الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

رفع سعر الفائدة يعيد لأمريكا ذكريات الثمانينات المؤلمة

رفع سعر الفائدة يعيد لأمريكا ذكريات الثمانينات المؤلمة

في صيف عام 1980، قارب التضخم في أمريكا 15%، وارتفع معدل البطالة إلى 7.5%. وفي عام 1981، نجح بول فولكر الذي كان يترأس مجلس الاحتياطي الأمريكي في التغلّب على التضخّم، معتمداً سياسة أسعار الفائدة المرتفعة وتشديد السياسة النقدية، حيث أقنع فولكر الأسواق المالية والشركات والأسر بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيفعل كل ما هو ضروري، لضمان معدل تضخم مُنخفض ومُستقر في المستقبل.

ورفع بول أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية لنحو 20%، ونجح في تخفيض التضخم بشكل كبير، من 11%، عام 1979 إلى نحو 4%، نهاية 1982.

صحيح أن بول سحق التضخم، لكنه سحق معه نمو الاقتصاد الكلي الذي أصبح أداؤه سلبياً.

واليوم تدرك البنوك المركزية أن الالتزام باستقرار الأسعار ولو نسبياً أمر ضروري لسياسة نقدية جيدة، وقد تبنى معظمها، بما في ذلك الاحتياطي الفيدرالي، أهدافًا محددة للتضخم. وبقدر ما تتمتع به من مصداقية، فإن أهداف التضخم هذه أعادت ترسيخ دعائم السياسة النقدية. وبذلك، عززوا شفافية قرارات السياسة النقدية وقللوا من عدم اليقين، وهو ما يُفهم الآن أيضًا على أنهما سوابق ضرورية لتحقيق النمو طويل الأجل وتوفير الحد الأقصى من فرص العمل.

ولعدم الوقوع بنفس الفخ القديم والتأثير سلبياً على نمو الاقتصاد بشكل كبير كما حدث في الثمانينات، يحاول الفيدرالي الأمريكي اليوم التعامل بشكل أقل حدة مع التضخم، واتباع سياسة نقدية مختلفة عن سابقتها وتبني رفع أسعار للفائدة بشكل تدريجي بمقدار 0.5 نقطة أساس وهي المرة الأولى منذ عام 2000.

وأكد الفيدرالي الأمريكي أن صانعي السياسة سيفعلون ما يلزم للحد من ارتفاع التضخم، معترفاً بأن هذا قد يسبب «بعض الألم»، حيث استخدم البنك المركزي الأمريكي أقوى سياسة تشديد له منذ عقود.

ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس للمرة الأولى منذ عام 2000. وسيؤدي التضخم بشكل أكيد ورفع الأسعار لمشاكل اقتصادية حيث قال باول: «إن تحركات مماثلة كانت مطروحة على الطاولة لشهري يونيو ويوليو، التضخم مرتفع للغاية ونحن نتفهم المصاعب التي يسببها، ونحن نتحرك بسرعة لخفضه مرة أخرى».

وأكد المركزي الأمريكي أنه لا يدرس زيادة للفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية (75 نقطة أساس) في الاجتماعات المقبلة للسياسة النقدية.

ويحاول مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي - الذين قرروا أيضًا البدء في خفض حيازاتهم من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري الشهر المقبل - كبح التضخم الأكثر حدة منذ أوائل الثمانينيات.

وسيتم تحديد الحد الأقصى مبدئيا عند 30 مليار دولار شهريًا وبعد ثلاثة أشهر سيرتفع إلى 60 مليار دولار شهريًا.

ويأمل بنك الاحتياطي الفيدرالي هذه المرة أن يؤدي الجمع بين ارتفاع تكاليف الاقتراض وتقلص الميزانية العمومية إلى حدوث هبوط يتجنب الركود بينما يحد من التضخم، على الرغم من أن باول أشار إلى أن هذا قد لا يكون ممكنًا دون الإضرار بالنمو.

وبالنسبة للزيادات خلال الاجتماعين القادمين لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، قال بأول إن زيادات إضافية بمقدار 50 نقطة أساس ينبغي أن تكون على الطاولة.

يذكر أن هذه هي المرة الثانية التي يرفع فيها مجلس الاحتياط الاتحادي سعر الفائدة منذ تفشي جائحة كورونا، وأول مرة يرفع فيها سعر الفائدة بمقدار 0.5% منذ 22 عاماً.