تسببت الأزمة بين روسيا وأوكرانيا بتجدد التكهنات حول مستقبل الطاقة الأوروبية، وخاصة حول إمدادات أوروبا من الغاز الطبيعي، وتستورد أوروبا ربع طاقتها من الغاز من روسيا.
ووفقاً لتقرير نشرته مجلة الإيكونومست البريطانية، قدمت روسيا في عام 2019 أكثر من 40% من احتياجات أوروبا من الغاز، ولم تقم القارة بوضع قيود على صادرات الغاز الروسي على الرغم من تعليق ألمانيا لترخيص نورد ستريم 2، وهو مشروع خط أنابيب مكتمل بين روسيا وألمانيا.
أوضحت تقرير الـ إيكونومست أن أحد المصادر البديلة في حال قطعت روسيا واردات الغاز عن أوروبا، هو الغاز الطبيعي المسال الذي يتم نقله عن عادة عن طريق البحر.
هل يسد الغاز الطبيعي المسال فجوة الغاز الروسي؟
أشار الـ إكونومست، إلى أن أوروبا تقوم بالفعل باستخدام الكثير من الغاز الطبيعي المسال، حيث تشكل حوالي ربع واردات المنطقة من الغاز الطبيعي، ولكن إلى أي مدى ستتمكن أوروبا من معالجة الغاز الطبيعي ليصبح صالحاً للاستخدام؟
يتم تحويل الغاز الطبيعي المسال أولاً إلى سائل ليتم نقله، وبعد ذلك يجب إعادة معالجة الغاز ليصبح صالحاً للاستخدام لدفئة المنازل، وكمصدر للطاقة، وتعد عملية الاستثمار في إعادة معالجة الغاز ضخمة للغاية بالنسبة لأوروبا التي لديها بالفعل الكثير من الطاقة الخاملة.
وبالإضافة إلى ذلك لا تضم أوروبا محطات كافية في أماكن مناسبة لإجراء عملية إعادة معالجة الغاز، ففي ألمانيا لا يوجد سوى عدة محطات متطرفة، بينما تمتلك إسبانيا ربع الطاقة التشغيلية للقارة على الرغم من أن البنية التحتية للغاز بها معزولة إلى حد كبير عن باقي أوروبا.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشكلة الأكثر إلحاحاً هي الإمدادات المتاحة من الغاز الطبيعي المسال، وأكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال هي أمريكا وأستراليا وقطر، وعلى الرغم من امتلاك هذه الدول للكثير من الغاز المسال، إلا أنها جميعاً تصدر بكامل الطاقة الاستيعابية القصوى.
ويستغرق توسيع القدرة على التسييل والتصدير وقتاً طويلاً، ولهذا فإن أفضل بديل لأوروبا على المدى القصير هو الحصول على شحنات الغاز الطبيعي المسال الحالية الموجهة بالأصل إلى مكان آخر.
وفي نفس الوقت تعتبر آسيا مستورداً كبيراً للغاز الطبيعي المسال، حيث نمت واردات الصين من الغاز المسال بنسبة 82% بين عامي 2017 و2020، وفي العام الماضي تفوقت على اليابان كأكبر مستورد للغاز المسال في العالم.
وحوالي 70% من الغاز الطبيعي المسال الذي يتم تداوله عالمياً بموجب عقود تستمر لمدة 10 سنوات أو أكثر، في حين تميل أوروبا إلى الاعتماد على الأسواق الفورية والعقود الكثيرة.
وشهدت واردات وأسعار الغاز الطبيعي المسال لأوروبا ارتفاعاً خلال الخريف والشتاء، وذلك بسبب انخفاض الإمدادات الروسية.
وفي الماضي كانت الأسعار بالنسبة للشحنة الفورية في آسيا أعلى من أوروبا، ولكن في الأشهر الأخيرة كان السعر في أوروبا لا يضاهي المستويات الآسيوية في بعض الأحيان.
وزادت الأزمة بين روسيا وأوكرانيا الوضع سوءاً، وارتفع سعر الغاز الطبيعي المسال الذي تم تسليمه إلى شمال غرب أوروبا بنسبة 29% في يوم واحد وذلك بعد إعلان روسيا بدء العملية العسكرية في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.
ويحاول السياسيون تأمين إمدادات جديدة من الغاز الطبيعي المسال لأوروبا، ونظراً لأن أمريكا غير قادرة على تقديم المزيد من كميات النفط المسال، إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن وعد بمساعدة أوروبا في العثور على المصادر، ولكن حتى الآن لم تؤت محاولاته سوى القليل من الثمار.
وفي 22 فبراير الماضي، قال وزير الطاقة القطري سعد شريدة الكعبي إنه من المستحيل توفير ما يكفي من الغاز الطبيعي المسال، كبديل لأنابيب الغاز الروسي، وأكد أن ألغاز الروسي ليس السلعة الروسية الوحيدة التي يتعين على أوروبا أن تسد فجوتها، لكنها عامل مهم ويصعب سحبه.