الخارجية من خلال التواصل الفعال مع مختلف المنظمات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها منظمة الفاو.
وأكدت مريم المهيري أن تشكيل فريق تنمية الزراعة الحديثة هو أحد أحدث جهود دولة الإمارات في إدارة أزمة كورونا لتعزيز منظومة الغذاء في الدولة في إطار عمل مختلف الجهات على تعزيز الجاهزية لإدارة الأزمات والطوارئ في المستقبل، ولا سيما على مستوى ملف الأمن الغذائي الذي يعد من أهم الملفات الحيوية.
كما استعرض الاجتماع أهم الأغذية الرئيسية والتي تم التركيز عليها خلال الأزمة الأخيرة وهي الخضروات والفواكه والحبوب والبقول ومنتجات الثروة الحيوانية والداجنة والأسماك ومنتجات أخرى كالزيوت وطعام الأطفال والشاي والقهوة.
كما ألقى الاجتماع الضوء على قدرة الإنتاج المحلي الممكن بالتكنولوجيا على توفير تلك المنتجات الأساسية، حيث تراوحت تلك النسبة بين مختلف المنتجات بحسب القدرات الإنتاجية المحلية.
وناقش الاجتماع أيضاً سبل تعزيز البحث والتطوير والتركيز على عدد من التقنيات الحديثة لتعزيز الإنتاج المحلي في قطاع الزراعة الحديثة، وذلك في كل من أنظمة استزراع الأحياء المائية، وتوظيف الذكاء الاصطناعي وتقنيات إنترنت الأشياء في الزراعة، والأغذية المبتكرة، وأنظمة الزراعة المغلقة، وعلوم الجينوم والهندسة الوراثية في الزراعة.
بالإضافة إلى ذلك، تم استعراض تحديات سلاسل التوريد الغذائي التي يأتي على رأسها الإنتاج والتعبئة، حيث تتمثل تحدياته في أن إجمالي إنتاج المحاصيل كثيفة الاستخدام للمياه أقل من المعيار الإقليمي، وعدم ترابط وانسجام الإنتاج من حيث النوعية والتصنيف، ومحدودية الزراعة التعاقدية.
كما استعرض الاجتماع تحديات التسويق والمبيعات التي تتمثل في نقص برامج المشتريات المؤسسية، ونظام توسيم المنتجات المستدامة والمحلية.
كما تم بحث تحديات التمويل والبحث والتطوير وتوظيف اللوجستيات لخدمة الإنتاج، التي تتمثل في صعوبة الحصول على التمويل، ونقص المعلومات حول مشاريع الاستثمارات الزراعية، ووجود نظم صارمة بشأن بعض آليات الإنتاج. وعلى الجانب الآخر، تم بحث تحديات التخزين والنقل من حيث قلة البنية التحتية لوسائل التخزين والتبريد، وهيمنة السوق، بالإضافة إلى ذلك، تم التطرق إلى تحديات صناعات الخدمات الغذائية وإدارة النفايات، والتي تتمثل في ارتفاع الكلفة ووجود تحدٍ كبير في إعادة دمج النفايات في سلسلة القيمة.
وانتهى الاجتماع بتنظيم مجموعات فرق من أعضاء فريق تنمية الزراعة الحديثة، وهي فرق الخضروات، ومنتجات الألبان والدواجن والثروة الحيوانية، واستزراع الأحياء المائية، والأغذية المصنعة والحبوب، والخضروات والأغذية المبتكرة، وقياس توجهات الأسواق الدولية والتكنولوجيا.
وتتمحور أعمال الفرق في بحث تحديات تبني التكنولوجيا في القطاعات الغذائية لكل مجموعة عمل، وتحديد التحديات الخاصة بالقوانين والتنظيمات، وتحديد التحديات الخاصة بالقوانين والسياسات ذات العلاقة مع وضع التوصيات اللازمة لها، بالإضافة لذلك تم تكليف كافة المجموعات على وضع تصور متكامل حول أنسب التقنيات والتكنولوجيا القائمة على البحث والتطوير مع وضع توصيات خاصة بسبل زيادة تبني التكنولوجيا الزراعية.
وبناء على جهود مجموعات العمل المنبثقة من فريق تنمية قطاع الزراعة الحديثة، سيتم الاجتماع بشكل دوري للاطلاع على أبرز الجهود ومناقشة توصيات المجموعات حول القطاعات المختلفة والاستقرار عليها واعتمادها، تمهيداً لرفع التوصيات النهائية لتنمية الزراعة الحديثة إلى حكومة الإمارات للبدء في تنفيذها على أرض الواقع خلال الفترة المقبلة.