وتوقع معهد التمويل الدولي حدوث تداعيات سلبية على نمو الاقتصاد العالمي، بسبب فيروس كورونا بمعدل أكبر من فيروس سارس في الصين خلال عام 2003، نظراً للانتشار الأسرع لفيروس كورونا، واستحواذ الصين على نصيب كبير من سلاسل التوريد العالمية، مقارنة بما كانت عليه في عام 2003
ويناهز حجم التبادل التجاري بين الصين ودول الخليج العربي، نحو 100 مليار دولار سنوياً، وتستثمر نحو 5 آلاف شركة صينية في دبي وحدها، وتقدر الاستثمارات الخليجية في الصين بقرابة 10 مليارات دولار
وتعد الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، وتسبب الفيروس في تراجع طلب الصين على النفط بقرابة 20% يومياً، من استهلاك يومي، يناهز 14 مليون برميل، تعادل احتياجات دول: اليابان، وكوريا الجنوبية، وبريطانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا، وفرنسا
ويتوقع خبير أسواق المال محمد الشميمري، تأثيراً سلبياً لفيروس كورونا على أسعار النفط، والتجارة المباشرة مع الصين، لا سيما أن الصين من أكبر الشركاء التجاريين مع السعودية وبعض دول الخليج
وأضاف أن قطاع البتروكيماويات سيكون الأكثر تأثراً، مع تأثر محدود لقطاع السياحة والطيران، والذي يعتمد بدوره على النفط بشكل غير مباشر
وأوضح أن تأثير الفيروس يعتمد على استيعاب اقتصاديات الخليج للأزمة، وإيجاد علاج فعال له، لافتاً إلى أن فيروس سارس السابق، كلف الاقتصاد العالمي، نحو 40 مليار دولار
وبلغ التبادل التجاري بين السعودية والصين خلال العام 2018، نحو 63.3 مليار دولار، منها صادرات سعودية بقرابة 48.59 مليار دولار، وبلغت صادرات النفط منها نحو 29.6 مليار دولار
وشهدت الفترة الماضية إيقاف الشركات العالمية لمصانعها في ووهان الصينية، وبعض مدن الصين الأخرى، مع توقف حركة السفر من الصين وإليها، وهو ما يؤثر على حركة التجارة والطلب على النفط
ودعت السعودية أوبك والمنتجين من خارجها لاتخاذ خطوات من أجل تعميق خفض إنتاج النفط، رداً على تداعيات فيروس كورونا، وإبقاء الأسعار فوق 50 دولاراً للبرميل. وكانت منظمة «أوبك» وحلفاؤها، قد توصلوا إلى اتفاق لتعميق خفض إنتاج النفط بقرابة 500 ألف برميل، يومياً، بداية من يناير الماضي، ليصل إجمالي الخفض إلى 1.7 مليون برميل، يومياً، حتى نهاية الربع الأول من 2020، بدلاً من 1.2 مليون برميل، يومياً، كما في الاتفاق السابق، وأكدت المملكة التزامها بتخفيض إنتاجها النفطي بواقع 167 ألف برميل، يومياً، وفقاً للاتفاق
وكانت مؤسسة البترول الكويتية أعلنت عزمها زيادة صادراتها من النفط الخام إلى الصين، لأكثر من 600 ألف برميل، يومياً، بحلول 2020، في الوقت الذي تتراجع فيه أسعار النفط مع انخفاض حجم الطلب، وتقدر الإيرادات النفطية للكويت بقرابة 13.86 مليار دينار (45.6 مليار دولار)، تمثل 87.67% من إجمالي إيرادات الكويت.
وعلى وقع كورونا، خفَّضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تقديراتها لأسعار النفط خلال 2020، لمتوسط سعر «نايمكس» إلى 55.71 دولار للبرميل، خلال العام الجاري لتتراجع توقعاتها 6% عن التقديرات السابقة في يناير الماضي
وقال جون لوكا، مدير التطوير لدى شركة «ثانك ماركتس» ومقرها دبي، إن فيروس كورونا يؤثر بالسلب على حركة التجارة والسفر بين دول الخليج العربي والصين، لا سيما مع إيقاف الكثير من رحلات الطيران إلى عدد من المدن الصينية، وتوقف طلبات السلع الصينية، تخوفاً من انتشار الفيروس
وأضاف، أن العلاقات التجارية المتشعبة لمدينة ووهان الصينية، معقل الفيروس، ساهمت في نشره بأغلب مدن الصين، وبالتالي انتشاره عالمياً، وهو ما تسبب في رحيل موظفي الشركات العالمية، وبالتالي تأثر الإنتاج والتصدير لدول العالم، ومنها دول الخليج العربي.
وعن بدائل مواجهة اقتصاديات الخليج لتأثير الفيروس، قال لوكا، إن الدول مطالبة بتأثير، وقياس أثر تداعيات فيروس كورونا على اقتصادها، وطرق مواجهتها، والبحث مبكراً عن بدائل للصادرات والواردات، وتعزيز القدرة الإنتاجية، وإمكانية استبدال بعض الواردات بالبديل الوطني.
وبحسب بيانات حديثة لصندوق النقد العربي، شهدت الصادرات العربية إلى كلٍّ من: الصين، والولايات المتحدة الأمريكية، نمواً ملموساً خلال العقد الأخير، حيث ارتفعت قيمتها إلى ما يقارب 185 مليار دولار في المتوسط، خلال الفترة (2011 إلى 2018) مقابل 22 مليار دولار لمتوسط الصادرات العربية إلى الدولتين، خلال الفترة (1995 إلى 2000) بما يمثل نحو 9 أضعاف
يلاحظ في هذا الصدد، ارتفاع الأهمية النسبية لصادرات الدول العربية إلى الصين، مقارنة بصادراتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بداية من عام 2009، فعلى سبيل المثال شكلت صادرات الدول العربية إلى الصين في عام 2018، نحو 2.3 ضعف صادراتها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب الصندوق، تبلغ مساهمة قطاع النفط في 8 دول عربية ما يتراوح بين 30 إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وما بين 67 إلى 89% من إجمالي الإيرادات العامة، ونحو 33 إلى 95% من إجمالي الصادرات.