أكد اقتصاديون لـ«الرؤية» أن إقالة رئيس البنك المركزي التركي لن توقف نزيف عملة الليرة التي تأتي بالأساس من تزايد مخاوف المستثمرين حيال الأوضاع التي يمر بها اقتصاد أنقرة، إضافة إلى ظهور بيانات اقتصادية خاصة بمعدل التضخم والسياسة النقدية غير المستقلة والاحتياطيات الأجنبية المتهاوية.
وصدر مرسوم عن الرئاسة التركية، أمس السبت، يقضي بإقالة محافظ البنك المركزي، مراد أويصال، من منصبه وتعيين ناجي آغبال، رئيس إدارة الاستراتيجية والموازنة بالرئاسة، خلفاً له.
ويأتي القرار بعد هبوط قيمة الليرة التركية لمستوى قياسي، والذي تجاوز 8 ليرات ونصف ليرة مقابل الدولار الواحد، وأغلقت الليرة عند مستوى 8.54 أمام الدولار أمس الجمعة لتسجل تراجعاتها السنوية أكثر من 30% أمام الدولار هذا العام.
وأبقى البنك المركزي الفائدة عند مستوياتها السابقة وهو ما كان صادماً لدى المستثمرين وزاد قلقهم.
ورفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة إلى 10.25% في سبتمبر، وقد يشدد السياسة مجدداً لمنع تراجع قيمة العملة ومكافحة التضخم عند نحو 12%.
وقال نائب رئيس الاستثمار لدى «إن أي كابيتال»، محمد الشربيني، إنه في البداية يجب أن نعرف أن استقلالية البنوك المركزية أمر حتمي لأي سياسة نقدية ناجحة، وهذا ما لا نراه في حالة تركيا حيث إن الرئيس السابق للبنك المركزي التركي قد أقيل أيضاً في يوليو 2019.
وأضاف أن أي وضع اقتصادي يمكن تغييره بخطة واضحة وسياسة معتدلة، وهذا ما لا نجده أيضاً في حالة تركيا، حيث إن سياستها الخارجية تؤثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي هناك وهو محور حديثنا.
وتوقع أن تواصل الليرة التركية انهيارها مع استمرار سياسة تركيا الخارجية كما هي وسوف يستمر عزوف المستثمرين عن الاستثمار في تركيا لفترة ليست بالقصيرة، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من الشركات هناك مقترض بالدولار، وهو ما أغفلة البنك المركزي هناك وتسبب في جزء كبير من الأزمة التي قد تدوم طويلاً.
من جهته، قال رئيس شركة تارجت للاستثمار، نورالدين محمد، لـ«الرؤية»، إن المشكلة الرئيسية في الاقتصاد التركي عموماً وهو ما يلقي بظلاله على سعر العملة وانخفاض قيمتها أمام باقي العملات الرئيسية ولا تعد استقالة محافظ البنك المركزي نقطة تأثير مباشرة وقوية في الاقتصاد.
وأكد أن المشكلة الأكبر تكمن في السياسة العامة للدولة من انتهاج سياسات خارجية معادية للعديد من الدول الذي تربطهم بتركيا علاقات مشتركة ما جعل بعض الدول العظمى تتخذ إجراءات معادية اقتصادياً لتركيا و هو ما جعل رؤوس الأموال تهاجر من تركيا إلى الدول المجاورة والتي تملك معدلات مخاطرة أقل.
وأوضح أن قلة السيولة من العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم هي العناصر الأساسية التي أدت إلى تدهور الليرة ووصولها إلى المعدلات المتدنية الحالية أمام الدولار و العملات الأخرى.
وتوقع ألا يكون ارتداد الليرة من المستويات الحالية ما لم تتغير السياسات الخارجية للدولة وتعود الاستثمارات الأجنبية مرة أخرى، وتعود معدلات السيولة إلى الارتفاع، وبالتالي تعود المنظومة الاقتصادية في البلاد إلى العمل بكفاءة وهو ما يقود الليرة إلى التعافي مرة أخرى.
بدورها، أكدت دعاء زيدان، خبيرة أسواق المال بشركة تايكون لتداول الأوراق المالية أن وقوع المزيد من الضغوط من العملة والتضخم وتآكل احتياطيات النقد الأجنبي سيزيد بشكل كبير فرص زيادة أسعار الفائدة الرسمية بحلول نهاية 2020.
وقالت إن التغيرات المرتقبة في العلاقات الثنائية لتركيا مع الولايات المتحدة في ظل فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة، الأمر الذي يُضاف إلى الضغوط على الليرة، مشيرة إلى أن تشديد الائتمان في الأشهر الأخيرة لم يكن كافياً لعكس الاتجاه النزولي في عملة تركيا وفي احتياطيات النقد الأجنبي بشكل أقل.