الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

طفرة أسعار العقارات السكنية العالمية.. أسبابها.. وإلى متى ستستمر؟

طفرة أسعار العقارات السكنية العالمية.. أسبابها.. وإلى متى ستستمر؟

وجد تحليل أجرته صحيفة الإيكونوميست عن الإحصاءات الوطنية والسجلات الأرشيفية، أنه في السنوات التي سبقت الوباء، انخفض بناء المساكن في البلدان الغنية إلى نصف مستواه في فترة منتصف الستينيات، وأصبح المعروض من المساكن غير مرن أكثر من أي وقت مضى، وأدت الزيادات في الطلب على المنازل إلى ارتفاع الأسعار.

وأظهرت ورقة بحثية جديدة من جامعة هارفارد، أن فقاعة الإسكان العالمية قد تكون نتيجة التحولات الاقتصادية الأساسية، وتظهر الورقة أن الزيادات الهائلة في أسعار المنازل في أمريكا في أوائل إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كانت إلى حد كبير نتيجة لعوامل كثيرة كالتنشيط الحضري، والرغبة المتزايدة للعيش في المدن، بالإضافة إلى ارتفاع الأجور للعمال المتعلمين في المدن.

ولفتت مجلة الإيكونومست أنه بحلول عام 2019، استعادت أسعار المساكن في أمريكا ذروتها التي كانت عليها قبل الأزمة المالية إلى حد كبير.

وعلى سبيل المثال تشتهر أكبر مدينة في مقاطعة نوفا سكوتيا الكندية بأشياء قليلة كمؤتمر الأمن القومي الذي يعقد كل خريف، والانفجار الهائل التي ضربها في عام 1917، وصناعتها للنبيذ.

ولكن المثير للإعجاب أنها تشتهر بأمر آخر، ففي ديسمبر عام 2019، ارتفعت أسعار المنازل في هاليفاكس وهي مدينة ضمن المقاطعة بنسبة 50%، وهي طفرة عقارية لم يتمكن سوى عدد قليل من المدن من تحسينها.

وأوضحت الإيكونومست أن بعض العوامل المحلية لعبت دوراً كبيراً في استمرار ارتفاع الأسعار، فعلى سبيل المثال، ساهم الأشخاص الذين انتقلوا إلى مقاطعة ألبرتا للعمل في صناعة النفط، والذين فقدوا وظائفهم في وقت لاحق من 2020 وعادوا إلى المدينة في رفع الأسعار، بالإضافة إلى طفرة الاستثمارات العقارية في شرق كندا المدفوعة بتوقعات أنها ستصبح مكان مرغوب للعيش فيه أكثر مع تغير المناخ.

وأضافت المجلة أن الاتجاه في ارتفاع أسعار الوحدات السكنية ينعكس في جميع أنحاء العالم، وأظهر مؤشر صندوق النقد الدولي لارتفاع أسعار المنازل، أن الارتفاع الحالي أعلى بكثير من الذروة التي بلغها قبل الأزمة المالية التي اندلعت بين 2007-2009.

وخلال العام الماضي، ارتفعت قيمة أسهم بناء المنازل الأمريكية بنسبة 44%، وهو مستوى قياسي لم تصل إليه من قبل.

وطرحت قرارات الحكومات بشأن إنهاء برامج التحفيز العديد من التساؤلات حول إمكانية تأثيرها على انتهاء هذه الطفرة.

وتخطط البنوك المركزية التي تشعر بالقلق من ارتفاع التضخم بالقيام بتشديد السياسية النقدية عن طريق رفع أسعار الفائدة.

وحذر صندوق النقد الدولي في تقرير الاستقرار المالي الأخير من مخاطر الهبوط في أسعار المساكن، وأنه في حال تحقق قد تنخفض الأسعار في الدول الغنية بنسبة تصل إلى 14%.

ولكن في نيوزيلندا حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 24% العام الماضي، كان البنك المركزي أكثر حدة ولكن لا يزال مستوى أسعار المساكن غير ثابت.

وأشار التقرير إلى أن هناك العديد من المؤشرات التي تدل على أن التشديد الأخير في السياسية المالية والنقدية سيثير التباطؤ، وفي الربع الثالث من عام 2021، ارتفع نمو أسعار المساكن العالمية إلى أعلى مستوى له على الإطلاق.

وعلى الرغم من أن البنك المركزي النيوزيلندي رفع أسعار الفائدة بمقدار 0.5% منذ أكتوبر، إلا أن المؤشرات على تباطؤ أسعار السكن لا تزال قليلة جداً.

وفي عام 2021 رفع البنك الوطني التشيكي أسعار الفائدة أكثر من مرة، إلا أن الأسعار لا تزال ترتفع.

وأوضح التقرير أن القوى الأساسية قد تفسر سبب استمرار ارتفاع أسعار المساكن، وأن هناك ثلاثة أسباب قد تؤدي إلى استمرار ارتفاعها، وهي ميزانية الأسرة القوية، واستعداد الناس الأكبر للإنفاق على معيشتهم، وشدة قيود العرض مقابل الطلب.

وعلى النقيض من بعض الطفرات العقارية السابقة، تسبب الأشخاص الميسورون والمستقرون وظيفياً في ارتفاع الأسعار في أمريكا.

والتسهيلات التمويلية المتبعة في أمريكا، سهلت امتلاك المنازل العقارية ما رفع من مستوى الطلب، حيث تستحوذ مدفوعات خدمة الرهن العقاري والديون على نحو 3.7% من الدخل المتاح، وهو أقل رقم على الإطلاق.

كما أن اتباع العديد من الدول لمسار الرهن العقاري الأمريكي الذي يحمي المقترضين على المدى القصير من زيادة تكاليف الاقتراض، يعد دافعاً لاستمرار ارتفاع الأسعار.

وفي أوروبا، شددت معظم البنوك المركزية بشكل كبير معايير الائتمان للرهون العقارية في 2020، وبالنسبة للكثير من الناس أصبح الحصول على قرض عقاري أكثر صعوبة وليس أسهل.

وفي بريطانيا، تعتبر جميع الرهون العقارية الجديدة ذات معدل فائدة ثابت، حيث أصبحت الصفقات لمدة خمس سنوات هي الأكثر شيوعاً الآن، وما يقارب ثلاثة أرباع مقترضي الرهن العقاري لن يتأثروا في المدى القريب برفع سعر الفائدة الأخير من قبل بنك إنجلترا.

وأشار التقرير إلى أن التفضيلات المتغيرة، هي السبب الثاني وراء استمرار ارتفاع أسعار المنازل العالمية، حيث يعمل المزيد من الأشخاص عن بعد، ما يعني زيادة طلب على المنازل الأكبر.

ويفسر السباق على المساحة الأكبر نحو نصف مسببات ارتفاع أسعار المنازل البريطانية خلال الوباء، وفقاً لتحليل أجراه بنك إنجلترا.

ولا تزال معدلات ادخار الأسر في جميع أنحاء العالم الآن مرتفعة بشكل غير عادي، ما سمح للناس بالاستثمار أكثر في العقارات.

والسبب الآخر والأكثر أهمية، هو أن ارتفاع الطلب مقارنة بالعرض، حيث وجه الوباء ضربة للإمدادات في جميع أنحاء العالم، وخلال الموجة الأولى من «كوفيد-19» أجبرت بعض الحكومات شركات البناء على وقف المشاريع، أما في الربع الثاني من عام 2020 انخفضت المساكن الإيطالية الجديدة بنحو 25%، وفي بريطانيا بمقدار النصف.

وفي أمريكا كانت وتيرة زيادة الطلب سريعة جداًن لدرجة أن شركات البناء لم تتمكن من مواكبتها، بسبب النقص في المواد الأولية والأيدي العاملة.

ويكافح المقاولون مع ارتفاع التكاليف وتأخير المواد الخام كالإسمنت والنحاس والأخشاب والصلب وغلاء الأجور.

وأكدت شركة DR Horton المتخصصة بالإنشاءات المنزلية في أمريكا أن متوسط سعر مبيعات منازلها ارتفع بنسبة 14% في 2021، مما ساهم في نمو بنسبة 78% في أرباه السهم.

وهناك احتمالات بتراجع اختناقات العرض، وأشار صندوق النقد الدولي أن المشاريع السكنية التي بدأت على مستوى العالم للفرد قد بدأت بالارتفاع، إلا أنها لا تزال أقل بكثير من مستويات أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

وفي مايو 2021 قدر الباحثون في مؤسسة الرهن العقارية الفيدرالية فريدي ماك، أن الاقتصاد الأمريكي الذي يعد أكبر اقتصاد في العالم، واجه نقصاً بنحو 3.8 مليون منزل، مقارنة بـ2.5 مليون منزل في 2018.

وفي بريطانيا هناك حاجة إلى نحو 345 ألف منزل جديد سنوياً لتلبية الطلب، ولكن لا تزال الشركات بعيدة عن الهدف أكثر من أي وقت مضى.