الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

البنوك المركزية تستبعد «حصان طروادة» لكبح التضخم

البنوك المركزية تستبعد «حصان طروادة» لكبح التضخم

أرشيفية.

الخميس الماضي، تحركت البنوك المركزية في اتجاهات عدة لكبح التضخم، فبعد ساعات من إعلان نتائج اجتماعي الفيدرالي الأمريكي والمركزي الأوروبي اللذين أبقيا على سعر الفائدة، قرر بنك إنجلترا والمركزي الروسي رفع أسعارها، فيما يتخوف اقتصاديون من أن يتحول تأثيرات فيروس كورونا غير الواضحة على الاقتصاد العالمي إلى «حصان طروادة» لإجبار الحكومات على اختيارات خاطئة.

وبحسب «بلومبيرج»، استبعدت البنوك المركزية الكبرى في قراراتها الأخيرة وضع فيروس كورونا في صدارة التهديد لاقتصاداتها، حيث بات التضخم هو التهديد الأكبر الآن، فطوال عامين تقريباً، كان التحدي الرئيسي الذي يواجه السلطات النقدية هو توقع المكان الذي قد تظهر فيه الضربة الوبائية التالية، وتخفيف تأثيرها على النمو الاقتصادي والتوظيف.

وتحوّلت البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا، نحو تطبيق سياسة أكثر تشدداً، وهي ترى الآن أن كبح جماح الأسعار بات أولوية متقدّمة على حماية الإنتاج والعمالة من مزيد من تداعيات الوباء.

في السياق ذاته، أكد محافظو البنوك المركزية، في المؤتمرات الصحفية، أنهم يرون أن مخاطر الجائحة آخذة في التناقص، في حين بدا أن صبرهم قد نفد بشأن ضغوط الأسعار.

ورفض رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الاقتراح القائل إن البنك المركزي الأمريكي يجب أن يمتنع عن إنهاء ما يسمى بالتخفيض التدريجي بحلول مارس، بسبب تهديد الفيروس الأخير، وقال: «لا علاقة كبيرة لأوميكرون كثيراً بهذا الأمر».

واعترف باول بأن هناك الكثير من الأمور المجهولة التي تحيط بالمتغير الجديد، وأشار إلى أن آخر سلالة انتشرت في جميع أنحاء العالم، أضرت بجانب العرض للاقتصادات وتسببت في تقليص الطلب.

سلاسل التوريد

قال باول: «كان لسلالة دلتا تأثير على إبطاء التوظيف، لكنها أضرّت أيضاً بعمل سلاسل التوريد العالمية».

وفي أوروبا، أعادت الحكومات فرض بعض القيود، من توجيهات العمل من المنزل إلى قيود السفر التي رفعتها في وقت سابق من العام، بعد أن انتشرت الحالات بسرعة وامتلأت المستشفيات مرة أخرى، تعرّضت الحكومات للانتقاد لكونها مرتاحة للغاية بشأن التضخم في الأشهر الأخيرة.

أسباب التضخم

يرجع التضخم السائد اليوم في المقام الأول إلى الاضطراب الذي تسببت فيه الجائحة في سلاسل التوريد العالمية الرئيسية، في قطاعات مثل السلع الإلكترونية وإنتاج المركبات، وظهرت الاختناقات ونقص المدخلات الرئيسية، كما أدى التعافي الاقتصادي السريع في عام 2021 إلى الضغط على أسعار الطاقة، وخاصة أسعار الغاز الفورية في أوروبا.

الفيروس باقٍ

في قراءة أخرى للمشهد، تشير «بلومبيرج» إلى أنه وراء هذا التحوّل يكمن التقييم القائل إن «كوفيد-19» لن يختفي، وعلى الدول الغربية أن تكتشف كيفية التعايش معه، وهكذا سيكون تأثير كل طفرة فيروسية على الاقتصادات أقل من سابقاتها.

وتوضح «بلومبيرج» أنه في بدايات الأزمة، كان التركيز على عمليات الإغلاق كمثبط لطلب المستهلكين، وهو ما يمكن أن تساعد السياسة النقدية المتساهلة في دعمه، الآن، يشعر المسؤولون بالقلق أيضاً بشأن الطريقة التي تمنع بها القيود الصحية توريد البضائع ونقلها، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وتعزيز حجة رفع أسعار الفائدة.

سانجاي راجا، الاقتصادي في «دويتشه بنك» في لندن، يقول في تصريحات لـ«بلومبيرج»: «تتعلق الأطر الاقتصادية السابقة بما يحدث لنمو الطلب. الآن يتعلق الأمر بالضربة التي يتلقاها الطلب مقابل الضربة التي يتلقاها العرض. وهذا يغيّر كل الحسابات».

ووفقا لـ«بلومبيرج»، راهنت البنوك المركزية على أن الموجات الجديدة من الفيروس، أو على الأقل التأثير الاقتصادي لها، هو ما سيتحوّل ليكون أمراً مؤقتاً.