وعقب اختتام الاجتماع الوزاري السادس والعشرين لأوبك والدول المنتجة للنفط غير الأعضاء في أوبك والذي أقيم افتراضياً عبر الفيديو في 2 مارس، أكد المشاركون ضرورة الالتزام بخطة تعديل الإنتاج وآلية تعديل الإنتاج الشهرية المعتمدة في الاجتماع الوزاري التاسع عشر، والتأكيد على قرار تعديل الإنتاج الشهري الإجمالي بزيادة 0.4 مليون برميل في اليوم لشهر أبريل 2022.
ومع اشتداد الأزمة الروسية الأوكرانية، تنامت الدعوات لمقاطعة النفط الروسي، وطالبت 465 منظمة في 50 دولة من حكوماتها التوقف عن استخدام مصادر الطاقة الروسية.
وأشار تقرير نشرته صحيفة دوتشيه فيليه إلى أنه من الصعب القيام بمقاطعة النفط الروسي، لأن ذلك سيقوم برفع الأسعار بشكل جنوني.
وفي تحليل لسوق النفط نشره معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة الأسبوع الماضي، صنفت روسيا ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم، حيث ضخت نحو 14% من إجمالي الإنتاج العالمي في عام 2021، ونحو 60% من صادرات النفط الروسي تتجه إلى أوروبا، بينما تستقبل آسيا 35%.
وبحسب تحليل الخبراء فإن أوروبا لوحده تدفع لروسيا ما يقارب 382 مليون دولار يومياً مقابل النفط.
وتعد أهمية النفط الروسي أحد أسباب عدم فرض أي عقوبات دولية لحظره، وفي حال أرادت الحكومات القيام بذلك فمن الصعب استبداله، والأهم من ذلك سيكون أمر تجنب حصول ارتفاع في الأسعار في غاية الصعوبة.
وحتى قبل اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، كانت أسعار النفط تشهد ارتفاعاً خلال فترة التعافي العالمي من الجائحة، وكان الطلب أعلى من المتوقع، مقابل تباطؤ العرض من قبل المنتجين.
وتسببت الحرب في أوكرانيا والمخاوف من حدوث مزيد الاضطراب في السوق، في حدوث ارتفاع في أسعار النفط، ووصل سعر خام برنت يوم الإثنين إلى 139 دولاراً وهو أعلى سعر قياسي منذ عام 2008 عندما وصل إلى 147.50 دولار، ويعتبر خام برنت مقياساً لقيمة ثلثي النفط العالمي.
ووفقاً لتقرير معهد أوكسفورد، يتوقع المحللون أن يُراوح متوسط سعر النفط بنحو 116 دولاراً للبرميل هذا العام.
لا مؤشرات على زيادة الإنتاج
وأكد الخبير الاقتصادي أحمد معطي، في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»، أنه وفقاً لآخر التحديثات، فإنه لا توجد أي مؤشرات على زيادة كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إنتاج النفط، وذلك بسبب وجود روسيا كعضو في منظمة أوبك، وبالتالي أي اتفاق على زيادة الإنتاج يجب أن يكون بموافقة جميع الدول الأعضاء.
وبالتالي من غير المتوقع أن توافق روسيا على زيادة إنتاج النفط الخليجي، وبالتالي من غير المتوقع صدور أي قرارات بزيادة الإنتاج خلال الاجتماع القادم.
وأشار إلى أن السعودية والإمارات قامتا بالفعل بتزويد الإنتاج، وأشار إلى أنه حتى لو تمت زيادة الإنتاج مرة أخرى، فمع ذلك لن يسد ذلك كميات النفط الروسي.
وأضاف أن السعودية تستطيع أن تزيد إنتاجها عن الوقت الحالي بنحو مليون برميل إضافي، مقابل نصف مليون برميل من الإمارات، وهي كمية لا تعادل نقص الكمية المنتجة من الجانب الروسي.
وأوضح أن التراجع بأسعار النفط هو انتهاء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ارتفاع الإنتاج يساعد على انخفاض الأسعار
يرى المحللون أن رفع الإنتاج هو السبيل الوحيد لخفض أسعار النفط، وبحسب تقرير دوتشيه فيله، فإن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، هما المنتجان الوحيدان للنفط اللذان يمكنهما زيادة الإنتاج الفائض بسهولة نسبياً.
وقالت كارين يونغ المدير المؤسس لبرنامج الاقتصاد والطاقة في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، إنه على الرغم من صعوبة إعادة توجيه أسواق النفط بسهولة، وإن زيادة إنتاج النفط الخليجي لا تعني زيادة الصادرات بشكل مباشر إلى أوروبا، إلا أن زيادة إنتاج النفط الخليجي سيحدث فرقاً كبيراً لخفض الأسعار في السوق العالمية.
وفي أحدث اجتماع لمنظمة أوبك+، ومنظمة البلدان المصدرة لبترول أوبك والحلفاء بقيادة روسيا، اتفق الأعضاء على عدم الخروج عن خطة الإنتاج الموضوعة سابقاً هذا العام، وترغب المجموعة في زيادة الإنتاج ببطء في 2022 بعد أن أدت جائحة كورونا إلى انخفاض تاريخي في الطلب.
وخلال اجتماع الذي عقد في 2 مارس، قال أعضاء أوبك بلس البالغ عددهم 23، إن الإنتاج سيزيد بمقدار 400 ألف برميل يومياً في أبريل.
ومن جانبه أوضح حسن الحسن الباحث في سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أن منظمة أوبك لديها سياسة تتمثل في عدم تغيير الإنتاج أو العرض على أساس الأحداث الجيوسياسية، إنما تتغير فقط استجابة للتغيرات في أساسيات السوق.
وأوضح التقرير أن الرد العالمي ضد الحرب الروسية على أوكرانيا، بما في ذلك ما يسمى باستراتيجيات العقوبات الذاتية، حيث رفض عمال الموانئ في جميع أنحاء العالم بتفريغ النفط الروسي، في حين أن الممولين الخائفين من العقوبات يرفضون تقديم الائتمان أو طرق الدفع لصفقات النفط الروسية، وجميع هذه الأحداث قد يكون لها تأثير على استعداد المملكة العربية السعودية لتغيير سياسة الإنتاج.
وأشار تقرير آخر نشرته مجلة نيكي آسيا اليابانية، إلى أن المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة فقط من بين العديد من الدول المنتجة للنفط يمكنها زيادة الإنتاج، ويرجع ذلك لأن العديد من الدول لديها طاقة فائضة قليلة بسبب نقص الاستثمار في إنتاج النفط وزيادة الإنتاج.
ويرى تاكاشي هاياشيدا الرئيس التنفيذي لـ«أليمينتس كابيتال»، أن الزيادة في الإنتاج قد لا تغطي بالكامل الزيادة في الطلب.
ووفقاً لتقرير لبنك Goldman Sachs نشر الأسبوع الماضي، قد يكون خفض الطلب هو الخيار الوحيد للحد من ارتفاع أسعار الطاقة، وأوضح التقرير أيضاً أن استمرار الأسعار المرتفعة قد تؤدي بشكل مباشر على تقليل الاستهلاك أو تباطؤ اقتصادي شامل يؤدي في النهاية إلى انخفاض الطلب.