السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

انعدام الأمن الغذائي وضغوطات على الدول المنتجة.. أبرز تداعيات ارتفاع أسعار القمح

انعدام الأمن الغذائي وضغوطات على الدول المنتجة.. أبرز تداعيات ارتفاع أسعار القمح

تكافح الحكومات في جميع أنحاء العالم للتعامل مع ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ ارتفعت كلفة المكونات الأساسية مثل القمح والشعير والذرة وزيت عباد الشمس.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإن ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية لن يؤدي إلى زيادة تكلفة الغذاء على الشركات والأسر، بل من المتوقع أن يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلدان الفقيرة، حيث كانت تعاني بالفعل من نقص في الحصول على المواد الغذائية الأساسية.

ومن المقرر أن يناقش وزراء الزراعة من الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا واليابان ودول أخرى أزمة الحبوب في اجتماع افتراضي تنظمه ألمانيا يوم الجمعة.

وفي الوقت الذي تسببت به الحرب الأوكرانية في أزمة طاقة، هناك جهود جارية لتعزيز إنتاج النفط، ولكن في المقابل يعد تعزيز إنتاج القمح والذرة أمراً معقداً للغاية، خاصة وأن حوالي ثلث صادرات القمح في العالم تأتي من روسيا وأوكرانيا.

ونظراً لأن الأسعار الزراعية العالمية كانت تصل بالفعل لأعلى مستوى لها على الإطلاق بسبب تفشي وباء كورونا والطقس المتطرف الناجم عن ظاهرة تغير المناخ، فإن الآثار غير المباشرة للحرب الروسية تسببت في ارتفاع أسعار الخبز والأعلاف الحيوانية والأسمدة لجميع المحاصيل تقريباً.

ويقول الخبراء أن تركيا ومصر شهدتا حتى الآن أكبر اضطرابات في عمليات تسليم المنتجات الزراعية، وتقوم تركيا بمعالجة بذور القمح وعباد الشمس لإنتاج المعكرونة والدقيق والزيت وأطعمة أخرى، وتصدر هذه المنتجات إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا، ولذلك فإن الدول التي تشتري المنتجات منها ستتأثر قريباً، والعديد منها يعاني بالفعل من انعدام في الأمن الغذائي.

اضطرابات الغذاء

يتوقع الخبراء استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية مع استمرار الصراع، وقبل الحرب كان من المفترض أن يتم شحن حوالي 24 مليون طن من القمح الأوكراني إلى الدول المستوردة.

وفي حين أنه تم بالفعل تصدير ثلثَي القمح والشعير الروسي، إلا أن الكميات الباقية لا تزال محفوظة في مرافق التخزين الداخلية وفي الموانئ.

وقال إركوت سونميز أستاذ سلسلة التوريد بجامعة نبراسكا في لينكولن، أن هناك حالياً 30 سفينة محملة بالقمح وبذور عباد الشمس في بحر آزوف، وكان متوقعاً أن تبحر إلى تركيا، ولكن بعد أن حظرت روسيا السفن التجارية في بحر آزوف لم يعد بإمكانها الإبحار.

ويرى الخبراء الاقتصاديون أن مصر تمتلك دعماً حكومياً يمكنها من شراء القمح من مصادر بديلة لتخفيف الضربة، لكن البلدان الأصغر مثل لبنان الذي يعتبر مستورداً ضخماً للقمح في وضع أكثر حساسية.

ويقول الخبراء أن لبنان تستورد الكثير من القمح من أوكرانيا وروسيا، والكثير من الدقيق الذي يتم طحنه في مصر وتركيا والإمارات العربية المتحدة.

وبالنسبة لبذور وزيت عباد الشمس الذي يعتبر المحصول الأكثر شهرة في أوكرانيا، لا يزال هناك اضطراب كبير في تدفق محصول العام الماضي، ولم يتم غرس محصول هذا العام بعد.

ويعتبر البحر الأسود هو الطريق الرئيسي في المنطقة الذي يربط أوكرانيا وجورجيا بأجزاء من روسيا ببلغاريا وتركيا، وفي الوقت الحالي فالسفن لا تدخل أو تخرج من البحر الأسود بسبب الأوضاع الأمنية وتكاليف التأمين الباهظة.

وستنتج عن الطلب غير الملبى من بعض الدول ضغوط على أستراليا وكندا وأمريكا لتصدير المزيد من سلعها، مع زيادة الطلب الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

انعدام الأمن الغذائي

لانقطاع إمدادات الحبوب والبذور النباتية والسلع الأخرى التي يتم شحنها على طول منطقة البحر الأسود تداعيات كبيرة على الأمن الغذائي في تلك البلدان المستوردة الصافية للسلع، وخاصة بلدان شمال أفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط التي تعتمد بشكل كبير على واردات أوكرانيا.

وكانت أوكرانيا ثاني أكبر مورد للقمح لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في عامي 2020 و2021، وباتت المنظمة في الوقت الحالي تشتري الحبوب من مصادر أخرى أكثر تكلفة مقابل مساعدات أقل.

وقال عارف حسين كبير الاقتصاديين في المنظمة غير الربحية، أن المنظمة تنفق 70 مليون دولار إضافية كل شهر لتقديم نفس القدر من المساعدات الغذائية.

وأضاف أن عواقب هذا الصراع تعد كبيرة جداً بالنسبة للبلدان الفقيرة، وأوضح أن الحرب الروسية على أوكرانيا أدت إلى خلق وضع للعديد من البلدان الفقيرة أسوأ مما كان عليه في عام 2008 أو 2011، وذلك لأنه في 2008 لم يكن يوجد وباء كوفيد، ولم تكن الحروب في الشرق الأوسط وإثيوبيا ونيجيريا.

وأكد أن جميع هذه التطورات لعبت دوراً كبيراً من حيث الضعف الناتج عن الصراعات والأوبئة.