الجمعة - 27 ديسمبر 2024
الجمعة - 27 ديسمبر 2024

الريال اليمني يسجل أدنى مستوى منذ أكتوبر 2018

الريال اليمني يسجل أدنى مستوى منذ أكتوبر 2018

سجل الريال اليمني أدنى قيمة له أمام العملات الأجنبية، للمرة الأولى منذ أكتوبر 2018، في أحدث نكسة يواجهها الاقتصاد اليمني، الذي عانى خسائر متتابعة منذ 2015، دون أن تعطي الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي اليمني أي جدوى للحفاظ على قيمة الريال.

وتداولت محلات الصرافة الدولار الواحد، يومي الثلاثاء والأربعاء، واليوم الخميس بـ730 ريالاً يمنياً، وهي أدنى نقطة انهيار للريال منذ أغسطس 2018 عندما تجاوز الدولار الواحد 800 ريال يمني، قبل أن يعود للاستقرار ما بين 550 إلى 650 ريالاً.

وبدأ التراجع الحاد للريال اليمني في يوليو 2018، بعد أن كان قد استقر عند 480 ريالاً للدولار الواحد، خلال 6 أشهر، حيث تتابعت هذه النكسات في قيمة الريال نظراً لعدم وجود حلول جذرية واستنفاد الوديعة السعودية (2 مليار دولار) التي كانت قد أودعت لمواجهة الواردات اليمنية بالاعتمادات المستندية، بحسب الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، الدكتور محمد قحطان.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد قحطان، في تصريحات لـ«الرؤية» إن البنك المركزي في محافظة عدن بات اليوم عاجزاً عن استقبال الاعتمادات المستندية من التجار المستوردين من الأسواق الخارجية، واضطر التجار إلى سحب العملة الصعبة من السوق التي ازداد عليها الطلب، وهو ما تسبب في انهيار قيمة الريال.

وأضاف: «طالما أن البنك لا يستطيع تغطية احتياجات التجار الموردين فإن المشكلة ستظل قائمة»، لافتاً إلى أن هناك أسباباً أخرى في هذا الانهيار السريع متعلقة بالفساد وعدم قدرة الشرعية على السيطرة على الأوعية الإيرادية أو وضع برنامج تقشفي لمواجهة الإخفاقات المستمرة في هذا الجانب.

ودشن البنك المركزي بالتعاون مع نيابة الأموال العامة في العاصمة المؤقتة عدن، الثلاثاء الماضي، حملة واسعة ضد المتلاعبين بالمضاربة بأسعار الصرف، المتسببين في تدهور قيمة العملة المحلية «الريال اليمني» مقابل العملات الأجنبية.

وقال البنك، في بيان حصلت «الرؤية» على نسخة منه: إنه «تم النزول إلى شركات ومنشآت الصرافة في عدن للتأكد من مدى التزامها بالقوانين والتعليمات الصادرة من البنك المركزي، بهدف وقف هذا التدهور والتلاعب بالعملة، وضبط سعر الصرف».

ولفت البيان إلى أنه تم الكشف عن عدد من المنشآت وشركات الصرافة المخالفة، وتم اتخاذ عدد من العقوبات عليها منها إغلاقها بأوامر من نيابة الأموال العامة، منوهاً إلى أن البنك سيستمر في حملاته لتشمل جميع المحافظات، وسيتخذ إجراءات قانونية صارمة تجاه المخالفين بما فيها سحب التراخيص والإحالة للقضاء.

واعتبر الخبير الاقتصادي الحملة التي ينفذها البنك لإغلاق المصارف مجرد إجراء أمني، ولن يؤدي إلى أي أثر ملموس، لأن المشكلة اقتصادية، وينبغي أن تكون المعالجة اقتصادية، وهذا الإجراء ليس المطلوب لمواجهة الانهيارات السريعة للريال اليمني مقابل العملات الأجنبية.

وألقى هذا التدهور بتبعاته على الجانب المعيشي، إذا تحدث سكان في محافظة عدن عن تفاجئهم بارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 20% عما كان عليه الوضع الأسبوع الماضي، في وقت برر فيه التجار هذا الارتفاع بالتغيرات المتعلقة بقيمة الريال.

وعن إمكانية معالجة هذا التدهور، أشار الخبير الاقتصادي إلى أنه ينبغي على الحكومة وضع برنامج تقشفي يؤدي إلى إصلاح جذري في الفساد الحاصل في الجانب الإداري والجانب الاقتصادي، والحكومة تقف عاجزة في إحداث أي تغيير في هيكلها الحالي، مشدداً على أنه ما لم تستطع الحكومة مواجهة الاختلالات في هيكلها الإداري، وبالتالي مواجهة بؤر الفساد، ووضع برنامج تقشفي، يؤدي إلى توفير العملات الأجنبية التي تستنزف بصور مختلفة، فستظل المشكلة قائمة.

ويرى الدكتور محمد قحطان أن الاهتمام بالنفط وتصديره لتوفير العملات الأجنبية من ضمن الحلول المقترحة، فإذا ما وجد مبلغ مناسب في خزينة البنك المركزي من العملات الأجنبية يمكن مواجهة هذا الانهيار المتسارع.

وأضاف: «عدم استقرار الشرعية والوضع المتفجر في المحافظات الجنوبية، بالإضافة إلى استمرار الحرب، فمن غير ممكن معالجة هذا الجانب، ومن الضروري التسريع بإنهاء الحرب وتحقيق السلام، هذا هو الحل الوحيد والدائم لمواجهة كل المشاكل التي تتفاقم من وقت إلى آخر وتؤدي إلى انهيارات متعددة الجوانب».

وفي 2015، كان الدولار الأمريكي مستقراً عند 215 ريالاً يمنياً، لكن انقسام إيرادات البلاد بين الشرعية والحوثيين خلال الحرب تسبب في اختلالات عدة في الجانب الاقتصادي، ألقت بتبعاتها على أسعار العملة، خاصة بعد منع الحوثيين تداول الأوراق النقدية المحلية حديثة الطباعة في مناطق سيطرتهم، وإنشائهم نظاماً اقتصادياً مستقلاً في مناطق سيطرتهم عن نظام البنك المركزي في العاصمة المؤقتة عدن.