الأربعاء - 25 ديسمبر 2024
الأربعاء - 25 ديسمبر 2024

سلطان الجابر: الإمارات مستمرة بالاستثمار في تطوير السعة الإنتاجية للنفط

سلطان الجابر: الإمارات مستمرة بالاستثمار في تطوير السعة الإنتاجية للنفط

أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، قوة ومتانة العلاقات التي تربط بين دولة الإمارات والمملكة المغربية الشقيقة، وأن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات وجّهت باستكشاف فرص الاستثمارات المشتركة مع المملكة في قطاعات حيوية تشمل الطاقة التقليدية، والغاز المسال، ومحطات التوزيع، ومشاريع الطاقة المتجددة، وغيرها من المجالات الواعدة.

جاء ذلك في كلمة رئيسية له خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة عشرة من مؤتمر الطاقة الذي انعقد اليوم في العاصمة المغربية الرباط، والذي تم اختيار دولة الإمارات ضيف شرف لدورته الحالية.

ويقام الحدث برعاية الملك محمد السادس، عاهل المملكة المغربية. وضمت قائمة المتحدثين في الجلسة الأولى كلاً من باتريسيا لومبار كوزاك، سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب، وأشرف ترسم، مدير بنك التنمية الأفريقي بالمغرب، وعبداللطيف بارداش، رئيس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء بالمغرب.

ونقل الدكتور سلطان بن أحمد الجابر في مستهل كلمته تحيات دولة الإمارات قيادةً وحكومةً وشعباً إلى المملكة المغربية الشقيقة، متمنياً لهم المزيد من التقدم والازدهار، وقال: «يشرفنا أن تكون دولة الإمارات ضيف شرف في هذا المؤتمر المهم، وهو ما يعكس قوة ومتانة العلاقات الإماراتية المغربية والنقلات والتطورات النوعية التي شهدتها في مختلف المجالات بتوجيهات سديدة من القيادتين الرشيدتين في البلدين الشقيقين، ممثلةً في سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وأخيه الملك محمد السادس»، موضحاً أن هذه العلاقات استمرت في النمو والتقدم منذ أن أرسى ركائزها الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وأخيه المغفور له الملك الحسن الثاني، رحمهما الله.

وتناول الأوضاع الحالية في أسواق الطاقة، قائلاً: «تشهد أسواق الطاقة اليوم تقلبات كبيرة وإلى حد كبير غير مسبوقة بسبب الاضطرابات الجيوسياسية العالمية. ومن أسباب هذه التقلبات أيضاً تراجع الاستثمارات طويلة الأمد في قطاع الوقود الأحفوري، والتي تؤدي إلى نقص المعروض والإمدادات.. فبحسب تقرير لمنتدى الطاقة الدولي، فقد تراجع الإنفاق العالمي على مشاريع النفط والغاز في عام 2020 بنسبة 30% وصولاً إلى 309 مليارات دولار أمريكي»، موضحاً أنه رغم التحسّن الطفيف لهذه الاستثمارات في عام 2021، فإن ضمان مواكبة الطلب العالمي على الطاقة وتفادي النقص في المعروض خلال السنوات المقبلة، يتطلب ضخ المزيد من الاستثمارات للعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة، والبالغة 525 مليار دولار أمريكي سنوياً حتى عام 2030، مشيراً إلى أن مصادر الطاقة الجديدة ليست كافية لوحدها لتلبية النمو في الطلب.

وقال: «نحن في دولة الإمارات مستمرون بالاستثمار في تطوير السعة الإنتاجية من النفط، مع التركيز في الوقت ذاته على خفض الانبعاثات، وذلك تماشياً مع التزامنا بأن نكون مورّداً مسؤولاً وموثوقاً للطاقة، فمن خلال رؤية القيادة الرشيدة، ننظر إلى التحول والانتقال في قطاع الطاقة كفرصة حقيقية للنمو الاقتصادي المستدام، ونركّز على تبنّي نظرة واقعية ومنطقية وعملية في هذا المجال».

وبيّن أن تاريخ التحولات السابقة في قطاع الطاقة يؤكد بشكلٍ واضح أن الانتقال لا يمكن أن يحصل بخطوة واحدة أو بلمسة زر، مشيراً إلى أنه لضمان نجاح هذا التحول لابد أن يكون مدروساً ومبنياً على أسسٍ منطقية، ويستند إلى خريطة طريق عمليّة وخطوات تنفيذية تدريجية، وأنه سيستغرق عشرات الأعوام، تستمر خلالها حاجة العالم إلى النفط والغاز.

وشدد على ضرورة أن نتذكر دائماً بأن الهدف الأساسي من التحول في قطاع الطاقة هو تنمية مستدامة تتزامن مع خفض الانبعاثات، وليس خفض معدلات النمو والتقدم والازدهار، وهذا يتطلب مواصلة الاستثمار الذكي في مزيج متنوع من مصادر الطاقة، يشمل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة المائية، والطاقة النووية السلمية، وكذلك الموارد الهيدروكربونية الأقل كثافة في الانبعاثات.

وقال الدكتور سلطان بن أحمد الجابر: «بدأت دولة الإمارات مسيرة التحول في قطاع الطاقة قبل ما يزيد على 15 عاماً مع تأسيس شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» كمبادرة متعددة الأوجه للتنمية المستدامة، وبناء القدرات في مجال الطاقة المتجددة، مع التركيز على تطوير التكنولوجيا النظيفة والفرص الاقتصادية المُجدية..ونرى مستقبلاً مشرقاً لقطاع الطاقة المتجددة على مستوى العالم، حيث من المتوقع استثمار 3 تريليونات دولار أمريكي على الأقل في مجال الطاقة المتجددة على مدى السنوات العشر المقبلة.. واستثمرنا من خلال شركة «مصدر» في مشاريع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في 40 دولة حول العالم».

وأضاف: «هنا في المملكة المغربية الشقيقة، أنشأت»مصدر«، بالشراكة مع (المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب)، مشروع أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، لتركيب ما يقرب من 20 ألف نظاماً للطاقة الشمسية المنزلية في أكثر من 1000 قرية مغربية.. ولدينا كذلك الاهتمام بتطوير مشروع محطة «نور ميدلت»، الذي تبلغ قدرته الإنتاجية 800 ميجاواط، والذي يعد أول مشروع محطة هجينة متطورة للطاقة الشمسية في العالم تستخدم مزيجاً من الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة».

وأوضح أن المشاريع المشتركة بين الإمارات والمملكة المغربية الشقيقة تمثل ركيزة صلبة يمكن البناء عليها، خصوصاً مع قيام «مصدر» بتوسيع قدرتها العالمية بتوجيه من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث دخلت ثلاث من كبريات شركات الطاقة في دولة الإمارات، وهي شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة»، وشركة مبادلة للاستثمار، وشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، في شراكة استراتيجية لتطوير محفظة «مصدر» الرائدة للطاقة النظيفة، إضافة إلى تعزيز الجهود في مجال الهيدروجين الأخضر.

وأكد تطلع دولة الإمارات إلى مواصلة التعاون مع المملكة المغربية الشقيقة في هذا المسار الزاخر بالفرص، حيث رسخت دولة الإمارات ريادتها في مجال الطاقة المتجددة، والعمل المناخي من خلال استضافتها لوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» منذ عام 2009، وتعزز ذلك باختيار الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 العام المقبل.

وأوضح أن الإمارات تتطلع إلى العمل والتعاون مع المجتمع الدولي ليكون هذا المؤتمر شاملاً، ويحتوي الجميع، ويحقق نتائج ملموسة في الحد من تداعيات تغير المناخ، وأنها ستقوم كذلك بالتنسيق والتحضير مع الأخوة في جمهورية مصر العربية الشقيقة التي تستضيف مؤتمر الأطراف COP27 هذا العام، وشدد على تطلع الدولة إلى التشاور والتنسيق والبناء على خبرات المملكة المغربية الشقيقة في العمل المناخي، خاصةً أنها استضافت مؤتمر COP22 في عام 2016 في مراكش.

وأشار إلى أن المملكة المغربية رسخت كذلك لنفسها مكانةً رائدةً في استخدام الطاقة المتجددة، والتي أصبحت توفر ما يقرب من 40% من احتياجات المملكة من الكهرباء.. وأعرب عن ثقته بأنه من خلال السياسات الصحيحة، والإطار التنظيمي المناسب، وتوفير التمويل، يمكننا وضع اقتصاداتنا على مسار للنمو منخفض الكربون.

وقال: «تزخر المملكة المغربية الشقيقة بالفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف القطاعات، وتعتبر الإمارات شريكاً طبيعياً في هذه الفرص، حيث تتصدر الإمارات المركز الأول من حيث حجم الاستثمارات العربية في المغرب منذ عام 1976، وتجاوزت استثماراتها في المملكة ما يزيد على 20 مليار درهم إماراتي في قطاعات استراتيجية كثيرة، من ضمنها الطاقة، والمعادن، والبنية التحتية والاتصالات والسياحة، والعقار، والزراعة، والخدمات».

وأضاف: «في عام 2020، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين في المنتجات غير النفطية ما يقرب 2.2 مليار درهم إماراتي، وساهم صندوق أبوظبي للتنمية في تمويل 82 مشروعاً تنموياً في المغرب بقيمة بلغت حوالي 2.45 مليار دولار أمريكي، يضاف إلى ذلك أن شركة «طاقة» الإماراتية، التي أنشأت محطة الطاقة الحرارية في منطقة الجرف الأصفر، تعد المورّد الرئيسي للمكتب الوطني للكهرباء والمياه، حيث تغطي أكثر من 50% من الطلب المحلي في المملكة على الكهرباء»، موضحاً أن هذه الأرقام والمعطيات تؤكد أنه أمامنا فرص عديدة للشراكة في الكثير من المشروعات التي تفتح مجالات جديدة للتعاون.

ودعا الدكتور سلطان بن أحمد الجابر في ختام كلمته القطاعين الحكومي والخاص في المملكة المغربية الشقيقة إلى تطوير وتعزيز الشراكات القائمة حالياً مع نظرائهم في دولة الإمارات، واستكشاف فرصٍ للشراكة والتعاون في مجالات جديدة، وقال: «بتوجيهات سامية من القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، نحن على أتم استعداد لأن نكون شريكاً استراتيجياً للمملكة المغربية الشقيقة في التحول في قطاع الطاقة، ونحن مستعدون لبحث فرص الاستثمار في الطاقة التقليدية، والغاز المسال، ومحطات التوزيع، ومشاريع الطاقة المتجددة، وغيرها من المجالات الواعدة للنمو الاقتصادي المستدام».

يشار إلى أن الدورة الخامسة عشرة من مؤتمر الطاقة ينظمها اتحاد الطاقة بالمغرب، تحت شعار «تحول الطاقة: تقرير الإنجاز ورؤية 2035»، بدعمٍ من وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.

وجمع المؤتمر متحدثين ومشاركين رفيعي المستوى من قطاع الطاقة على الصعيدين المحلي والدولي، كما شهد عدداً من الجلسات التي ناقشت عناوين مهمة شملت «تسريع نشر الطاقة المتجددة»، و«الغاز الطبيعي، وسيلة لانتقال الطاقة ودفع عجلة التنمية»، و«الهيدروجين فرصة صناعية جديدة للمغرب»، و«إزالة الكربون من الصناعة الوطنية، قاطرة جديدة للقدرة التنافسية الدولية».