عرضت بيانات التضخم الأمريكي الأخيرة أسواق الأسهم العالمية وخصوصاً الأمريكية لهزة قوية وهو ما زاد من العمليات البيعية ومخاوف المستثمرين من رفع الفائدة بأكثر من 5 مرات.
وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي عند إغلاق الخميس بنسبة 1.5%، كما هبط مؤشر «S&P 500” بنسبة 1.8% ونزل مؤشر «ناسداك» بنسبة 2.1%. وفي أوروبا، تراجع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.2%، كما انخفض «كاك» الفرنسي بنحو 0.4%.
وجاء ذلك الهبوط كردة فعل بعد أن أظهرت بيانات اقتصادية أن أسعار المستهلكين بالولايات المتحدة قفزت في يناير 2022 بأكثر من التوقعات، ما يمثل ضربة كبرى للموظفين الأمريكيين، في ظل تزايد تكاليف التضخم بأسرع وتيرة منذ 1982، وتأهب مجلس الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة.
وأظهرت بيانات وزارة العمل الأمريكية، الصادرة، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 7.5% على أساس سنوي في يناير 2022، بعد ارتفاعه بنسبة 7% سنوياً في ديسمبر 2021. وارتفع مؤشر التضخم الذي يتم تتبعه على نطاق واسع بنسبة 0.6% في يناير 2022 على أساس شهري.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن بيانات التضخم عن شهر يناير تعد بمثابة تذكير بأن ميزانية الأسر الأمريكية تتعرض لضغوط حقيقية، لكنه أشار إلى توقعات بتباطؤ معدل التضخم بحلول نهاية العام.
فيما صرح «جيمس بولارد» رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، بأنه يؤيد رفع معدل الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة بحلول بداية شهر يوليو المقبل، مع إمكانية رفع الفائدة 50 نقطة أساس في اجتماع واحد.
وبدوره، أكد رئيس قسم الأبحاث لدى «إيكويتي جروب»، رائد خضر، أن تلميحات الفيدرالي جاءت في اجتماع يناير الماضي واضحة بأن رفع أسعار الفائدة بات قريباً، ليتمكن من مجابهة التضخم المرتفع والذي وصل لأعلى مستوياته في 4 عقود تقريباً، وعلى الأرجح سيقوم الفيدرالي برفع الفائدة لأول مرة منذ أواخر 2018 في مارس القادم.
وأوضح أن أغلب التوقعات تتجه إلى أن الفيدرالي قد يذهب أبعد من مجرد رفع الفائدة بنحو 25 نقطة أساس، وربما يقوم برفع الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس للمرة الأولى منذ عام 2000.
وذكر أن بيانات التضخم تأتي في أعقاب تقرير الوظائف الحكومية بالقطاع غير الزراعي، والذي أظهر زخماً جديداً في سوق العمل ونمو أسرع للأجور، وهو ما حفّز الأسواق لتحرك قوي من الفيدرالي عندما يجتمع الشهر المقبل.
وأضاف الاقتصاد الأمريكي 467 ألف وظيفة في يناير بشكل مفاجئ وأفضل من التوقعات التي أشارت لإضافة 110 آلاف وظيفة فقط، كما تم مراجعة قراءة ديسمبر لترتفع من 199 ألفاً إلى 510 آلاف وظيفة.
وأشار رائد خضر إلى أنه ومنذ اجتماع الفيدرالي الأخير، بدأت عمليات جني الأرباح على الدولار الأمريكي ليشهد حالة من الضعف أمام أغلب منافسيه، ما أتاح الفرصة لأسعار الذهب لتتعافى من أدنى مستوياتها في شهر ونصف تقريباً، ويعود مجدداً فوق مستويات الـ1815 دولاراً للأونصة، كما استعادت الأسهم بعضاً من عافيتها مع تداولها مرة أخرى فوق أدنى مستوياتها منذ يونيو الماضي.
منذ أواخر العام الماضي، قامت الأسواق بتشديد ظروف السوق المالية من تلقاء نفسها، متوقعة إجراءات الاحتياطي الفيدرالي التي لم يتم اتخاذها بعد. وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات يوم الجمعة إلى 1.94%، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من عامين.
وفي الوقت الحالي، ستترقب الأسواق أرقام التضخم للحصول على مزيد من التأكيدات على خطوة الفيدرالي القادمة، وكان جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد أشار في الاجتماع الأخير إلى أن الزيادات اللاحقة لأسعار الفائدة والتخفيض النهائي لحيازات الأصول سيكونان حسب الحاجة، وعلى ضوء استجابة بيانات التضخم.
وبدوره، يقول رئيس قسم أبحاث السوق لدى «سبائك مصر»، طاهر مرسي، إن المؤشرات والأوراق المالية تعاني تصحيحات سعرية عنيفة سواء على أساس يومي أو أسبوعي، بسبب القلق من احتمالية رفع الفيدرالي الأمريكي لمعدلات الفائدة بشكل أسرع مما هو متوقع.
وأشار إلى أن هذا القلق قد حفزه تقرير الوظائف المفاجئ الأسبوع الماضي، والذي أشار لإضافة 467 ألف وظيفة، وهو ما يشير لتحسن وضع سوق العمل، والذي يعتبر أحد أهم مستهدفات الفيدرالي التي يبدأ عندها تشديد السياسة. حيث انخفض مؤشر (S&P 500) منذ بداية 2022 بأكثر من 5%.
وقادت ميتا، المالكة لفيس بوك وواتس اب التراجعات، حيث خسر سهم الشركة ما يقارب 30% منذ إعلان نتائج الشركة المخيبة للآمال، والتحديات الأخيرة التي تواجهها في أوروبا. وكانت نتفلكس أيضاً قد تراجعت بما يزيد على 25%.
بينما شهدت أسهم أمازون ونفيديا، وبيلوتون ارتفاعات، وهو ما عزز من تماسك المؤشرات وعدم التوسع في التصحيح. على أنه من الواضح أن أكثر القطاعات تأثراً بالقلق من رفع الفائدة هو قطاع التكنولوجيا.
كما انخفض مؤشر Russell 2000 بأكثر من 10% منذ بداية العام، يشار إلى أن المعروف أن «راسل 2000 يميل إلى القطاعات الدورية، «بما في ذلك المالية والصناعية، بعيداً عن التكنولوجيا».
ويقول رئيس شركة «تارجت للاستثمار»، نورالدين محمد، إن الأسواق تعيش حالة من الخبط كبيرة بسبب الزيادات المرتقبة في أسعار الفائدة هو ما سيحدد مستقبل الأسواق المالية وترتيب المحافظ الاستثمارية على أساسها واختيار الادوات المالية الأنسب لاستثماراتهم.
وأضاف أن من المتوقع أن يقوم الفيدرالي بخطوة مفاجئة وهي رفع سعر الفائدة ٠.٥٠% بدلاً من ٠.٢٥% وقد بدأ ذلك بالفعل يظهر على العائدات على سندات الخزانة الامريكية والتي بدأت في التحرك حيث وصلت إلى ٢.٠٢% مساء الخميس الماضي بعد صدور بيانات التضخم، وفي المقابل بدأت مؤشرات الأسهم في الهبوط كتأثير استباقي لتوقع رفع أسعار الفائدة أكثر مما كان متوقعاً.