تكسب البنوك أرباحها من خلال الفائدة التي تعود من القروض والاستثمارات، ولهذا فإن خفض أسعار الفائدة لن يكون خبراً ساراً بالنسبة للمصرفيين وفقاً لتقرير ذكرته مجلة الإيكونومست الأمريكية.
في الغالب تقوم البنوك برفع أسعار الفائدة عندما يكون الاقتصاد قوياً والوظائف وفيرة والإنفاق مرتفعاً والتضخم يزداد، حيث إن جميع المعدلات المرتفعة عادة تعني أن المقترضين سيكونون في وضع جيد لسداد ديونهم.
وارتفعت عائدات إعادة التمويل في أمريكا منذ منتصف ديسمبر الماضي عندما أعلن الاحتياطي الفيدرالي أنه سيعجل خطط تقليص مشتريات الأصول.
وارتفع العائد على سندات الخزانة إلى 1.9% في 18 يناير، وهو أعلى مستوى له في عامين.
وفي أكتوبر الماضي توقع المستثمرون أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي برفع الفائدة مرة واحدة خلال 2022، لكن التوقعات تغيرت بسرعه مع ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين، ليتوقعوا أن ترتفع الفائدة بين أربع وخمس مرات على مدار العام.
ولهذا السبب عندما أعلنت ستة من أكبر البنوك الأمريكية وهي بنك أوف أمريكا وسيتي جروب وجولدمان ساك وجيه بي مورجان ومورجان ستانلي وويلز فارجو عن موعد أرباح الربع الأخير من 2021، قام المديرون التنفيذيون بوضع مسار لتحقيق دخل أكبر من الفوائد إلى أن يأتي الموعد.
ويعتقد رئيس جي بي مورجان جيمي ديون، أن توقعات السوق بارتفاع أسعار الفائدة قد تكون متحفظة للغاية، ويرى أن هناك فرصة جيدة لأن تصل عدد مرات رفع الفائدة خلال العام إلى 6 أو 7 مرات.
ولكن من المدهش أنه على الرغم من ذلك، فإن أسعار أسهم البوك قد انخفضت، حيث تراجع سهم جي بي مورجان بنحو 12% منذ أن أعلن البنك عن أرباحه، وتراجع سهم جولدمان بنسبة 7% في 18 يناير الماضي.
وأشار التقرير إلى وجود عدة تفسيرات دفعت بهذا الانخفاض، كالتكاليف والأجور التي ترتفع بشكل تصاعدي.
حيث ارتفعت تكاليف التعويضات في بنك جولدمان ساسك في 2021 بنسبة 33% على أساس سنوي لتصل إلى 17.7 مليار دولار، بزيادة قدرها 4.4 مليار دولار.
وارتفعت فاتورة الأجور لدى سيتي جروب بنسبة 33% في الربع الرابع مقارنة بالعام السابق، وارتفع نفقات التعويضات بنسبة 14% في جي بي مورغان، و 10% في بنك أوف أمريكا خلال الفترة ذاتها.
وتعكس تكاليف الأجور المرتفعة جزئياً ازدهار الأعمال، فقد كان أرباح بنك جولدمان لعام 2021 ككل أعلى بنسبة 60% عن أعلى مستوى لها على الإطلاق، ولكن التعويضات المرتفعة تثير القلق المتزايد بشأن مدى انتشار التضخم في أمريكا.
وقال ديفيد سولومون رئيس بنك جولدمان للمستثمرين، إن هناك تضخماً حقيقياً في الأجور في جميع القطاعات الاقتصادية.
والتفسير الآخر لانخفاض أسعار أسهم البنوك هو أن المستثمرين يخشون من أن أسعار الفائدة المرتفعة ليست بالأمر الجيد.
وساعد تدفق الأموال التي ضخها الاحتياطي الفيدرالي في الأسواق العالمية بين عامي 2020 و 2021 على وصول الأسعار إلى مستويات جديدة مذهلة، وحقق بنك جولدمان 22 مليار دولار من التداول خلال 2021، وهو أكبر رقم منذ 2008.
وساعدت التحفيزات المالية في تغذية نشاط تمويل الشركات، وجمعت الاكتتابات العامة الأولية مبلغ 600 مليار دولار في رأس المال لعام 2021، مقارنة ب 200 مليار دولار في 2019.
وبلغت عائدات الخدمات المصرفية الاستثمارية العالمية في وول ستريت 129 مليار دولار في 2021، بزيادة قدرها 40% على العام السابق.
وأوضح التقرير أن ارتفاع معدلات التضخم وتحولات السياسية النقدية قد ينهي فترة الأرباح الوفيرة، وتشير بيانات أرباح الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2021 إلى أن التباطؤ قد بدأ بالفعل، حيث انخفضت عائدات التداول بنسبة 11% في جي بي مورجان.