منذ انتشار وباء فيروس كورونا، ظهرت العديد من التنبؤات الاقتصادية التي تحقق بعضها والبعض الآخر تحول من سلبي لإيجابي، وتوقع مؤشر بلومبيرغ إيكونوميكس، أن يشهد العام المقبل حالة انتعاش قوية مع انخفاض في الأسعار والتخلي عن السياسة النقدية الطارئة.
والعالم على أعتاب استقبال العام الجديد 2022، وسط استمرار انتشار متحورات فيروس كورونا والتي كان آخرها متحور «أوميكرون»، بالإضافة إلى ظاهرة التضخم العالمية، واحتمالية رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، بالإضافة إلى تداعيات بريكست التي لا تزال مستمرة، ومعاناة أوروبا من الوباء، وارتفاع أسعار المواد الغذائية خاصةً في الشرق الأوسط.
وحدد مؤشر بلومبيرغ إيكونوميكس استناداً على هذه المعطيات الحالية المخاطر التي قد تواجه الاقتصاد العالمي في 2022.
أبرز التوقعات
أشار تقرير بلومبيرغ إلى أنه من الأبرز أن تكون الأوضاع أفضل من التوقعات، وقد تقرر الحكومات تمديد خطط الدعم المالي.
ومن المتوقع أن تسير بعض الأمور بشكلٍ أفضل مما كان متوقعاً، وقد تقرر الحكومات الإبقاء على خطة الدعم المالي، ومن الممكن أن تحفّز الخطة الخمسية الأخيرة للصين على زيادة الاستثمار، وقد تمول المدخرات الوبائية الإنفاق العالمي الهائل.
أمَّا قطاع السفر الذي بات على المحك منذ اندلاع الوباء، قد ينضرب مره أخرى في حال ظهور موجة جديدة من الوباء، ما سيؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، وهناك تأثير مشترك لذلك قد يؤدي إلى صدمة تضخمية مصحوبة بركود تضخمي.
وعلى صعيد السياسات الاقتصادية العالمية، قد تقوم الحكومات بتطبيق سياسة شد الأحزمة بعد الحوافز المالية لمواجهة الوباء.
وسيصل تراجع الإنفاق العام في 2022 إلى نحو 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي؛ أي نحو 5 أضعاف تدابير التقشف التي أبطأت التعافي بعد أزمة 2008.
وفي أمريكا تغير مسار السياسة المالية من تعزيز الاقتصاد إلى إبطائه في الربع الثاني من 2021، ومن المقرر أن يستمر هذا التحول خلال العام المقبل، على الرغم من أن خطط استثمار رعاية الأطفال والطاقة النظيفة التي وضعها الرئيس الأمريكي جو بايدن ستحد من العبء في حال تم تمريرها من قبل الكونغرس.
أسعار المواد الغذائية
وقد تشهد الاقتصادات المتهالكة في الشرق الأوسط، خاصةً لبنان والسودان واليمن، مخاطر اقتصادية عالية بسبب تداعيات الوباء والمخاطر الاقتصادية، بينما الاقتصاد المصري ميسور بشكل هامشي.
«أوميكرون»
أوضح التقرير أن الوقت لا يزال مبكراً لإصدار حكم نهائي بشأن تداعيات متحور «أوميكرون» الذي يبدو أنه أشد انتشاراً، إلا أنه أقل فتكاً من المتحورات السابقة، ما قد يساعد العالم على العودة بشكلٍ بسيط للوضع الطبيعي لما قبل الجائحة الناتج عنه إنفاق المزيد من الأموال على الخدمات.
وتسببت عمليات الإغلاق التي فرضها الوباء في السابق إلى توجه المستهلكين للإنفاق على العديد من الأمور البديلة، وستؤدي إعادة التوازن في الإنفاق إلى تعزيز النمو العالمي بنسبة 5.1%.
كما طرح تقرير بلومبيرغ سيناريو آخر في حال كان المتحور أشد فتكاً وتسبب بإعادة عمليات الإغلاق، فسيؤدي إلى إعاقة الاقتصادات، فعلى سبيل المثال بدأت بريطانيا بوضع بعض القيود على المسافرين والتي من الممكن أن تتسبب بتباطؤ نموها الاقتصادي بنسبة 4.2% للعام المقبل.
أمريكا
تجاوز حجم التضخم في أمريكا جميع التوقعات التي حددت ارتفاع نسبة التضخم إلى 2%، إلى أن التضخم وصل للحد الأقصى وبات يقترب من 7%.
وتشير توقعات بلومبيرغ، إلى حدوث انخفاض في التضخم الأمريكي للعام المقبل، مع احتمالية ارتفاع الأجور التي بدأت بالفعل بوتيرة سريعة.
ومن التبعات التي قد تنتج في حال تم رفع سعر الفائدة للعام المقبل بمعدل 2.5%، ارتفاع عوائد سندات الخزانة، ما قد يتسبب بركود في بداية عام 2023، وهبوط في الأسواق الناتجة التي تساهم في تعزيز أسعار الفائدة.
الصين
تراجع الاقتصاد الصيني خلال 2021 بسبب أزمة نقص الطاقة وعمليات الإغلاق المتكررة وانهيار السوق العقاري بنسبة 0.8%-.
ومن المتوقع أن تتراجع أزمة الطاقة في الصين خلال 2022، وعلى الرغم من ذلك قد يؤدي ضعف الطلب ومحدودية التمويل إلى تعرض البناء العقاري الذي يمثل نحو 25% من الاقتصاد الصيني لمزيد من الهبوط.
وتوقع بلومبيرغ إيكونوميكس أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 5.7% في 2022.
أوروبا
تشهد أهم اقتصادات الكتلة هذا العام انتخابات رئاسية، ففي إيطاليا من المحتمل أن تؤدي الصراعات على الرئاسة في الانتخابات المقررة في يناير المقبل إلى هشاشة التحالف في روما، كما تشهد فرنسا في أبريل المقبل انتخابات رئاسية وسط مواجهة الرئيس إيمانويل ماكرون للعديد من التحديات مع المعارضة، ما سيؤدي إلى الشك بقوة الاقتصادات الرئيسية في التكتل، وسينتهي المطاف بانهيار أسواق السندات الأوروبية، وحرمان البنك المركزي الأوروبي من الدعم السياسي المطلوب.
وتوقع المؤشر أن يتراجع الناتج الاقتصادي في أوروبا 4% بحلول نهاية عام 2022، ما قد يؤدي لحالة من الركود.
بريطانيا
من المقرر أن تبدأ المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشأن أيرلندا الشمالية في محاولة لترسيخ الحدود البرية المفتوحة والاتحاد الجمركي المغلق، ولا توجد أي إشارات إيجابية ترسم صورة إيجابية لنتائج المفاوضات، ما سيؤدي إلى ضرب الاستثمار التجاري وتقويض الجنيه وزيادة التضخم وتآكل الدخل الحقيقي، واندلاع حرب تجارية شاملة تؤدي إلى رفع أسعار التعريفات الجمركية وأزمة النقل إلى أعلى مستوى.
صراعات
من ناحية أخرى، قد يؤدي توتر الأجواء بين روسيا وأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار الغاز، بالإضافة إلى ظاهرة التغير المناخي التي ينتج عنها العديد من الظواهر المدمرة، وتشير بعض التوقعات إلى استمرار ارتفاع المواد الغذائية.
قد يؤدي أي تصيد بين البر الرئيسي الصيني وتايوان إلى التحول من الحصار إلى الغزو المباشر، ويجذب قوى عالمية أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة.
والسيناريو الآخر هو تطبيق عقوبات تجمد العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، ما يؤدي إلى انهيار إنتاج تايوان لأشباه الموصلات «الرقائق» التي تعتبر ضرورية لجميع الصناعات من الهواتف الذكية إلى السيارات.
ومن المقرر أن تجري البرازيل الانتخابات المقبلة في أكتوبر، وقد يزداد الوضع سوءاً على خلفية الاضطرابات الوبائية والركود الاقتصادي.
وفي تركيا، تدفع المعارضة إلى تقديم موعد انتخابات 2023 إلى 2022 بسبب تراجع العملة الذي يلقي باللوم على نطاق واسع على السياسات الاقتصادية التي اتبعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.