السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

كيف تعاملت البنوك المركزية حول العالم مع جائحة كورونا؟

كيف تعاملت البنوك المركزية حول العالم مع جائحة كورونا؟

اتخذت الحكومات والبنوك المركزية تدابير تحفيزية قوية في محاولة لجعل الاقتصاد يتماسك وسط التحديات التي تواجهه وعمليات الإغلاق التي استمرت لفترة من الوقت والتي آلت لتعطل عجلة الإنتاج وكسر سلاسل التوريد العالمية، بسبب تفشي وباء كوفيد-19.

وكان توفير السيولة هو الشاغل الأكبر الذي سعت البنوك المركزية على الصعيد العالمي لإيجاد حلول فعالة له بعدما خلقت جائحة كوفيد-19 طلباً غير مسبوق على السيولة من قبل المؤسسات المالية والشركات والأسر.

وقال رئيس قسم الأبحاث لدى «Equiti Group»، رائد خضر في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»: إن من ضمن الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية خفض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوياتها التاريخية وضخ سيولة من خلال برامج التيسير الكمي والنوعي بالإضافة إلى توفير الائتمان للمؤسسات المالية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وأوضح أن الاقتصادات المتقدمة والناشئة شرعت على حد سواء في تلك التدابير، فيما لجأت الاقتصادات المتقدمة إلى أحجام أكبر من برامج التيسير النقدي مقارنة مع الاقتصادات الناشئة ولا سيما البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي لجأ إلى برنامج شراء سندات غير مسبوق.

وأشار إلى أنه منذ بداية تفشي فيروس كورونا لجأ الفيدرالي الأمريكي إلى حزمة قوية من التحفيز النقدي في محاولة للتصدي لتلك المخاطر فقام بخفض الفائدة مرتين خلال شهر مارس لتصل في النهاية إلى نسبة 0.25%، ثم أطلق برنامج شراء الأصول حجمه 700 مليار دولار.

وقال: يقوم الفيدرالي الأمريكي بطباعة النقود بطريقة مختلفة بعض الشيء. فمن خلال الحاسب الآلي يتمكن الفيدرالي من زيادة أرصدة البنوك الأمريكية لديه. باختصار هي دائرة تبدأ حين تذهب بنوك مثل «جولدمان ساكس» و«ويلز فارجو» و«مورجان ستانلي» لتشتري السندات من وزارة الخزانة، قبل أن تبيعها للفيدرالي، والذي يقوم بإيداع ثمنها إلكترونياً في أرصدة هذه البنوك.

وأوضح أن ما يجعل الوضع صعباً هو قدرة الاحتياطي الفيدرالي على طباعة النقود فعلياً بدون وجد غطاء نقدي، حيث يرى البعض أن الفيدرالي قادر على الاستمرار في تلك السياسة الفترة المقبلة وقد يصل حجم برنامج التيسير النقدي إلى 2.3 تريليون دولار قبل نهاية العام كما أكد على هذا محافظ البنك جيروم باول منذ وقوع الأزمة.

وأشار إلى أن طباعة النقود المستمرة بوتيرة كبيرة قد يتسبب في تشوه التوازن الكلي وبالتالي قد يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة بوتيرة سريعة مع زيادة المعروض النقدي، الأمر الذي سينتهي بارتفاع معدلات التضخم بأكبر من النطاق المحدد وركود تضخمي، بالإضافة إلى ارتفاع عجز الحساب الجاري وخلق حالة من عدم اليقين وتراجع الاستثمارات.

وذكر أن مستويات الدين ارتفعت كثيراً في الآونة الأخيرة، كما أن التخلف عن سداد الديون السيادية في العالم خاصة النامي مهيأ للارتفاع، حيث يتوقع البنك الدولي أن ما يُقارب من 60 مليون شخص على الصعيد العالمي سيساقون إلى الفقر المدقع نتيجة تفشي هذا الوباء.

وأوضح أن الأسوأ يبدو قد ولّى خاصة مع عودة البلاد في الفتح جزئياً ودوران عجلة الإنتاج وإن كانت بوتيرة بطيئة نوعاً ما خاصة مع عدم التوصل إلى لقاح للفيروس حتى وقتنا هذا، لذا تبقى المشكلة قائمة ولن يكون الانتعاش سريعاً مثلما انهار الاقتصاد وستكون هناك فترة زمنية طويلة قبل أن يعود الاقتصاد العالمي إلى مستويات ما قبل عام 2020.

وقال إن ما يبقى الخيار الأفضل الآن هو توجه الدول أكثر إلى سياسات تحفيزية مالية بدلاً من نقدية، حيث إن استمرار خفض الفائدة سيقود إلى الإضرار بالنظام المالي وأرباح البنوك والمؤسسات المالية. وبالتالي فاللجوء إلى سياسات مالية سواء بخفض الضرائب أو وزيادة الإنفاق الحكومي هو ما سيسهم في دفع الاقتصاد العالمي بعيداً عن الانكماش وتسجيل نمو مستدام.