أظهرت بيانات تقرير حديث أصدرته شركة «Tortoise Intelligence»، أن دولة الإمارات هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي.
وكانت حكومة الإمارات أطلقت في أكتوبر 2017 استراتيجية الدولة للذكاء الاصطناعي(AI)، وتمثل هذه المبادرة المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، والتي ستعتمد عليها الخدمات، والقطاعات، والبنية التحتية المستقبلية في الدولة بما ينسجم ومئوية الإمارات 2071، الساعية إلى أن تكون دولة الإمارات الأفضل بالعالم في المجالات كافة.
وقالت الحكومية حينها إن هذه الاستراتيجية الأولى من نوعها في المنطقة والعالم تهدف من خلالها إلى تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، مع الارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة على أن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم، في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية
لذا عملت الدولة على دعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، إضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، واستثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى، عبر استثمار كل الطاقات على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوافرة بطريقة خلاقة، ليؤكد التقرير الجديد أنه رغم مرور أكثر من عامين على إطلاق الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي فلا تزال الإمارات الدولة الوحيدة في العالم التي تبنت رؤية متكاملة لتطبيقاته في كافة المجالات، بل والوحيدة أيضاً في تخصيص وزير دولة لهذا المجال.
وأفاد التقرير، الذي نشر في موقع منتدى الاقتصاد العالمي، بأن الذكاء الاصطناعي قادر على إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية بشكل جذري، حيث بات من الممكن للاقتصاديات الأصغر، التي تمتلك موهبة في الوفرة والتفوق، القدرة على تحدي الاقتصادات الأكبر، مشيراً إلى أن الإمارات أدركت مبكراً أهمية الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، كما عينت وزيراً للذكاء الاصطناعي.
وأوضح أنه من بين مهام وزارة الذكاء الاصطناعي الإماراتية الأساسية تنفيذ استراتيجية الذكاء الاصطناعي، التي أطلقتها الدولة، وتحويل الإمارات إلى مركز تطوير آليات وتقنيات وتشريعات الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: «الإمارات أطلقت بالتعـاون مـع المنتـدى الاقتصـادي العـالمي (دافـوس) مشـروع بروتوكول الذكاء الاصطناعي، كما أطلقت جائزة الإمارات للروبوتات لخدمة الإنسان، البالغة قيمتها مليون دولار أمريكي».
وأسست الإمارات، جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أول جامعة للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، بهدف تمكين الطلبة والشركات والحكومات من تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتسخيرها في خدمة البشرية.
وتابع التقرير: «الذكاء الاصطناعي استطاع هزّ النظام العالمي المضطرب، وأتاح الفرصة للعديد من البلدان الصغيرة للبروز على ساحة مشهد تنافسي جديد، ويمكن للمؤشرات الحالية، مثل إجمالي الناتج المحلي، أن تطلعك بلمحة خاطفة على أكبر الاقتصادات في العالم، لكن تلك المؤشرات لن توضح من هو الأكثر نجاحاً في عالم جديد يحركه الذكاء الاصطناعي».
ووفقاً لدراسة مؤسسة «أرنست أند يونغ»، أكدت 70% من الشركات الإماراتية ذات النمو المرتفع اعتزامها اعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعي خلال العام المقبل، مقابل نسبة بلغت 46% في جميع أنحاء العالم لتلك الفئة من الشركات، كما أن الشركات ذات النمو المنخفض بالإمارات تعتزم اعتماد التقنية بنسبة 45%، متجاوزة بذلك المعدل العالمي البالغ 31% فقط.
وأضاف التقرير: «اتباع استراتيجية الذكاء الاصطناعي الصحيحة أصبح أمراً غاية في الأهمية، حيث قد تفوز البلدان التي تقوم بالاستثمارات الاستراتيجية الصحيحة اليوم، التي تركز على تزويد مواطنيها ومؤسساتها بالأدوات والتكنولوجيا والتدريب اللازم لمواكبة عصر الذكاء الاصطناعي، في حين يبدو أن أكبر اقتصادين في العالم - الولايات المتحدة والصين - يسيطران على سباق الذكاء الاصطناعي، كما تبين أن بعض الدول الأصغر لها تأثير جلي على هذا الصعيد أيضاً».
وشملت الدراسة التي أجرتها شركة «Tortoise Intelligence» حول استثمارات في الذكاء الاصطناعي مجموعة من 54 دولة، وتبين أن الولايات المتحدة تنفق على الذكاء الاصطناعي أكثر من أي دولة أخرى، ولكن جزءاً كبيراً من تلك الاستثمارات تعود لشركات ذكاء اصطناعي مملوكة ملكية خاصة؛ وهذا لا يعد بالضرورة علامة على استراتيجية ذكاء اصطناعي متماسكة على الصعيد الوطني، والصين أوضح دليل على ذلك.
وبحسب التقرير، جاءت الصين في المرتبة الثانية في استثمارات الذكاء الاصطناعي، لكن سياساتها الصناعية التي تقودها الحكومة قد التزمت بمستوى من الإنفاق على الذكاء الاصطناعي خلال هذا العقد، الذي من شأنه أن يتفوق على الولايات المتحدة.
وأضح التقرير أن قيمة خطط الإنفاق في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين تزيد بمقدار مرة ونصف عن أي دولة أخرى في العالم أجمع، حتى أكثر من الولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن هناك دولاً مثل كندا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، إلى جانب سنغافورة وإسرائيل وأيرلندا وفنلندا، فضلاً عن أستراليا والدنمارك وسويسرا، تمتلك اقتصادات راسخة ومتطورة، حققت تقدماً جيداً في مجال الذكاء الاصطناعي، لكنها لن تتنافس أبداً مع الولايات المتحدة والصين.
ولفت إلى أنه بالنسبة لبعض البلدان، هناك تحديات في البنية التحتية يجب معالجتها قبل إجراء أي حديث جاد حول قدرتها على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، كما في كينيا وسريلانكا ونيجيريا ومصر وباكستان، إذ يمكن لها أن تتخلف عن الركب أكثر فأكثر، بسبب تفاوت الفجوة في الثروة الرقمية واتساع الفجوة الرقمية العالمية.
وأكد التقرير أن هناك علامات مشجعة على التقدم في الهند والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى عرفت أهمية الذكاء الاصطناعي، إذ توجد في الهند طبقة متوسطة كبيرة جيدة التعليم تتمتع بذكاء تكنولوجي كبير، ناهيك عن العديد من شركات التكنولوجيا متعددة الجنسيات، وبالتالي فمن المرجح أن ينمو الذكاء الاصطناعي الهندي بسرعة.