الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

كيف ستؤثر الأزمة بين روسيا وأوكرانيا على الاقتصادات الناشئة؟

كيف ستؤثر الأزمة بين روسيا وأوكرانيا على الاقتصادات الناشئة؟

تشهد الأسواق الناشئة العديد من الصعوبات وتمر بعام من الاختبار بسبب التضخم وتباطؤ النمو وارتفاع أسعار الفائدة، والاضطرابات الناجمة عن فيروس كورونا.

وأوضح تقرير لمجلة إيكونومست البريطانية، أنه على الرغم من أن روسيا التي يتعرض اقتصادها للانهيار بسبب العقوبات، فإنها ليست سوقاً رئيسياً للصادرات، بالمقارنة مع أستراليا أو البرازيل، كما أن الخطوات التي اتخذتها البنوك الغربية لتقليل تعرضها لروسيا بعد استيلائها على شبه جزيرة القرم في 2014، تحد أيضاً من أخطار العدوى المالية المباشرة، وأوضحت أن تأثير الحرب على الأسواق الناشئة سيكونبطرق غير مباشرة.

السيولة العالمية

أشار تقرير الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن الحرب لا تشكل تهديداً خطيراً للاستقرار المالي في الوقت الحالي، فإن الأسواق أصبحت أكثر توتراً بسبب ذعر المستثمرين، وأيضاً فإن الاندفاع للحصول على الدولارات قد يتسبب في جفاف السيولة وتعطل الأسواق، بالإضافة إلى الانهيارات التي تسبب بها الوباء.

وعلى الرغم من التدخلات من جانب الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى لمنع حدوث صدمة مالية عالمية، فإن معظم الاقتصادات الناشئة تواجه صعوبات بسبب انخفاض العملات التي دفعت العديد من البلدان للتخلف عن السداد.

وفي الوقت الحالي، دفعت الأزمة الروسية الأوكرانية المستثمرين إلى التدفق على الأصول التي يعتبرونها أقل خطورة، وتراجعت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم الناشئ منذ منتصف فبراير، وعلى مدى الأسبوع الذي تلا بداية الحرب، انخفضت عائدات السندات الألمانية وسندات الخزانة الأمريكية، وهي التي كانت تعتبر الملاذات الآمنة التقليدية بما يصل إلى 0.3 نقطة.

وبدأت بعض مؤشرات إجهاد السوق في الزيادة، حتى إنه لم تظهر في منطقة الأزمة بشكل واضح بعد، وارتفع الفارق بين السعر الذي تفرضه بنوك العالم الغني على بعضها البعض مقابل القروض قصيرة الأجل غير المضمونة، والمعدل الخالي من المخاطر بين عشية وضحاها، إلا أن هذه الارتفاع يعد أقل من الارتفاع الملحوظ الذي جرى خلال التقلبات الجامحة في أوائل 2020.

وانخفضت أسعار سندات العملة الصعبة الصادرة عن الحكومات والشركات خلال الأسبوع الماضي، في حين قفز الفارق بين العائد على سندات الشركات في الأسواق الناشئة والعائد على سندات الخزانة بنحو نصف نقطة مئوية، ويعد هذا الارتفاع أيضاً ارتفاعاً متواضعاُ مقارنة بما شهدته الأسواق العالمية في ربيع عام 2020 عندما قفز الفارق أربع نقاط مئوية في غضون شهر.

وأوضح التقرير أن التحركات المعاكسة في الأسواق قد تؤدي إلى تفاقم التحديات التي تسببها الرياح المعاكسة الجديدة للاقتصاد الكلي.

وقبل الحرب كانت تعد كل من روسيا وأوكرانيا مصدرين رئيسين للسلع الأساسية بما في ذلك النفط والغاز والمعادن النفيسة والصناعات والمنتجات الزراعية، ومنذ منتصف فبراير قفزت أسعار العديد من تلك السلع، وارتفعت أسعار النفط بأكثر من 25% خلال الأسبوعين الماضيين، وارتفعت أسعار القمح بأكثر من 30%، وتعتبر الاقتصادات الخليجية أكثر المستفيدين من الارتفاع المفاجئ في أسعار خام النفط.

العقوبات الأوروبية تشدد الخناق على أغنى رجل في روسيا

وأشار التقرير إلى أنه من المرجح أن يواجه أكبر مصدري السلع الأساسية صعوبات عندما ترتفع تكاليف الغذاء والطاقة فوق المستويات المرتفعة بالفعل، ما قد يؤدي إلى الضغط على ميزانيات الأسر ووضع صانعي السياسة النقدية في مأزق.

وقبل اندلاع الحرب، بدا أن الحملة التي شنها البنك المركزي البرازيلي لمدة عام لكبح جماح التضخم المرتفع، حيث قام برفع سعر الفائدة بنحو 9%، ولكن في الوقت الحالي، لا تستطيع صدمات أسعار الغذاء والطاقة أن تفعل الكثير حيال التهديد بإفساد إنجازها الهش، وعلى الصعيد تبدو تركيا أيضاً بموقف أكثر صعوبة، حيث وصل التضخم بها على أساس سنوي إلى ما يقارب 50% في يناير، كما قد يشهد كبار المستوردين للقمح وزيت عباد الشمس في شمال أفريقيا والشرق الأوسط وعلى الأخص مصر، ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية.

وتمثل الحرب الروسية الأوكرانية، واستجابة الغرب المالية والاقتصادية للصدمة والرهبة، هزة أخرى للاقتصاد العالمي الذي نجا على مدى نصف العقد الماضي من الحروب التجارية والوباء واضطرابات سلسة التوريد.

وفي الوقت الذي تراقب الشركات والمستثمرون التطورات الأزمة، فقد يعيدون تقييم كيفية تسعير المخاطر الجيوسياسية في الأسواق الخارجية، ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى تضخم أقساط المخاطر القطرية المطبقة على الأصول البعيدة، ما يزيد من كلفة التمويل للأسواق الناشئة، ويقلل من حجم الاستثمار.